تصعيد خطير.. تقارير عن توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    ترامب يؤكد التصدي للتحول الجنسي    حداد وطني بفرنسا تضامنا مع ضحايا إعصار "شيدو"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير        تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يكون الجنرال عبد العزيز بناني؟
نشر في تازا سيتي يوم 09 - 01 - 2011

[COLOR=darkblue]تازا سيتي* :[/COLOR] قد يكتفي البعض بقول، إنه أحد أبناء مدينة تازة، انتقل من رحم التعليم الأولي و من عمق التضاريس الوعرة للمدينة صوب العاصمة الإسماعيلية مكناس، ليتدرج في أكاديميتها العسكرية إلى أن أصبح مرآة الملك في الصحراء، إذ لا تستطيع عاصفة رملية أن تزحزحه من مكانه إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، لكن رغم ذلك، يمكن التذكير كونه ليس من السهل أن ينال أي مسؤول مدني مهما كانت درجته في سلم الدولة ثقة المؤسسة الملكية، فبالأحرى جنرال داخل الجيش المغربي، فلا إجادة طقوس البيعة ولا المبالغة في ممارسها، ولا وصاية أو ضمانة المقربين من محيط الملك قد تشفع لأي كان بأن يكون من حاشية الملك الخاصة، لكن أن ينال جنرال عسكري يأتمر بإشارة واحدة من يده، ثلثا الجيش المغربي ثقة العرش، يبقى أمرا يدفع إلى البحث عن سر هذه الثقة التي لن يكفي القسم على المصحف الشريف قصد تطويرها، و هنا و جب العودة إلى القرن الماضي، لحظة احتضار الحسن الثاني، كانت هناك أربع شخصيات وازنة تحيط بسرير الملك الراحل: حسني بنسليمان، عبد العزيز بناني، عبد الحق القادري وإدريس البصري... ثلاثة جنرالات ومدني... لم يكن يوصيهم بجنازته فقط، بل يسلمهم مفاتيح خزائن الدولة، مع مجيء محمد السادس إلى الحكم، كانت الحلقة الأضعف في زوايا هذا المربع هو إدريس البصري، الذي كان يبدو قويا لدى الرأي العام، ضعيفا أمام المتحكمين بدواليب القصر، بدون امتدادات في الدولة، لا جيش ولا قوات، ولا ارتباطات خارجية.
في عز الصيف، وتحديدا يوم 23 يوليوز 1999 –عشية وفاة الملك الحسن الثاني- وجد وريثه في العرش، نفسه أمام "تركة بشرية" مخضرمة، وصفت بأقوى رجالات الملك الراحل، مستشارون، عسكريون وسياسيون ممن هندسوا لمرحلة انتقالية في تاريخ مغرب كان آنذاك مهددا ب"سكتة قلبية" وشيكة، ولأن "الرجل هو الأسلوب"، كما كان يقول الحسن الثاني، و"أنا أنا وهو هو" كما وصف وريث عرشه أوجه التقارب بينه وبين والده، ولأنه لكل مرحلة في الحكم فلسفتها ورجالاتها أيضا، فقد "غربل" الملك محمد السادس تركة والده، ليحتفظ لنفسه في آخر المطاف برجالات اعتبرهم البعض بمثابة "لي بوات سوكري"، أبرزهم الجنرالان عبد العزيز بناني وحسني بنسليمان.
