ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يكون الجنرال عبد العزيز بناني؟
نشر في تازا سيتي يوم 09 - 01 - 2011

[COLOR=darkblue]تازا سيتي* :[/COLOR] قد يكتفي البعض بقول، إنه أحد أبناء مدينة تازة، انتقل من رحم التعليم الأولي و من عمق التضاريس الوعرة للمدينة صوب العاصمة الإسماعيلية مكناس، ليتدرج في أكاديميتها العسكرية إلى أن أصبح مرآة الملك في الصحراء، إذ لا تستطيع عاصفة رملية أن تزحزحه من مكانه إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، لكن رغم ذلك، يمكن التذكير كونه ليس من السهل أن ينال أي مسؤول مدني مهما كانت درجته في سلم الدولة ثقة المؤسسة الملكية، فبالأحرى جنرال داخل الجيش المغربي، فلا إجادة طقوس البيعة ولا المبالغة في ممارسها، ولا وصاية أو ضمانة المقربين من محيط الملك قد تشفع لأي كان بأن يكون من حاشية الملك الخاصة، لكن أن ينال جنرال عسكري يأتمر بإشارة واحدة من يده، ثلثا الجيش المغربي ثقة العرش، يبقى أمرا يدفع إلى البحث عن سر هذه الثقة التي لن يكفي القسم على المصحف الشريف قصد تطويرها، و هنا و جب العودة إلى القرن الماضي، لحظة احتضار الحسن الثاني، كانت هناك أربع شخصيات وازنة تحيط بسرير الملك الراحل: حسني بنسليمان، عبد العزيز بناني، عبد الحق القادري وإدريس البصري... ثلاثة جنرالات ومدني... لم يكن يوصيهم بجنازته فقط، بل يسلمهم مفاتيح خزائن الدولة، مع مجيء محمد السادس إلى الحكم، كانت الحلقة الأضعف في زوايا هذا المربع هو إدريس البصري، الذي كان يبدو قويا لدى الرأي العام، ضعيفا أمام المتحكمين بدواليب القصر، بدون امتدادات في الدولة، لا جيش ولا قوات، ولا ارتباطات خارجية.
في عز الصيف، وتحديدا يوم 23 يوليوز 1999 –عشية وفاة الملك الحسن الثاني- وجد وريثه في العرش، نفسه أمام "تركة بشرية" مخضرمة، وصفت بأقوى رجالات الملك الراحل، مستشارون، عسكريون وسياسيون ممن هندسوا لمرحلة انتقالية في تاريخ مغرب كان آنذاك مهددا ب"سكتة قلبية" وشيكة، ولأن "الرجل هو الأسلوب"، كما كان يقول الحسن الثاني، و"أنا أنا وهو هو" كما وصف وريث عرشه أوجه التقارب بينه وبين والده، ولأنه لكل مرحلة في الحكم فلسفتها ورجالاتها أيضا، فقد "غربل" الملك محمد السادس تركة والده، ليحتفظ لنفسه في آخر المطاف برجالات اعتبرهم البعض بمثابة "لي بوات سوكري"، أبرزهم الجنرالان عبد العزيز بناني وحسني بنسليمان.
