تتحرك المملكة المغربية بخطى ثابتة نحو تعزيز التنمية المستدامة في مناطق الواحات، التي تعد ركيزة أساسية للنظام البيئي والاجتماعي والاقتصادي في هذه المناطق. وفي هذا السياق، تأتي مجموعة من البرامج والمشاريع الطموحة التي تم إدراجها ضمن استراتيجية الجيل الأخضر، والتي تهدف إلى تحسين استدامة الواحات في ظل التغيرات المناخية. وحسب المعلومات المتوفرة بمناسبة افتتاح النسخة ال13 للملتقى الدولي للتمر بالمغرب، المقامة بمدينة أرفود، فإن سلسلة نخيل التمر، التي تعد من أقدم الزراعات في المغرب، تحظى باهتمام كبير كونها رافعة حيوية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في الواحات. وأشارت المعلومات ذاتها إلى أنه، وفقا لعقد البرنامج الجديد للفترة من 2021 إلى 2030 (الجيل الأخضر)، جرى تخصيص حوالي 7.5 مليارات درهم لهذه السلسلة. ويشمل هذا البرنامج غرس 5 ملايين نخلة، مع التركيز على تشجيع المقاولات الشبابية والتعاونيات، وتحسين عمليات التغليف والتحويل، وعصرنة قنوات التوزيع والتسويق، وتعزيز الصادرات. وفي إطار التحسين المستدام للواحات، تم تنفيذ مشروع نقل مياه الفيضانات من واد غريس إلى واد زيز بتكلفة تقدر ب11 مليون درهم. ويهدف هذا المشروع إلى تحسين استدامة الموارد المائية السطحية والجوفية على مساحة تقارب 1200 هكتار، ويستفيد منه حوالي 6770 شخصا، ومن المتوقع أن يساهم في خلق 364 ألف يوم عمل. وحسب وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإن مشاريع أخرى تهدف إلى تقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية في الري من خلال استخدام الطاقة الشمسية، حيث تم إنشاء وتجهيز محطات ضخ بالطاقة الشمسية في منطقة نفوذ المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتافيلالت؛ وهو ما سيسمح بسقي ما يقارب 1000 هكتار. ويستفيد من هذا المشروع 2670 فلاحا، ينتمون إلى 84 جمعية لمستخدمي المياه، حيث سيساهم المشروع في خلق 15 ألف يوم عمل، ويقلل من تكاليف الري ويخفف من آثار ندرة المياه. وتشمل البرامج الأخرى المتعلقة بتنمية الواحات، حسب الوزارة ذاتها، تهيئة المسالك، وتوفير نقاط مياه لإطفاء الحرائق، وإنشاء أبراج مراقبة للتدخل السريع. كما تشمل هذه البرامج تجهيز الواحات بالإنارة بالطاقة الشمسية وإنشاء مراكز للوقاية المدنية، من أجل حماية الواحات من الحرائق والكوارث الطبيعية. ويشمل أيضا تهيئة السواقي والخطارات، وتوزيع الفسائل، وتنقية أعشاش النخيل، بالإضافة إلى تنظيم دورات تكوينية تحسيسية للفلاحين والتعاونيات. فيما يتعلق بالتعافي من آثار الفيضانات، تم تخصيص برنامج لإصلاح الأضرار الناتجة عن فيضانات شهر شتنبر الماضي. ويشمل مساحة تقدر ب 8 آلاف هكتار بتكلفة 58 مليون درهم. وسيستفيد من هذا البرنامج أكثر من 10 آلاف فلاح؛ مما سيساهم في إعادة تأهيل الأراضي الزراعية المتضررة وتحسين الإنتاجية. إحدى الركائز الأساسية لهذه الاستراتيجية هي دعم تشغيل الشباب في المناطق القروية، حيث يتم ذلك من خلال تقديم دعم لتنفيذ مشاريع فلاحية على الأراضي الجماعية؛ بالإضافة إلى دعم المبادرات المقاولاتية للشباب. ومن المتوقع أن تساهم هذه المشاريع في انبثاق طبقة وسطى فلاحية جديدة، وتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية. وبفضل هذه المشاريع والبرامج الطموحة، تسعى المملكة إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة لمناطق الواحات، مع الحفاظ على مواردها الطبيعية وتحسين ظروف عيش الساكنة المحلية. وستساهم هذه المبادرات في تعزيز صمود نظم الواحات أمام التغيرات المناخية، وتوفير فرص اقتصادية جديدة للفلاحين والشباب؛ مما يعزز من دور الواحات كرافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المغرب.