بقي حسني بن سليمان وعبد العزيز بناني، وبينهما الجنرال القادري الذي اشتغل كمدير للأمن الوطني بين 1981 و1983 إلى جانب إدريس البصري، الذي كان عليه أن يتخذ موقفا بين العسكري والمدني، ولأنه انتصر لإدريس البصري، فقد وجد نفسه يوم 26 يوليوز 2004 محالا على التقاعد، ليتقلد الجنرال بناني مهمته كمفتش عام للقوات المسلحة الملكية، إذ كان هرم السلطة يحتاج إلا رجل يلعب دور التوازن بين المدني والعسكري، ولم يكن أفضل من الجنرال حميدو العنيكري، رجل المهمات الصعبة من لادجيد إلى ديستي (إدارة مراقبة التراب الوطني) إلى الأمن الوطني... على خلاف بن سليمان الذي لا توجد لديه أي أجندة خارجية كان العنيكري، وهو أحد المحققين في المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين، وفاؤه للتكوين الأمريكي جعله في قلب القضايا الشائكة بين الصقور الكبار... حسني بن سليمان وعبد العزيز بناني: إسمان حارقان في المسار السياسي للمغرب، إنهما أشبه بالخطوط الكهربائية العالية الضغط... الكثيرون لم يحاولوا الاقتراب من الشخصين الوازنين إلا ابتغاء لحماية ظلهما من حر هجير السياسة ودسائس مربع صناعة القرار، ظل الرجلان يحتفظان بكامل نفوذهما على أقوى مؤسستين في الدولة المغربية حتى بعد انتقال الحكم من الراحل الحسن الثاني إلى خلفه محمد السادس.
رغم ذلك كم مرة فكر فيها محمد السادس في إعفاء الجنرال عبد العزيز بناني من منصبه؟ وكم هي الحالات التي أمعن فيها الملك ينظر حواليه، في محاولة لإيجاد بديل لعسكري مخضرم داخل جهاز القوات المسلحة الملكية الذي يخضع لحساسية مفرطة؟ أسئلة وغيرها جثمت بكل ثقلها على أذهان كثيرين، بالنظر إلى الظروف البيولوجية التي تلازم رجلا رفض أن يكبر أو يشيخ، أو بالأحرى أن يخضع لإكراهات سن التقاعد، ليبقى خالدا في منصبه كقائد للمنطقة الجنوبية، بل إنه حتى في ظل الأسئلة المتناسلة حول إمكانية العزل والإعفاء، سيعزز الملك محمد السادس مكانة الجنرال، موسعا سلطاته، إثر تعيينه سنة 2004 مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية.
يعتقد كثيرون أن عبد العزيز بناني، الذي بدأ مساره العسكري في سلاح المدفعية، لم يبرز نجمه إلا بعد الحادثة الملغومة لجنرال القوي آنذاك أحمد الدليمي، حيث يذهب بعضهم إلى أن إبن تازة كان مغمورا خلف نفوذ الدليمي المتحكم وقتذاك في كل حبة من رمال الصحراء، وأنه إلى جانب الانصياع لأوامره، كان يهاب مزاجيته المتقلبة، وإن كان قد تتلمذ على يديه، بحكم أنه كان مرؤوسا للدليمي أو نائبه على المنطقة الجنوبية، غير أن البعض الآخر يرى أنه –بالرغم من التراتبية التي كانت ترسم حدود تحرك الرجلين- إلا أن الجنرال الدليمي، كان دائم الحيطة من مرؤوسه بناني، سيما وأنه أضحى آنذاك- خصوصا في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماشي –ندا له داخل الرمال الصحراوية التي لا تتحرك إلا بأمر منه، على اعتبار أنه راكم من التجربة ما يخول له أن يسترعي انتباه الراحل الحسن الثاني الذي اعتبره بمثابة احتياط استراتيجي، إذ عرف طيلة مشواره العسكري إلى جانب الدليمي، كيف يصغي لأوامر جنراله ويتفاعل مع نصائحه، بل أخذ عنه حنكته في جمع المعلومة وتوظيفها في الوقت المناسب، لذلك عرف كيف يزاوج بين مهام الاستخبار وتمرسه على شتى أنواع السلاح، ومن ثمة أضحى ظلا للدليمي الأكثر شهرة في صفوف الجيش. ولأن يدي عبد العزيز بناني ظلتا بيضاويتين مثل قفازه الذي لا يفارق بزته العسكرية، خصوصا خلا المحاولتين الانقلابيتين (1971-1972)، فقد وجه فيه الملك الراحل ضالته، بعد أن أخذ ينظر إلى جيشه بنظارات سوداء ليجعله، حسب أحد الخبراء في المجالي العسكري والاستراتيجي، وسيطا بينه وبين باقي مكونات ضباط القوات المسلحة الملكية التي كان الملك الراحل ظل إلى غاية وفاته مرتابا في جيش كاد أن يعصف بعرشه خلال مناسبتين.
