: بين أحضان المدينة العتيقة لطنجة، يوجد مسجد صغير، هو في الأصل مسجد تم إحداثه لغاية تمكين تجار قيسارية "بدر" بشارع إيطاليا من أداء فروض صلواتهم الخمس، غير أن هذا المسجد خلال أيام شهر رمضان، وخصوصا أثناء وقت صلاة العشاء والتراويح، يتحول إلى قبلة للعديد من المصلين الذين يسعون إلى تشنيف آذانهم بصوت رخيم ينبعث من هناك شذوا بآيات الله المحكمات. داخل هذا المكان، يتقدم إبراهيم المعزوزي، صفوفا من المصلين غصت بهم جنبات المسجد، وضاقت إلى درجة اضطرار أعداد أخرى من الناس إلى افتراش باحة القيسارية، والغاية هي أن ينهالوا من الصوت العذب لهذا القارئ الشاب، الذي يسعى إلى مصاف المرتلين الكبار .. لم يتجاوز عمره الواحدة والعشرين، لكن جميع محبيه الذين يصلون خلفه يؤكدون أنه يحتل مكانة بين الفقهاء والقراء أصحاب الأصوات العذبة في مدينة طنجة. ولد إبراهيم المعزوزي في غشت 1993 بمدينة طنجة، وتربى على حب القرآن الكريم منذ نعومة أظفاره، حيث تلقى الأبجديات الأولى في كتاب الله على يد والده الشيخ احمد المعزوزي، أحد الفقهاء المعروفين في المدينة، الذي كان يدرسه هو وإخوته حيث نشأ محبا للقرآن الكريم، مما شجعه أكثر على حفظه وإتقان قواعد تجويده في سن مبكرة من عمره. "عندما كان عمري 14 سنة، صليت التراويح بجموع من المؤمنين هنا في هذا المسجد، مسجد قيسارية بدر"، يحكي إبراهيم عن بدايته الأولى في إمامته للناس في صلاة التروايح، ثم يستطرد معبرا عن شعوره آنذاك قائلا " أحسست أن الله تعالى أكرمني وأكرمني بمنزلة لا تنبغي ولا يستحقها إلا رجاله". الإشعاع الذي حققه إبراهيم المعزوزي، لم ينحسر فقط بين أزقة المدينة العتيقة لطنجة، وإنما تعداه ليتألق في العديد من المحافل الوطنية، من بينها تتويجه بالمرتبة الأولى مرتين متتاليتين في إحدى مباريات حفظ وتجويد القرآن الكريم، من تنظيم المجلس العلمي المحلي بطنجة. في سن الثامنة عشر، أكمل إبراهيم المعزوزي حفظ الأحزاب الستين من القرآن الكريم، الأمر الذي جعله يفكر في الانتقال إلى مرحلة أخرى، وهي مرحلة دراسة علوم القرآن والعلوم الشرعية، مما وضعه أمام تحد كبير، وهو التوفيق بين دراسته في التعليم العصري، وبين دراسته للعلوم الإسلامية في مدرسة الإمام نافع الخاصة الكائنة بمنطقة الحاج عزيب قدور، لكن إبراهيم نجح في كسب هذا التحدي، وتمكن من توزيع حياته بما يناسب دراسته لكل جانب من العلم "وهذا كله بتوفيق وفضل من الله وحده"، يقول إبراهيم المعزوزي. إبراهيم المعزوزي، لا يخفي إعجابه بكبار المقرئين والمرتلين، سواء المغاربة أو المشارقة، أبرزهم المغربي العيون الكوشي والسعودي ماهر المعيقلي، ربما هذا الإعجاب هو أحد العوامل التي شجعت إبراهيم على إتقان تلاوة القرآن بالطريقتين المغربية والمشرقية. كما أنه يتقن بشكل كبير تلاوة آيات الله البينات عن طريق الترتيل أو التحقيق على حد سواء. وهذا ما يبرهن عليه من خلال هذا المقطع الذي آثر مشاركته مع متتبعي صحيفة "طنجة 24" الإلكترونية، سائلا منهم الدعاء والتوفيق أن يمكنه من حمل كتاب الله والعمل به حق العمل.