بقي حسني بن سليمان وعبد العزيز بناني، وبينهما الجنرال القادري الذي اشتغل كمدير للأمن الوطني بين 1981 و1983 إلى جانب إدريس البصري، الذي كان عليه أن يتخذ موقفا بين العسكري والمدني، ولأنه انتصر لإدريس البصري، فقد وجد نفسه يوم 26 يوليوز 2004 محالا على التقاعد، ليتقلد الجنرال بناني مهمته كمفتش عام للقوات المسلحة الملكية، إذ كان هرم السلطة يحتاج إلا رجل يلعب دور التوازن بين المدني والعسكري، ولم يكن أفضل من الجنرال حميدو العنيكري، رجل المهمات الصعبة من لادجيد إلى ديستي (إدارة مراقبة التراب الوطني) إلى الأمن الوطني... على خلاف بن سليمان الذي لا توجد لديه أي أجندة خارجية كان العنيكري، وهو أحد المحققين في المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين، وفاؤه للتكوين الأمريكي جعله في قلب القضايا الشائكة بين الصقور الكبار... حسني بن سليمان وعبد العزيز بناني: إسمان حارقان في المسار السياسي للمغرب، إنهما أشبه بالخطوط الكهربائية العالية الضغط... الكثيرون لم يحاولوا الاقتراب من الشخصين الوازنين إلا ابتغاء لحماية ظلهما من حر هجير السياسة ودسائس مربع صناعة القرار، ظل الرجلان يحتفظان بكامل نفوذهما على أقوى مؤسستين في الدولة المغربية حتى بعد انتقال الحكم من الراحل الحسن الثاني إلى خلفه محمد السادس.
رغم ذلك كم مرة فكر فيها محمد السادس في إعفاء الجنرال عبد العزيز بناني من منصبه؟ وكم هي الحالات التي أمعن فيها الملك ينظر حواليه، في محاولة لإيجاد بديل لعسكري مخضرم داخل جهاز القوات المسلحة الملكية الذي يخضع لحساسية مفرطة؟ أسئلة وغيرها جثمت بكل ثقلها على أذهان كثيرين، بالنظر إلى الظروف البيولوجية التي تلازم رجلا رفض أن يكبر أو يشيخ، أو بالأحرى أن يخضع لإكراهات سن التقاعد، ليبقى خالدا في منصبه كقائد للمنطقة الجنوبية، بل إنه حتى في ظل الأسئلة المتناسلة حول إمكانية العزل والإعفاء، سيعزز الملك محمد السادس مكانة الجنرال، موسعا سلطاته، إثر تعيينه سنة 2004 مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية.
يعتقد كثيرون أن عبد العزيز بناني، الذي بدأ مساره العسكري في سلاح المدفعية، لم يبرز نجمه إلا بعد الحادثة الملغومة لجنرال القوي آنذاك أحمد الدليمي، حيث يذهب بعضهم إلى أن إبن تازة كان مغمورا خلف نفوذ الدليمي المتحكم وقتذاك في كل حبة من رمال الصحراء، وأنه إلى جانب الانصياع لأوامره، كان يهاب مزاجيته المتقلبة، وإن كان قد تتلمذ على يديه، بحكم أنه كان مرؤوسا للدليمي أو نائبه على المنطقة الجنوبية، غير أن البعض الآخر يرى أنه –بالرغم من التراتبية التي كانت ترسم حدود تحرك الرجلين- إلا أن الجنرال الدليمي، كان دائم الحيطة من مرؤوسه بناني، سيما وأنه أضحى آنذاك- خصوصا في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماشي –ندا له داخل الرمال الصحراوية التي لا تتحرك إلا بأمر منه، على اعتبار أنه راكم من التجربة ما يخول له أن يسترعي انتباه الراحل الحسن الثاني الذي اعتبره بمثابة احتياط استراتيجي، إذ عرف طيلة مشواره العسكري إلى جانب الدليمي، كيف يصغي لأوامر جنراله ويتفاعل مع نصائحه، بل أخذ عنه حنكته في جمع المعلومة وتوظيفها في الوقت المناسب، لذلك عرف كيف يزاوج بين مهام الاستخبار وتمرسه على شتى أنواع السلاح، ومن ثمة أضحى ظلا للدليمي الأكثر شهرة في صفوف الجيش. ولأن يدي عبد العزيز بناني ظلتا بيضاويتين مثل قفازه الذي لا يفارق بزته العسكرية، خصوصا خلا المحاولتين الانقلابيتين (1971-1972)، فقد وجه فيه الملك الراحل ضالته، بعد أن أخذ ينظر إلى جيشه بنظارات سوداء ليجعله، حسب أحد الخبراء في المجالي العسكري والاستراتيجي، وسيطا بينه وبين باقي مكونات ضباط القوات المسلحة الملكية التي كان الملك الراحل ظل إلى غاية وفاته مرتابا في جيش كاد أن يعصف بعرشه خلال مناسبتين.
