● تلفريك المدينة : 1- عاليا عاليا ننطلق، تمرون، ونمر جميعا. إنها السعادة من عل، عنها نتحدث ومراكبنا تنساب في الهواء هادئة، وهي معلقة على حبال زلقة. سيرها على شكل دبيب هوائي، لا توقفها سوى رغبة الراكب متن القفص المعلق. نعم نعيش أجمعين بدءا من اليوم سعادة ترفرف في العلي. ستة، ستة في الواحد، وأقفاصنا الألف تتوجه في الهواء، وتسري عابرة خطوط الجو، متموجة حولها. وها أنتم تحيون المدينة من عل في طواف يستجلي أملاك معالمها : باب الجمعة بسلمها الحجري، سلسلة أسوار باب الريح أين تتوالد دورات الرياح والعواصف، الجامع العتيق بأبوابه التسعة، باب الزيتونة اسم لذاكرة الأشجار، المشور الفسيح ببواباته القديمة، باب الشريعة حيث ساد تاريخ العدول، ثكنة البستيون تاريخ للمدافع. بوابات، أسوار، حصون، قلاع، أبراج، مراصد، أضرحة، حمامات، فنادق، أفران، مداخن، أزقة ضيقة، دروب متعرجة، سقيفات، أقواس، سبل ملتوية مفتوحة، وأخرى مغلقة، سراديب، ملاجئ، قباب، سقاءات، مدارج، سقوف قرميدية، سطوح متحاذية، صنابير، نافورات، مداخل، قصور صغيرة، أفنية، صفوف الدور، أسواق، وسابلة. نتطلع إلى أسرار المدينة في سطوع، لكن على عكس ما كان في السابق، أي أننا نشرئب إلى الأسفل من الأعلى، والمدينة التي كانت منذ القدم عليا وسفلى؛ تصير كلها سفلى وطيئة، وأنتم الأعلون سائرون، وهي تستمر تحتكم تكشف خباياها. تجيبكم أزقتها زقاقا زقاقا عما تطرحون من سؤال حولها، فهي من عل جلية عارية لا تكتم سرا. - يتبع - ● محمد الفشتالي