انتقل إلى عفو الله، أمس الأحد بمستشفى الشيخ زايد بالرباط، الحسن بن الصديق أحد كبار علماء المغرب وشيخ الزاوية الصديقية بمدينة طنجة، وذلك عن سن يناهز 85 عاما. ووري جثمان الفقيد الثرى اليوم الاثنين بالزاوية الصديقية بمدينة طنجة بعد صلاة العصر . وقد ولد الراحل نة 1345 ه - 1926 م بمدينة طنجة ، وكانت البداية بزاوية والده، حيث تعلم المبادئ الأولية للقراءة والكتابة، وحفظ القرآن على يد الفقيه "محمد المصوري" رحمه الله، قرأ عنه خمس ختمات باللوح، وعليه أخذ القرآن الكريم إخوانه: عبد الله والزمزمي وعبد الحي وعبد العزيز رحمهم الله، وأتم حفظ القرآن مع بعض المتون العلمية المعروفة وعمره لم يتجاوز 13 سنة. وعمل المرحوم الحسن بن الصديق رئيسا للمجلس العلمي المحلي لطنجة لعدة سنوات قبل أن يعين عضوا في المجلس العلمي الأعلى، كما نال مؤخرا جائزة محمد السادس لأهل الحديث. وقد بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تعزية إلى أفراد أسرة الفقيد، وجاء في البرقية: " تلقينا، بكل أسى وتأثر، نعي المشمول بعفو الله ورضوانه، الفقيه الجليل، والعلامة الكبير، المرحوم الحسن بن الصديق، الذي لبى داعي ربه راضيا مرضيا، بعد حياة حافلة بالعطاء، في خدمة العلوم الشرعية والثقافة الإسلامية ، مقدما بين يديه ما يستحق به حسن الثواب والغفران، وسكنى الجنان، بفضل من الله وإحسان". وأعرب جلالة الملك، بهذه المناسبة المحزنة، لأفراد أسرة الفقيد ومن خلالهم الى كافة ذويه وأحبائه وعارفيه من العلماء والفقهاء بالمملكة ،عن أحر التعازي، وأصدق مشاعر المواساة، سائلا جلالته الله العلي القدير أن يثيب الفقيد المبرور عما أسدى لدينه ووطنه وأمته من خدمات جلى، تعليما وتوجيها وتدريسا وإفتاء، بصدق وكفاية، وفقه ودراية، في وفاء للبيعة الخالدة لأمير المؤمنين، وإخلاص للعرش العلوي المجيد، وتشبث بثوابت الأمة ومقدساتها. ومما جاء في البرقية " وإننا لنستحضر، بكل تقدير، ما ساهم به الفقيد الكبير من إغناء الفضاء الديني ببلادنا، من تنوير وتوجيه وتعليم، بنشر العلوم الإسلامية، والتعريف بسماحة ديننا الحنيف ووسطيته، وترسيخ المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، سواء كعضو بالمجلس العلمي الأعلى، أو كرئيس للمجلس العلمي المحلي بطنجة، أو كمرشد تربوي بإذاعة طنجة، أو كمدرس بزاوية والده وبمعهد الجامع الأعظم بهذه المدينة الأثيرة لدى جلالتنا، التي أنجبت فطاحل العلماء الأجلاء، والتي ستظل رمزا خالدا للنبوغ المغربي، وللتأصيل للهوية المغربية الإسلامية المتميزة باعتدالها". وأكد جلالة الملك أن الفقيد " كان، مفتيا متمكنا، ومرشدا واسع الأفق بالمعهد الإسلامي ببلجيكا، وفي غيره من المساجد بهولندا، على امتداد عقود من حياته الحافلة، التي توجها بالمشاركة في الدروس الحسنية، بين يدي والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، وبنيله، عن جدارة واستحقاق، لجائزة محمد السادس للدراسات الإسلامية، التي دأبنا على تسليمها للعلماء الكبار ببلادنا، ممن قدموا الأعمال العلمية الدينية الجليلة". وأبرز جلالته أن "الراحل العزيز كان من العلماء البارزين في الأسرة الصديقية الموقرة، التي لها دور مرموق في خدمة السنة المشرفة، ونشر العلوم الشرعية، وتعزيز إشعاع المغرب الثقافي خارج المملكة". وتضرع جلالة الملك إلى الله عز وجل أن يشمل الفقيد برحمته الواسعة ويجزله الثواب، ولقاه نضرة وسرورا، مصداقا لقوله عز وجل "والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم في الجنة غرفا، تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، نعم أجر العاملين". وجدد جلالته مشاطرة أسرة الفقيد أحزانهم في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء الله فيه، داعيا الله سبحانه أن يعوضهم عن فقدانه جميل الصبر وحسن العزاء، مؤكدا لهم موصول عناية ورعاية جلالته السامية.