شارك الجنرال عبد العزيز بناني و مثل قادة آخرين في حرب الرمال التي دارت رحاها بين المغرب والجزائر سنة 1963، كما كان أحد الذين أحبطوا تاكتيكات عناصر بوليساريو المستمدة من حرب العصابات، إبان حرب الصحراء التي دامت 15 سنة (1991-1976) قبل بناء الجدار الأمني والتوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار، غير أنه بعد وفاة الجنرال الدليمي في الحادثة الملغومة بمدينة مراكش بتاريخ 22 يناير 1983، كان على إبن تازة أن يستعد لمرحلة قادمة، وأن يتأنق أكثر من أي وقت مضى، مع الحرص على تلميع نياشين بزته العسكرية وترك مكان شاغر لأخرى، لأنه سيمثل أمام ملك البلاد وقائد أركان القوات المسلحة الملكية، ولأن موت الدليمي ترك ثقبا في قيادة جيش الصحراء، فلم يكن الملك الراحل يرى رجلا متمرسا في عالمي الاستخبار وضبط الأمن الداخلي بحجم ومكانة عبد العزيز بناني، العسكري الذي لعب دورا مهما في الوساطة بينه وبين باقي ضباط الصحراء، آنذاك، عينه قائدا للمنطقة الجنوبية مع توشيح بزته بنيشن رفيع إلى جانب نياشينه المصقولة، آنذاك خطا بناني مسيرته بتأن إلى أن أصبح "سيد الصحراء".
يصفه البعض بشرطي الجيش، في إشارة إلى خبرة الجنرال دكوردارمي عبد العزيز بناني في مراقبة الجيش وجمعه معلومات دقيقة حول جل ضباطه، فيما لا يتردد آخرون في نعته ب"ثعلب الصحراء"، نظرا لكونه، من منظور هؤلاء، يعتبر أكثر شخص في مملكة محمد السادس على دراية عميقة بالمنطقة الجنوبية، يعرف مسالكها وتفاصيل مجهرية عن ثكناتها، بل يعرف ما قد يوجد تحت وسائد ضباطها، وهمسات ووشوشات جنودها، والبعض الثالث يذهب إلى أن الرجل أشبه ما يكون بصقر يفرد جناحيه على ترسانة أسلحة لا يعرف عددها ونوعيتها وما امتصته من ملايير ميزانية الجيش، إلا أن عناصر قليلة داخل مثلث ضيق، يعتبر الملك ضلعه الرئيسي، لذلك، سارع محمد السادس، فور إحالته للجنرال القوي، عبد الحق القادري على التقاعد، إلى وضع عبد العزيز بناني مكانه كمفتش بديل للقوات المسلحة الملكية، وبالتالي أضحى الرجل برأسين أحدهما لا يغمض عينيه على منطقة حساسة إسمها الصحراء، والآخر على الترتيبات المرتبطة بعلاقات المغرب في المجال العسكري.
[COLOR=red]الجنرال بناني والوفاء للملك الراحل[/COLOR]
صحيح أن، الجنرال عبد العزيز بناني ارتبط اسمه فقط بحرب الصحراء المغربية التي اندلعت سنة 1976 وانتهت باتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1991، مقارنة مع جنرالات سابقين شاركوا في حرب الرمال أو في الحروب العربية – الإسرائيلية، إلا أنه استطاع في مدة قصيرة تسلق المراتب العسكرية الكبرى بسرعة كبيرة، وحسب المتتبعين، فإنه استفاد، على الخصوص، من فقدان المغرب لعدة من جنرالات وضباط سامين أداروا حرب الرمال بكفاءة كبيرة، إما بسبب إعدام كل من تورط فيهم خلال العمليتين الانقلابيتين، أو مقتل بعضهم نتيجة تصفية حسابات شخصية خلال تلك العمليتين.
