تم مؤخرا انتخاب منى أولهري على رأس المجلس الجهوي للموثقين بطنجة أصيلا-العرائش لتضع بذلك حدا لاحتكار زملائها من الرجال لمنصب رئاسة المجالس الجهوية للموثقين. ولئن كانت منى أولهري تؤكد أن مهنة التوثيق لا تهتم بما إذا الموثق ذكرا أم انثى بقدر ما تعترف بالكفاءة والتميز المهني والعطاء المتواصل وتجديد المعارف لمواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، فإنها ترى أن منصبها الجديد يعكس عطاءات المرأة المغربية في كل المجالات وتضحياتها ومساهمتها في الرقي بالأداء المهني لمجال التوثيق، الذي يعد عنصرا اساسيا في سياق ضمان الحقوق الاجتماعية لمختلف فئات المجتمع وإرساء ركائز العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتطبيق القانون وتنزيل مقتضياته . ولعل ما يزيد الأستاذة منى أولهري،التي تمارس مهنة التوثيق منذ نحو 16 سنة بمدينة البوغاز ،فخرا أنها حظيت بتزكية جميع زملائها في هيئة الموثقين في منصب مهم يساهم بشكل وفير في تأمين السلامة القانونية للعقود وضمان حقوق الأشخاص وأسرهم والشركات والمستثمرين في صفقاتهم وتعاملاتهم، كما يساهم في تشجيع الاستثمار وضبط المعاملات والعلاقات الاقتصادية وتنوير الراي العام بالقضايا القانونية والتشريعية التي تهم علاقاتهم التجارية والعملية بكل أشكالها ومستوياتها. وفي هذا السياق، اعتبرت أولهري في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن من المهام الملقاة على عاتقها أيضا كجزء من مكون هيئة الموثقين، تطوير وترسيخ الثقة لدى المواطن والإدارة وبين المواطن والمؤسسات على اختلاف مجال اختصاصها، وتجديد آليات اشتغال المهنة لتكون أكثر قربا من تطلعات المرتفقين والمتعاقدين . وبخصوص مهامها الجديدة كأول امرأة على الصعيد الوطني تنتخب رئيسة للمجلس الجهوي للموثقين، ترى منى أولهري التي استهوتها مهنة التوثيق منذ أن كانت تلميذة بالرباط ومكناس حيث تابعت دراسة الابتدائية والثانوية، أنها تشكل خطوة من خطوات التطور الاجتماعي الذي يحققه المغرب على اكثر من صعيد، لتتبوأ المرأة الموقع والمكانة الاعتبارية التي تستحقها، وهي ايضا قفزة نوعية لتكريس وتثبيت مقاربة النوع الاجتماعي والتمكين، والتفاتة تجاه نساء المغرب اللواتي يعملن جنبا الى جنب مع الرجل لتحقيق التنمية والرقي بالمجتمع الى مستوى يعكس طموحات المغرب لتعزيز بنائه الديموقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية على ارض الواقع . وحسب أولهري، فإن الثقة التي وضعتها فيها مكونات المجلس الجهوي للموثقين تعكس أيضا التآزر والتضامن والتعاون الذي يطبع موثقي المجلس سواء أكانوا رجالا أو نساء، وحرصهم على وضع آليات المنافسة المشروعة والشريفة وضمان كرامة الموثق كفاعل اساسي في منظومة العدالة، والسعي المستمر لتحديث المهنة وتعزيز استقلاليتها وتنظيم ممارستها بالحياد والتجرد والنزاهة والمصداقية اللازمة لمصاحبة التحولات العميقة التي تعرفها المملكة. وتتطلع منى أولهري، ابنة مكناس التي سبق وان اشتغلت كإطار بنكي في أول مسارها المهني، من خلال مهامها الجديدة الى العمل بكل مسؤولية لتهييء الظروف المناسبة لممارسة عمل الموثق في جو من الاطمئنان على حاضره ومستقبله ،ودعم المكتسبات التي تحققت في المجالين القانوني والمهني ،وكذا توفير الحماية الاجتماعية والصحية للموثق والظروف المناسبة لممارسة المهنة ،التي أضحت عنصرا اساسيا في تشجيع الاستثمارات وتحسين مناخ الأعمال ومساعدة القضاء على فض النزاعات والخلافات. وترى منى، وهي أم لطفلين والحاصلة على تكوين علمي وآخر قانوني (علوم تجريبية والحقوق)، ان نجاحها في مهام رئيسة المجلس رهين بتفعيل المقاربة التشاركية والانفتاح على كل فعاليات المهنة، وتعزيز العلاقات مع الشركاء الذين يتعامل معهم الموثق سواء أكانوا من المؤسسات الرسمية او من الفعاليات الاقتصادية الجهوية، وإيلاء اهتمام استثنائي لمسألة التكوين والتكوين المستمر لمواكبة التطور التشريعي والقانوني بالمغرب والآليات الجديدة لتدبير العديد من المؤسسات. كما رأت ان نجاحها في مهامها رهين ايضا بتوحيد الاجراءات داخل مهنة الموثق لضمان المساواة داخل الجسم التوثيقي وخلق خلية وساطة لتدبير الخلافات والعلاقات بين أهل المهنة وضمان جسر التواصل الدائم بينهم . وتعترف أولهري أن تحملها للمسؤولية على رأس المجلس الجهوي للموثقين هي "مسؤولية صعبة وتاريخية في نفس الآن" ،على اعتبار أن مسؤوليتها ستفتح الباب على مصراعيه أمام كل النساء الموثقات لتحمل المسؤوليات جهويا ووطنيا، ومن شأنها ان تبرز الكفاءات الكبيرة للمرأة الموثقة، وفي نفس الوقت مسؤوليتها الجديدة التي تضعها تحت الاضواء الكاشفة، ما يجبرها دائما على مضاعفة مجهوداتها حتى تكون المثل والنموذج.