شارك الجنرال عبد العزيز بناني و مثل قادة آخرين في حرب الرمال التي دارت رحاها بين المغرب والجزائر سنة 1963، كما كان أحد الذين أحبطوا تاكتيكات عناصر بوليساريو المستمدة من حرب العصابات، إبان حرب الصحراء التي دامت 15 سنة (1991-1976) قبل بناء الجدار الأمني والتوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار، غير أنه بعد وفاة الجنرال الدليمي في الحادثة الملغومة بمدينة مراكش بتاريخ 22 يناير 1983، كان على إبن تازة أن يستعد لمرحلة قادمة، وأن يتأنق أكثر من أي وقت مضى، مع الحرص على تلميع نياشين بزته العسكرية وترك مكان شاغر لأخرى، لأنه سيمثل أمام ملك البلاد وقائد أركان القوات المسلحة الملكية، ولأن موت الدليمي ترك ثقبا في قيادة جيش الصحراء، فلم يكن الملك الراحل يرى رجلا متمرسا في عالمي الاستخبار وضبط الأمن الداخلي بحجم ومكانة عبد العزيز بناني، العسكري الذي لعب دورا مهما في الوساطة بينه وبين باقي ضباط الصحراء، آنذاك، عينه قائدا للمنطقة الجنوبية مع توشيح بزته بنيشن رفيع إلى جانب نياشينه المصقولة، آنذاك خطا بناني مسيرته بتأن إلى أن أصبح "سيد الصحراء".
يصفه البعض بشرطي الجيش، في إشارة إلى خبرة الجنرال دكوردارمي عبد العزيز بناني في مراقبة الجيش وجمعه معلومات دقيقة حول جل ضباطه، فيما لا يتردد آخرون في نعته ب"ثعلب الصحراء"، نظرا لكونه، من منظور هؤلاء، يعتبر أكثر شخص في مملكة محمد السادس على دراية عميقة بالمنطقة الجنوبية، يعرف مسالكها وتفاصيل مجهرية عن ثكناتها، بل يعرف ما قد يوجد تحت وسائد ضباطها، وهمسات ووشوشات جنودها، والبعض الثالث يذهب إلى أن الرجل أشبه ما يكون بصقر يفرد جناحيه على ترسانة أسلحة لا يعرف عددها ونوعيتها وما امتصته من ملايير ميزانية الجيش، إلا أن عناصر قليلة داخل مثلث ضيق، يعتبر الملك ضلعه الرئيسي، لذلك، سارع محمد السادس، فور إحالته للجنرال القوي، عبد الحق القادري على التقاعد، إلى وضع عبد العزيز بناني مكانه كمفتش بديل للقوات المسلحة الملكية، وبالتالي أضحى الرجل برأسين أحدهما لا يغمض عينيه على منطقة حساسة إسمها الصحراء، والآخر على الترتيبات المرتبطة بعلاقات المغرب في المجال العسكري.
[COLOR=red]الجنرال بناني والوفاء للملك الراحل[/COLOR]
صحيح أن، الجنرال عبد العزيز بناني ارتبط اسمه فقط بحرب الصحراء المغربية التي اندلعت سنة 1976 وانتهت باتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1991، مقارنة مع جنرالات سابقين شاركوا في حرب الرمال أو في الحروب العربية – الإسرائيلية، إلا أنه استطاع في مدة قصيرة تسلق المراتب العسكرية الكبرى بسرعة كبيرة، وحسب المتتبعين، فإنه استفاد، على الخصوص، من فقدان المغرب لعدة من جنرالات وضباط سامين أداروا حرب الرمال بكفاءة كبيرة، إما بسبب إعدام كل من تورط فيهم خلال العمليتين الانقلابيتين، أو مقتل بعضهم نتيجة تصفية حسابات شخصية خلال تلك العمليتين.