وتبعا لبعض المحللين، فإن الجنرال بناني اشتهر بولائه للملك الراحل الحسن الثاني، وكاد هذا الوفاء أن يكلفه حياته بعد سقوط مروحية كانت تقله مع مجموعة من الضباط، وبعد اغتيال الدليمي، حل محله الجنرال بناني قائدا للقوات الجنوبية، ليكشف بشكل لا يدع مجالا للشك عن حنكة عسكرية كبيرة، جعلت الجيش المغربي في عهده يستعيد توازنه وسيطرته على مجريات الأحداث في الصحراء.
[COLOR=red]الجنرال بناني يحظي بثقة محمد السادس؟[/COLOR]
ليس من السهل أن ينال أي مسؤول مدني مهما كانت درجته في سلم الدولة ثقة المؤسسة الملكية، فبالأحرى جنرال داخل الجيش المغربي، فلا إجادة طقوس البيعة ولا المبالغة في ممارسها، ولا وصاية أو ضمانة المقربين من محيط الملك قد تشفع لأي كان بأن يكون من حاشية الملك الخاصة، لكن أن ينال جنرال عسكري يأتمر بإشارة واحدة من يده، ثلثا الجيش المغربي ثقة العرش، يبقى أمرا يدفع إلى البحث عن سر هذه الثقة التي لن يكفي القسم على المصحف الشريف قصد تطويرها.
فجنرالات المغرب ظل ينظر إليهم على مدى سنوات عديدة بنظرة الشك والريبة، حيث لازالت أحداث المحاولتين الانقلابيتين شاخصة في الذاكرة المغربية، إذ كادت أن تضع حدا لمسار الدولة العلوية الذي تجاوز ثلاثة قرون، لولا الألطاف الربانية أو لنقل معجزة خفية تحدث فقط في زمن الأنبياء، لأن الملك الراحل الحسن الثاني كانت تفصله عن الموت جرعة زائدة في فطنة من قام بهذه العمليات سواء عندما كان في قصره في الصخيرات أو في الطائرة الملكية، والغريب أن من غدر بالملك الراحل هم من حاشيته الخاصة جدا، لهذا فهم الأمر عندما اقتصر الحسن الثاني على ترقية جنرالات معدودين جدا على أطراف الأصابع، وأصبح المشرف العام على كل أجهزة الجيش والمراقب لتحركاتها من خلال إلغاء وزارة الدفاع وإحداث إدارة للدفاع الوطني.
وعندما تولى الملك محمد السادس عرش المملكة سنة 1999، الكل تنبأ بسقوط مدوي لرجالات الحسن الثاني، بعد إقالة إدريس البصري وزير الداخلية الأسبق، بل تجرأ الجميع على الحديث المباشر عن سقوط رموز عسكرية اعتقدوا أن رؤوسها قد أينعت، غير أن الملك وجه صفعة لكل التنبؤات ذ، ليرقي أعمدة الجيش حسني بنسليمان وعبد العزيز بناني إلى أعلى رتبة عسكرية في المغرب، وهي جنرال دوكور دارمي، بل وجه صفعة أخرى عندما عين الجنرال بناني مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية مكان الجنرال المحال على التقاعد القادري، هنا تناسلت العديد من الأسئلة حول السر الذي دفع بالملك إلى الاحتفاظ، مثلما يذهب ذلك بعض المحلين في الشؤون العسكرية، بالجنرالات الكبار.
