استوقفني عنوان "المواطنة الصالحة " كمفهوم جد هام في زمن التحولات الكبرى التي عرفتها أوروبا الرأسمالية ، على اعتبار أن هذا المفهوم مرتبط ارتباطا وثيقا بوطن ذا حدود جغرافية ، و دولة ذات سيادة و مواطن ذا حقوق و واجبات ، لكن هذا البحث النظري الشائك ما كان لينجز كثورة عامة في أوروبا الرأسمالية لولا التضحيات الجسام التي قدمت عبر مسار تاريخي طويل كانت نهايته مصالحة مع الذات و مع المواطن ، لكن في وطني حيث الشعارات أصبحت تلف مشهدنا السياسي تنقلب المفاهيم ليصبح "المواطن الصالح"هو المواطن الصامت ، الساكت ، الخانع ، الخاضع للسلط بمفهومها العام ، يتغذى من حليب أم جاف و يقتات من ينابيع ثقافة مكسوة بقيم القمع و القتل بمفهومه المادي و المعنوي ففي هذا الزمن المسمى زمن الحداثة و العهد الجديد و الثقافة الجديدة و اللغة الجديدة و المصالحة و الإنصاف ... الخ كل شيء فيه جديد لمن أراد أن يؤثث فضاءه ليعرضه على الخارج كسلعة تزين ظاهر مشهدنا السياسي لنكتسب عطف العالم ، لكن عمقه موبوء و لا يحس بناره إلا المواطن العادي "الصالح" الذي يعاني من كل شيء إلا ما تدعيه الدعاية الرسمية و على الخصوص الإنسان في العالم القروي ، المغرب الحقيقي الغير مرتبط لا بشبكة الطرق السيارة و لا بعالم التمدن و التكنولوجيا الرفيعة ، مواطن لا يعرف من الشعارات الرسمية و العولمة إلا المعانات اليومية . -----------