ما حدث في العمليات الإنتخابات بهذا الوطن وفي كل المجالات من بيع وشراء في البشر لا الأصوات فقط ، يجعلنا نطرح سؤال واحد: هل بقي لنا شيء من ضمير الإنسانية نعرف به الحق من الباطل؟ فعندما يبيع المواطن العادي صوته الانتخابي إلى مرشح فاسد لا يهمه غير الوصول إلى صندوق ميزانية الجماعة،فإن الأمر أصبح شبه عادي لدى الكثير خصوصا الفقراء والأميين ويسيطر أصحاب الشكارات الأميين على مراكز القرار عوض أصحاب المشاريع التنموية والكفاءات العملية، وبالتالي تضيع حقوق الجماعة والفرد والدولة ، وعوض السير إلى الأمام نعود للوراء، وحالنا "يشفي العديان". لكن المصيبة هي عندما يبيع المستشار الجماعي والبرلماني... نفسه هو الآخر لمن يدفع أكثر فإنها الكارثة ،لقد أصبحوا مثل أتفه الأشياء يعرضون في المزاد السري،ويتم تهريبهم مثل المخدرات، واحتجازهم كالعاهرات حتى لا يرتمون في حضن من يدفع أكثر... الانضباط السياسي والحزبي أصبح في خبر كان ،لأنه أصلا اشترى التزكية ورأس اللائحة.. فلا لوم عليه، خصوصا عندما يغير المنتخب "المتحزب" الحزب مثل تغيير الجوارب، ينتقلون كالقطط من مزبلة إلى مزبلة.. ، وتحدث خيانات حزبية عديدة، وتحدث تحالفات غريبة، من اجل غرض في نفس يعقوب...والسؤال هو من سمح لهم بهذه التحالفات الهجينة دون أي استشارة؟ هل إنفاق كل هذه الملايير من أجل مصالح المواطنين؟ كل هذا الحب من أجل سواد عيوننا ؟ أي نوع من الحب لنا من هؤلاء العظماء وهم يتقاتلون من أجل خدمتنا والنيابة عنا ونحن في منازلنا؟ وأي تضحية هاته بالغالي والنفيس من أجل جمع أزبالنا، وإنارة أزقتنا وترقيعها ، وإنشاء حدائق تأوي في الغالب المتشردين والمنحرفين...؟ أسئلة كثيرة ومهمة فيها الكثير من الحمق والعجب ولا معقول... ولكن أصغر وأبسط مواطن يجيبك عنها بكلمة واحدة : لا شيء من ذلك حقيقي وموجود ، وهذا يعني أن الزيف والزور والخداع والنفاق والخيانة هو الحقيقة ، وهذا يعني أن موت الضمير السليم في النفوس قادم بقوة، وكم هو مؤلم موت الضمير في أعماق الإنسان.. ولكن ما هو الضمير ؟؟ الضمير كلمة تتردد على ألسنتنا ولكن القليل من يفكر في المعنى الجوهري العميق لهذه الكلمة ، وحاول فهم المعنى الحقيقي ، ولو حدث ذلك لما كان الحال على ما هو عليه الآن،لأن قي صحوة الضمير تكون الأنفس مطمئنة وسعيدة وقنوعة في كافة النواحي. لأن الضمير هو تلك القوة الروحية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره ، فتجعله يميز الخطأ من الصواب ، وهو منحة الله عز وجل للإنسان يدله من خلاله على ما فيه خيره وصلاحه ومرضاة الله. الضمير هو تلك الدمعة التي تترقرق في عين الإنسان الرحيم كلما وقع نظره على مشاهد البؤس والشقاء والمرض...هو القلق الذي يساور قلب الكريم ..ويجعله لا يغمض عينيه للنوم كلما ذكر أنه رد سائلا محتاجا ، أو أساء إلى ضعيف مسكين... هو الصرخة التي يصرخها الكريم في وجه من يحاول مساومته على خيانة صديقه أو أهله وجماعته أو وطنه... الضمير هو أداء الواجب ..دون انتظار نتائجه، أو ما يترتب عليه... لكن المشكل عندنا هو لحظة موت الضمير يصبح كل شيء مباح ، كلام الزور ، الخيانة ، القتل.. يصبح طعم الدم لذيذ كعصير البرتقال، تهون الأوطان والأعراض وتزيف الحقائق.. يتحول الإنسان لوحش كاسر ينتظر فريسته للانقضاض عليها، تبدو المدن كالغابات ، الجلاد بريء والضحية متهم.. يصبح العام خاص والخاص عام ، الحلال حرام والحرام حلال... عندما يموت الضمير ينظر للوطن كمزرعة عائلية ، والشعب كقطيع غنم.. الضمير الميت أينما كان فهو خراب لا يبالي لما يعمل ، يحب الفساد ، ويتلذذ به ،يهوى المحرمات ، ويعاقب الأبرياء ويلفق لهم التهم ظلما ، ويدعوا كل المجرمين للإقتداء بهذا النهج. الضمير الميت لا يمتلك شعور الإخاء والمحبة ، ولا يتحلى بالأخلاق الفاضلة التي لا توجد في قاموسه. الضمير الميت عند هؤلاء يجرد مشاعرهم من الإنسانية وتسيطر عليهم غريزة الأنانية وحب الذات ، يفضلون مصالحهم على حساب المصالح العامة ، يجندون قواهم للفساد واستغلال النفوذ بطرق غير شرعية... وينسى الجميع قوله تعالى :" ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها ". إلى متى سنبقى في غفلة من ضمير غائب ومغيب.. ولا نقول ميت ، لأن من مات ضميره ننتظر صحوته و انبعاثه في أي لحظة لأننا لا نعدم الخير فيهم مهما حدث ، فبعد كل ليل بهيم يأتي فجر مشرق . قال إمام علي : " صحة الضمائر من أفضل الضمائر " وعليه نريد منهم ضمير متصل بكل هموم المواطنين ، لا ضمير منفصل يخدم المصلحة الخاصة فقط.. نريد ضميرا ظاهرا للعيان، ظاهر بالحق والحقوق ، لا ضمير مستتر يخرب البلاد والعباد... وفي انتظار ذلك - إن شاء الله – يبقى الأمل قائم ، الأمل في صحوة كل الضمائر من أجل صالح هذه الأمة وهذا الوطن... -----