وتبعا لبعض المحللين، فإن الجنرال بناني اشتهر بولائه للملك الراحل الحسن الثاني، وكاد هذا الوفاء أن يكلفه حياته بعد سقوط مروحية كانت تقله مع مجموعة من الضباط، وبعد اغتيال الدليمي، حل محله الجنرال بناني قائدا للقوات الجنوبية، ليكشف بشكل لا يدع مجالا للشك عن حنكة عسكرية كبيرة، جعلت الجيش المغربي في عهده يستعيد توازنه وسيطرته على مجريات الأحداث في الصحراء.
[COLOR=red]الجنرال بناني يحظي بثقة محمد السادس؟[/COLOR]
ليس من السهل أن ينال أي مسؤول مدني مهما كانت درجته في سلم الدولة ثقة المؤسسة الملكية، فبالأحرى جنرال داخل الجيش المغربي، فلا إجادة طقوس البيعة ولا المبالغة في ممارسها، ولا وصاية أو ضمانة المقربين من محيط الملك قد تشفع لأي كان بأن يكون من حاشية الملك الخاصة، لكن أن ينال جنرال عسكري يأتمر بإشارة واحدة من يده، ثلثا الجيش المغربي ثقة العرش، يبقى أمرا يدفع إلى البحث عن سر هذه الثقة التي لن يكفي القسم على المصحف الشريف قصد تطويرها.
فجنرالات المغرب ظل ينظر إليهم على مدى سنوات عديدة بنظرة الشك والريبة، حيث لازالت أحداث المحاولتين الانقلابيتين شاخصة في الذاكرة المغربية، إذ كادت أن تضع حدا لمسار الدولة العلوية الذي تجاوز ثلاثة قرون، لولا الألطاف الربانية أو لنقل معجزة خفية تحدث فقط في زمن الأنبياء، لأن الملك الراحل الحسن الثاني كانت تفصله عن الموت جرعة زائدة في فطنة من قام بهذه العمليات سواء عندما كان في قصره في الصخيرات أو في الطائرة الملكية، والغريب أن من غدر بالملك الراحل هم من حاشيته الخاصة جدا، لهذا فهم الأمر عندما اقتصر الحسن الثاني على ترقية جنرالات معدودين جدا على أطراف الأصابع، وأصبح المشرف العام على كل أجهزة الجيش والمراقب لتحركاتها من خلال إلغاء وزارة الدفاع وإحداث إدارة للدفاع الوطني.
وعندما تولى الملك محمد السادس عرش المملكة سنة 1999، الكل تنبأ بسقوط مدوي لرجالات الحسن الثاني، بعد إقالة إدريس البصري وزير الداخلية الأسبق، بل تجرأ الجميع على الحديث المباشر عن سقوط رموز عسكرية اعتقدوا أن رؤوسها قد أينعت، غير أن الملك وجه صفعة لكل التنبؤات ذ، ليرقي أعمدة الجيش حسني بنسليمان وعبد العزيز بناني إلى أعلى رتبة عسكرية في المغرب، وهي جنرال دوكور دارمي، بل وجه صفعة أخرى عندما عين الجنرال بناني مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية مكان الجنرال المحال على التقاعد القادري، هنا تناسلت العديد من الأسئلة حول السر الذي دفع بالملك إلى الاحتفاظ، مثلما يذهب ذلك بعض المحلين في الشؤون العسكرية، بالجنرالات الكبار.