[COLOR=red]بناني وزير الدفاع مع وقف التنفيذ...[/COLOR]
لم يقتصر دور الجنرال بناني على قيادته للجيش المغربي المرابط في الصحراء، بل وبحكم الرتبة العسكرية الجديدة والتي تعد أعلى رتبة في الجيش، أصبح يمثل القوات المسلحة الملكية خلال زيارة وزراء الدفاع ووفود عسكرية واستخباراتية لكثير من البلدان الصديقة، وهذا ما يبرز الدور الهام أو المكانة الخاصة التي أضحى يحتلها داخل الجيش ولدة الملك، ومنها استقباله سنة 2009 وزير الدفاع البوركينابي الذي كانت بلاده تسعى إلى توقيع اتفاقية تعاون عسكري مع المغرب، واستقباله لوفد يمني برئاسة نجل الرئيس اليمني الجنرال دوكوردارمي أحمد علي عبد الله صالح رئيس الحرس الجمهوري والفرقة الخاصة العسكرية في هذه السنة، كما قام الجنرال بزيارات شملت العديد من الدول كان أهمها الزيارة التي قادته إل دولة البحرين في أبريل الماضي. ناهيك عن اللقاءات الأمريكية والفرنسية وتلك التي لم يتم الحديث عنها.
[COLOR=red]الجنرال بناني الخبير بدروب الصحراء[/COLOR]
بعد رحيل أحمد الدليمي سنة 1983، رقي عبد العزيز بناني إلى رتبة جنرال من طرف الملك الراحل الحسن الثاني الذي عينه قائدا على المنطقة الجنوبية والتي كانت تضم أغلب القوات المغربية منذ بدء حرب الصحراء، وجد الجنرال بناني نفسه حرا ووحيدا في الإشراف على القوات الجنوبية، وتمكن بحنكته من إدارة المعارك في الصحراء، سيما وأنه عندما قلد المسؤولية على المنطقة الجنوبية، كانت لم تكتمل بعد عمليات بناء الجدار الأمني لمنع عناصر بوليساريو من شن هجكات خاطفة ضد القوات المغربية والتي كلفت الكثير، بحكم أن القوات المغربية وخلال مشاركتها في معارك سابقة سواء حرب الرمال أو حرب أكتوبر اعتادت على المواجهة الميدانية لا حرب العصابات، هنا سيظهر التفوق العسكري للجنرال، عبر وضع خطط عسكرية مدروسة حدت من فعالية حرب العصابات التي تبنتها بوليساريو، وقللت من فاليتها في العديد من الهجمات، مقارنة مع ما كان عليه الحال في أواخر السبعينيات من القرن الفائت، عندما تكبدت القوات المغربية، والتي كان مشكلة في أغلبها من عناصر القوات المساعدة، خسائر فادحة في الأرواح، لتنقلب طاولة الخسائر على مقاتلي بوليساريو وتحبط عزائمهم القتالية.
[COLOR=red]الجنرال بناني تراث عسكري للمملكة...[/COLOR]
يسعى الملك إلى الاحتفاظ ببناني لكونه أشرف على حرب الصحراء منذ بدايتها، حين كان عقيدا تحت إمرة الجنرال الدليمي، وما يؤكد هذا الطرح أنه كانت هناك محاولة إعادة النداء على كل الجنود والضباط الذين أحيلوا على التقاعد للعودة للجيش، للاستفادة من خبراتهما القتالية ومعرفتهم بطبيعة المناطق الصحراوية، ويرى العديد من المتتبعين للشأن العسكري المغربي كون الجنرال يعلم الصغيرة والكبيرة في ما وقع من أحداث في الصحراء، بل أكد بعض الضباط السابقين في الجيش المغربي أن بناني إلى جانب قلة قليلة من جنرالات الجيش، من يعلم الأرقام الحقيقية أسرار حرب الصحراء، واتبر أن التفريط في الجنرال بناني هو تفريط في أحد مفاتيح الانتصار العسكري للقوات المغربي، سيما ما أبداه من حنكة وتخطيط محكم في شل هجمات بوليساريو عندما كان يشرف على العمليات العسكرية، وبالتالي فهو يعد إرثا عسكريا للقصر، كما أنه بحكم علاقاته مع جنرالات من دول حليفة للمغرب، استطاع الجيش المغربي أن يطور إمكانياته العسكرية وتكتيكاته الحربية عبر مشاركته في مناورات عسكرية في الصحراء إلى جانب القوات الأمريكية والبريطانية، هذه المناورات جعلت أغلب المحللين العسكريين الدوليين يعتبرونه أقوى جيش في المنطقة.
