بعد عام من البرود الدبلوماسي، ومضي خمسة أشهر على أخطر أزمة عرفتها المملكتان المتجاورتان، تعود الاتصالات إلى مكاتب الرّباط ومدريد، إذ يعتزم وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، عقد اجتماع افتراضي، غدا الأربعاء، مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة، بناء على طلب من الأول. ووفق مصادر وكالة الأنباء الإسبانية "إفي"، التي نقلت الخبر، فإن الاجتماع المرتقب "سيجري ضمن جدول الأعمال الدبلوماسي للوزير الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، الموجود حاليا في نيويورك لحضور الدورة 76 من الجمعية العامة للأمم المتحدة". واعتبرت المصادر ذاتها أنه "لا يوجد حتى الآن موعد لزيارة ألباريس إلى المغرب"، على الرغم من أن الرباط كانت تقليديا الوجهة الأولى لوزراء الخارجية الإسبان فور تولي المنصب، كما قللت من شأن ذلك، وأصرت على أن الدبلوماسية تتطلب "وقتا طويلا"، وأن ثمة "روحا جديدة على الطاولة تشجع إسبانيا والمغرب". إعلان وتعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للرباط. كما أن المغرب هو أول زبون لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي بعد الولاياتالمتحدة. ويشكل المغاربة أكبر جالية في إسبانيا، حيث يبلغ عددهم ما يقرب من مليون شخص. وتوجد في المغرب أكبر شبكة لمعهد ثربانتس. والسياح الإسبان هم الأكثر عددًا في المغرب، بعد الفرنسيين. في الوقت نفسه، سافر 900 ألف سائح مغربي إلى إسبانيا في 2018، مقارنة ب 700 ألف إسباني وصلوا إلى المغرب. وقبل عام 2018، اعتادت حوالي 5000 امرأة مغربية على عبور المضيق للعمل في حصاد الفراولة. ولا تريد مدريد إطالة أمد الأزمة مع الرباط، فهي تخشى وقوع ارتدادات جديدة في ظل تشبث المغرب بالحصول على تفسيرات بشأن قضية إبراهيم غالي، ورغبته كذلك في حسم موضوع الصحراء وعدم ترك أي فرصة للإسبان للمناورة في هذا الموضوع. وكان الملك محمد السادس أكد في خطاب 20 غشت أن المغرب يتطلع، بكل صدق وتفاؤل، لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها، بيدرو سانشيز، من أجل تدشين "مرحلة جديدة وغير مسبوقة" في العلاقات بين البلدين الجارين. وشدد العاهل المغربي على أن هذه العلاقات يجب أن تقوم على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات. وفي وقت فضلت الرباط مراجعة أوراقها مع مدريد بشكل "عقلاني"، اختارت مدريد أن تذهب بعيدا في مسلسل التصعيد، إذ قامت باستقبال إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، الذي تصنفه الرباط إرهابيا، بشكل سري من أجل تلقي العلاج، وهو الأمر الذي أغضب المغرب الذي طالب بتوضيحات وتقدم بأسئلة ظلت معلقة إلى حدود اليوم. وأمام هذا الوضع المتأزم تحركت الدبلوماسية المغربية التي طالبت بتوضيحات بشأن استقبال غالي بهوية مزورة وجواز مزيف وبدون التشاور مع المغرب، على اعتبار أن الأمر يتعلق بشخص مطلوب للعدالة الإسبانية لتورطه في جرائم حرب واحتجاز واغتصاب "صحراويات" يحملن الجنسية الإسبانية.