[COLOR=red]بناني وزير الدفاع مع وقف التنفيذ...[/COLOR]
لم يقتصر دور الجنرال بناني على قيادته للجيش المغربي المرابط في الصحراء، بل وبحكم الرتبة العسكرية الجديدة والتي تعد أعلى رتبة في الجيش، أصبح يمثل القوات المسلحة الملكية خلال زيارة وزراء الدفاع ووفود عسكرية واستخباراتية لكثير من البلدان الصديقة، وهذا ما يبرز الدور الهام أو المكانة الخاصة التي أضحى يحتلها داخل الجيش ولدة الملك، ومنها استقباله سنة 2009 وزير الدفاع البوركينابي الذي كانت بلاده تسعى إلى توقيع اتفاقية تعاون عسكري مع المغرب، واستقباله لوفد يمني برئاسة نجل الرئيس اليمني الجنرال دوكوردارمي أحمد علي عبد الله صالح رئيس الحرس الجمهوري والفرقة الخاصة العسكرية في هذه السنة، كما قام الجنرال بزيارات شملت العديد من الدول كان أهمها الزيارة التي قادته إل دولة البحرين في أبريل الماضي. ناهيك عن اللقاءات الأمريكية والفرنسية وتلك التي لم يتم الحديث عنها.
[COLOR=red]الجنرال بناني الخبير بدروب الصحراء[/COLOR]
بعد رحيل أحمد الدليمي سنة 1983، رقي عبد العزيز بناني إلى رتبة جنرال من طرف الملك الراحل الحسن الثاني الذي عينه قائدا على المنطقة الجنوبية والتي كانت تضم أغلب القوات المغربية منذ بدء حرب الصحراء، وجد الجنرال بناني نفسه حرا ووحيدا في الإشراف على القوات الجنوبية، وتمكن بحنكته من إدارة المعارك في الصحراء، سيما وأنه عندما قلد المسؤولية على المنطقة الجنوبية، كانت لم تكتمل بعد عمليات بناء الجدار الأمني لمنع عناصر بوليساريو من شن هجكات خاطفة ضد القوات المغربية والتي كلفت الكثير، بحكم أن القوات المغربية وخلال مشاركتها في معارك سابقة سواء حرب الرمال أو حرب أكتوبر اعتادت على المواجهة الميدانية لا حرب العصابات، هنا سيظهر التفوق العسكري للجنرال، عبر وضع خطط عسكرية مدروسة حدت من فعالية حرب العصابات التي تبنتها بوليساريو، وقللت من فاليتها في العديد من الهجمات، مقارنة مع ما كان عليه الحال في أواخر السبعينيات من القرن الفائت، عندما تكبدت القوات المغربية، والتي كان مشكلة في أغلبها من عناصر القوات المساعدة، خسائر فادحة في الأرواح، لتنقلب طاولة الخسائر على مقاتلي بوليساريو وتحبط عزائمهم القتالية.
[COLOR=red]الجنرال بناني تراث عسكري للمملكة...[/COLOR]
يسعى الملك إلى الاحتفاظ ببناني لكونه أشرف على حرب الصحراء منذ بدايتها، حين كان عقيدا تحت إمرة الجنرال الدليمي، وما يؤكد هذا الطرح أنه كانت هناك محاولة إعادة النداء على كل الجنود والضباط الذين أحيلوا على التقاعد للعودة للجيش، للاستفادة من خبراتهما القتالية ومعرفتهم بطبيعة المناطق الصحراوية، ويرى العديد من المتتبعين للشأن العسكري المغربي كون الجنرال يعلم الصغيرة والكبيرة في ما وقع من أحداث في الصحراء، بل أكد بعض الضباط السابقين في الجيش المغربي أن بناني إلى جانب قلة قليلة من جنرالات الجيش، من يعلم الأرقام الحقيقية أسرار حرب الصحراء، واتبر أن التفريط في الجنرال بناني هو تفريط في أحد مفاتيح الانتصار العسكري للقوات المغربي، سيما ما أبداه من حنكة وتخطيط محكم في شل هجمات بوليساريو عندما كان يشرف على العمليات العسكرية، وبالتالي فهو يعد إرثا عسكريا للقصر، كما أنه بحكم علاقاته مع جنرالات من دول حليفة للمغرب، استطاع الجيش المغربي أن يطور إمكانياته العسكرية وتكتيكاته الحربية عبر مشاركته في مناورات عسكرية في الصحراء إلى جانب القوات الأمريكية والبريطانية، هذه المناورات جعلت أغلب المحللين العسكريين الدوليين يعتبرونه أقوى جيش في المنطقة.