[COLOR=red]لأول مرة في التاريخ العسكري بالمغرب: برلمانيون يزورون الجدار الأمني...[/COLOR]
أول مرة في تاريخ المغرب، تنفتح المؤسسة العسكرية على الرأي العام المحلي، وتسمح بزيارة وفد برلماني مغربي للجدار الأمني في الصحراء، كما حضر هؤلاء البرلمانيون للمناورات العسكرية التي تمت تحت إشراف الجنرال دوكوردارمي عبد العزيز بناني قائد المنطقة الجنوبية، وتمكن 90 برلمانيا ينتمون إلى مجلس النواب ومجلس المستشارين من معاينة الواقع اليومي والظروف الاجتماعية التي يعيشها الجنود المغاربة المرابطون على خطوط الجبهة العسكرية، بالإضافة إلى ظروف اشتغالهم في هذه الأوضاع، بداية من مدينة السمارة ومرورا بالعيون ووصولا إلى أوسرد والداخلة، إذ تمكن الوفد البرلماني الذي يضم ما بين خمسة وسبعة برلمانين عن كل حزب في الغرفتين، من الاطلاع على مختلف الشروحات التي قدمها ضباط سامون بالقوات المسلحة الملكية منها شروحات حول مهمة هذه الوحدات المتمركزة قرب الجدار الأمني، وكذا حول الوسائل والتجهيزات المتطورة التي تتوفر لها للدفاع عن الوحدة الترابية لمملكة، واعتبر توقيت هذه الزيارة التي تمت في أبريل الماضي، حدثا كبيرا في التاريخ العسكري للمغرب وتطورا ملحوظا من ناحية بسط معطيات عسكرية أمام ممثلي الشعب، خصوصا وأنها جاءت في ضوء تطورات يعرفها ملف الصحراء سواء على المستوى الأممي أو الإقليمي، كما أنها تتماشى مع قرار السلطات المغربية بانفتاح المؤسسة العسكرية على الرأي العام.
[COLOR=red]مسار الجنرال عبد العزيز بناني[/COLOR]
3 دجنبر 1939 ولد الجنرال دوكوردارمي عبد العزيز بناني بتازة.
من 1976 إلى 1983: عمل قائدا ميدانيا للقوات المسلحة المتمركزة في الصحراء برتبة كولونيل.
1983: عينه الملك الراحل الحسن الثاني قائدا للمنطقة العسكرية الجنوبية بعد مقتل الجنرال أحمد دليمي.
2004: عينه الملك محمد السادس مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية.
و رغم بلوغه سن التقاعد، ظل الجنرال عبد العزيز بناني الرجل الأول في الجيش المغربي، فإبن تازة أصبح تراثا عسكريا للمملكة، بعد أن نجح في قلب موازين حرب الصحراء لصالح المغرب، وهو ما جعل صحفا أجنبية تلقبه بثعلب الصحراء، وذلك كان من الأسباب التي جعلت الملك محمد السادس يعمل على ترقيته إلى أعلى درجة في الجيش، أخرست الألسن التي كانت تنتظر أفول نجمه بشغف كبير، كما لعب انتماء بناني إلى تازة دورا كبيرا، حيث تمت ترقيته بعد انقلاب 1971، ولأن المذبوح من الريف، فقد تم استقدام بناني باعتباره من نفس الجهة، ليبرز الحسن الثاني أن ليس كل أبناء هذه الجهة خونة وانقلابيون!
----------
[COLOR=darkblue]* بتصرف عن جريدة المشعل "أسرار مثيرة عن أقوى جنرالات الملك" .[/COLOR]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.