من علماء تازة النجباء [COLOR=darkblue]أبو عبد الله محمد بن شعيب المجاصي كان حيّا سنة ( 743 ه ) ج2[/COLOR] - الحالة السياسية والاجتماعية - تحدثنا قبل عن نسب محمد بن شعيب المجاصي ، وكيف أنه نشأ في تازة (قبيلة مجاصة ) ثم انتقل إلى مدينة فاس ليدرس عن شيوخها إضافة إلى علماء تازة كابن بري الذي أخذ عنه وتتلمذ على يديه ، كما صرح بذلك في مقدمة "شرح الدرر اللوامع " . وقبل أن نتحدث عن جهوده في خدمة علوم القرآن من خلال تأليفه لكتابين في هذا العلم هما : رجز غريب القرآن وشرح الدرر اللوامع ، واللذان اعتنى بتحقيقهما الدكتور عبد اللطيف الميموني في أطروحة له مرقونة بدار الحديث الحسنية بالرباط ، وبإشراف الدكتورين محمد الرواندي وعبد الرزاق هرماس . نقف في هذا الجزء للحديث عن الحياة السياسية والاجتماعية في العصر الذي عاشه محمد بن شعيب المجاصي ، هذه الحقبة التي اخترناها مهمة في تاريخ تازة وفي تاريخ المغرب ، لأنها الفترة التي كان الحكم فيها لبني مرين خلال المائة الثامنة ، والمتتبع لتاريخ تازة عموما يقف على ما شيده بنو مرين بالمدينة وما تميزت به تازة في هذا العهد ، ويكفي الاستدلال على حبهم للمدينة أنهم كانوا يقتطعونها لثاني أبنائهم بعد فاس ، وأنهم كانوا أول من أبدع في توسعة المسجد الأعظم بالمدينة (مفخرة تازة )، حيث أتموا شطره الثاني ، فأضافوا فيه ست بلاطات وقبة مشرفة على المحراب وزيّنوه بثريا فريدة أمر السلطان أبو يعقوب يوسف المريني بتعليقها سنة 694ه . وبالرجوع إلى الحالة السياسية في هذا العصر ، نجد أن بنو مرين الذين قاموا على أنقاض دولة الموحدين ابتداء من سنة 613 ه ، اتخدوا من مدينة فاس عاصمة " إدارية وعلمية لهم ، و أسسوا المدينةالبيضاء المعروفة بفاس الجديد" . وكان آخر ملوك المرينيين عثمان بن أحمد بن أبي سالم ، بويع يوم الثلاثاء الموفى ثلاثين لجمادى الأخيرة من عام ( 800 ه ) ، وقد ملك المغرب على أحسن حالة من العدل وإقامة الشرع . وهذا التقارب الجغرافي والمحور الاستراتيجي ، جعلهم يهتمون بالمدن المجاورة خاصة التي كانت تشهد حركة فكرية وعلمية ، وهو ما كانت تعرفه تازة تلك الفترة وأسهم فيه علماء نجباء أمثال المجاصي وغيره . أما الجانب الاجتماعي لهذه الفترة فكانت متميزة ، فقد شهدت فاسوتازة تشييد ساحات كبيرة لألعاب الفروسية واستعراض الجيوش في المناسبات : " ويروي بعض المؤرخين أن هذا العرف الاجتماعي كان في الأندلس ، ثم انتقل إلى المغرب واشتهر في ضاحية فاس وناحية تازا " . وكذلك إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بالطريقة التي تليق بالمقام النبوي ،" وكان أول من أحيا هذه الذكرى قاضي سبتة ، أبو العباس اللخمي السبتي ( ت : 633 ه ) ، وذكر بعض المؤرخين أن سبب ذلك اتباع المسيحيين في لإقامة النيروز والمهرجان وميلاد المسيح عليه السلام ، ففكر في أمر يشغل الناس عن هذه البدع ويقضي على هذا المنكر ، ولو بأمر مباح ، فوقع في نفسه أن ينبه أهل زمنه على الاعتناء بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ،وقد احتفل المرينيون بهذا المولد ، وبدأ أيام عبد الحق فأقام ليلة المولد بفاس . " فاعتبر يوم ( 12 ) ربيع الأول يوم عيد ديني ، تعطل فيه الأعمال ، فتقام الأفراح وتزين المرافق بالأضواء ، ويُتجمل بأحسن الثياب ، إظهارا للبهجة والسرور والفرحة والحبور ، وكانت المساجد والكتاتيب القرآنية تحتفل بهذه المناسبة ، من أول يوم ربيع الأول إلى يوم ( 12 ) منه ، وهو يوم المولد النبوي ، وطيلة هذه الأيام تردد الصلوات والأذكار والابتهالات والموشحات الأندلسية ، وهذه العادات جارية إلى اليوم ، ولاسيما في مناطق غمارة . وكان موقف المجاصي من كل ما يدور في عصره هو تطبيقه واحتكامه للمذهب المالكي السائد آنذاك ، مما يؤكد أنه تأثر بالسائد في عصره ،ولأنه يتعذر الوقوف على ما ميّز فكره بهذا الخصوص ، ظهر ذلك جليا في تآليفه من خلال استنتاج مالكيته ودوده عن أعراف ومبادئ المذهب ، يقول د. الميموني " كان المجاصي مالكي المذهب ، وكان يستشهد لفتاوى الإمام مالك – رحمه الله – في مواطن كثيرة ، كما يذكر الأحكام الفقهية وفق التي استقاها من أعيان المذهب المالكي " وهذا يؤكد ما ذكرنا آنفا . ----- [ALIGN=LEFT]---------- عبد الكريم بناني e-mail :[email protected] [COLOR=red]الهوامش[/COLOR] - روضة النسرين في دولة بني مرين : 19 ، لإسماعيل ابن الأحمر ، تحقيق : عبد الوهاب بن منصور ، ط . 2 – 1991 . - نفسه : 51 . - ورقات عن الحضارة المغربية .الأستاذ المنوني : 43 ، وأزهار الرياض : 1 / 205 ، 2 / 316 .مطبوع بهامش ابن بري التازي .الأستاذ محمد المنوني .ط.وزارة الأوقاف بالمغرب . - المنوني في الورقات : 266 . - يقصد بهذه الكلمة " المهرجان " العنصرة حيث يحتفل بذكرى عيد ميلاد النبي يحيى عليه السلام ، ويصادف يوم : 24 يونيه [ الورقات : 282 ] . ينظر بحث جهود أبي عبد الله المجاصي في خدمة علوم القرآن .د.عبد اللطيف الميموني 1/18-20 بتصرف . - يراجع للتوسع : الطابع الخاص للحضارة المغربية في العصر الوسيط " مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية : جامعة محمد الخامس ، العددان : 3 ، 4 مزدوج ، سنة : 1978 . والمولديات في الأدب المغربي : دعوة الحق ، ص : 62 ، 65 ، السنة : 11 ، عام : 1968 . بحث جهود أبي عبد الله المجاصي في خدمة علوم القرآن .د.عبد اللطيف الميموني 1/20 .