[COLOR=red]لأول مرة في التاريخ العسكري بالمغرب: برلمانيون يزورون الجدار الأمني...[/COLOR]
أول مرة في تاريخ المغرب، تنفتح المؤسسة العسكرية على الرأي العام المحلي، وتسمح بزيارة وفد برلماني مغربي للجدار الأمني في الصحراء، كما حضر هؤلاء البرلمانيون للمناورات العسكرية التي تمت تحت إشراف الجنرال دوكوردارمي عبد العزيز بناني قائد المنطقة الجنوبية، وتمكن 90 برلمانيا ينتمون إلى مجلس النواب ومجلس المستشارين من معاينة الواقع اليومي والظروف الاجتماعية التي يعيشها الجنود المغاربة المرابطون على خطوط الجبهة العسكرية، بالإضافة إلى ظروف اشتغالهم في هذه الأوضاع، بداية من مدينة السمارة ومرورا بالعيون ووصولا إلى أوسرد والداخلة، إذ تمكن الوفد البرلماني الذي يضم ما بين خمسة وسبعة برلمانين عن كل حزب في الغرفتين، من الاطلاع على مختلف الشروحات التي قدمها ضباط سامون بالقوات المسلحة الملكية منها شروحات حول مهمة هذه الوحدات المتمركزة قرب الجدار الأمني، وكذا حول الوسائل والتجهيزات المتطورة التي تتوفر لها للدفاع عن الوحدة الترابية لمملكة، واعتبر توقيت هذه الزيارة التي تمت في أبريل الماضي، حدثا كبيرا في التاريخ العسكري للمغرب وتطورا ملحوظا من ناحية بسط معطيات عسكرية أمام ممثلي الشعب، خصوصا وأنها جاءت في ضوء تطورات يعرفها ملف الصحراء سواء على المستوى الأممي أو الإقليمي، كما أنها تتماشى مع قرار السلطات المغربية بانفتاح المؤسسة العسكرية على الرأي العام.
[COLOR=red]مسار الجنرال عبد العزيز بناني[/COLOR]
3 دجنبر 1939 ولد الجنرال دوكوردارمي عبد العزيز بناني بتازة.
من 1976 إلى 1983: عمل قائدا ميدانيا للقوات المسلحة المتمركزة في الصحراء برتبة كولونيل.
1983: عينه الملك الراحل الحسن الثاني قائدا للمنطقة العسكرية الجنوبية بعد مقتل الجنرال أحمد دليمي.
2004: عينه الملك محمد السادس مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية.
و رغم بلوغه سن التقاعد، ظل الجنرال عبد العزيز بناني الرجل الأول في الجيش المغربي، فإبن تازة أصبح تراثا عسكريا للمملكة، بعد أن نجح في قلب موازين حرب الصحراء لصالح المغرب، وهو ما جعل صحفا أجنبية تلقبه بثعلب الصحراء، وذلك كان من الأسباب التي جعلت الملك محمد السادس يعمل على ترقيته إلى أعلى درجة في الجيش، أخرست الألسن التي كانت تنتظر أفول نجمه بشغف كبير، كما لعب انتماء بناني إلى تازة دورا كبيرا، حيث تمت ترقيته بعد انقلاب 1971، ولأن المذبوح من الريف، فقد تم استقدام بناني باعتباره من نفس الجهة، ليبرز الحسن الثاني أن ليس كل أبناء هذه الجهة خونة وانقلابيون!
----------
[COLOR=darkblue]* بتصرف عن جريدة المشعل "أسرار مثيرة عن أقوى جنرالات الملك" .[/COLOR]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.