– محمد سعيد أرباط: في حالة من الحسرة والآلام، تلقىت فئة عريضة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي نبأ رحيل الشابة العشرينية رباب التطواني، التي ودعت الحياة مساء الجمعة 13 يونيو بعد ستة أشهر من المعاناة مع الإهمال في مستشفى الدوق دو طوفار بطنجة. رحلت رباب، في الوقت الذي شع فيه نور أمل بإمكانية إنهاء معاناتها المادية والمعنوية مع العاملين في المستشفى المذكور، وكأنها كانت تريد فقط أن تؤدي رسالة قبل أن تنتقل إلى مرقدها الأخير، ترثي فيها حالة قطاع الصحة في طنجة. كانت رباب قد دخلت إلى المستشفى قبل 6 أشهر بسبب مرض نادر تسبب لها في زيادة مفرطة في الوزن وصل إلى 220 كيلو غراما، وظلت بالمستشفى طيلة هذه المدة على أمل العلاج، إلا أن حالتها ازدادت سوء، وهو ما دفع بذويها في الآونة الأخيرة إلى إعلان حالتها للرأي العام في طنجة بغية المساعدة. كانت المساعدة المرجوة مادية ومعنوية، فتكاليف المستشفى كانت فوق طاقة الأسرة وقدرتها، والحالة المعنوية كانت مقلقة نتيجة تقصير الأطباء وإهمالهم لرباب بدواع واهية، لا تعبر صراحة إلا على تكاسل وتقاعس هؤلاء في إنقاذ أو علاج أرواح الناس. أمام كل ما سبق، لم تجد الأسرة إلا الرأي العام الطنجاوي الذي استجاب شبابه للنداء، وأعلنوا تعاطفهم المعنوي مع رباب واستنهضوا همم المحسنين لمساعدة الأسرة في تكاليف العلاج التي بسببها تم إهمال الراحلة وتركت في حالها تكتب آخر صفحات رسالتها. كانت حملات نشطاء مواقع التواصل قد أتت أكلها وبدت بوادر الأمل تلوح في الأفق، وكثرت زيارة المتعاطفين على رباب وأسرتها، ومشكلة تكاليف العلاج كانت في طريقها نحو الحل، غير أن صفحات رسالة رباب كانت قد اكتملت وأسلمت الروح لخالقها. رحيل رباب المفاجئ وإن كان قد سبب حسرة لكل المتعاطفين مع حالتها والذين كانوا ينوون مساعدتها، فإنه تسبب أيضا في سخط هؤلاء على أطباء هذا المستشفى الذين حسب رأيهم يتحملون مسؤولية وفاة رباب نتيجة إهمالهم لحالتها وتقصيرهم في علاجها. " هؤلاء الأطباء يجب أن يحاسبوا قانونيا" هكذا صرح أحد النشطاء بعد رحيل رباب، في حين صرح آخر في السياق نفسه منتقدا الأطباء بتحويلهم المستشفيات إلى "مقابر جماعية" بسبب تقصيرهم في أداء واجبهم. أما ناشطة أخرى فارتأت أن تتساءل هكذا بحرقة " إلى متى سيظل الإهمال سبب في موت الفقراء؟ .. إلى متى ستظل الصحة مهملة في المغرب؟"، غير أن الجواب لم يكن غائبا عن ناشط آخر الذي عبر قائلا " عندما يتوقف ريكي مارتين ونوال الكويتية عن تكشيط المغاربة" في إشارة ضمنية إلى مهرجان موازين الذي يستقطب فنانين أجانب مقابل مبالغ خيالية كان من الممكن أن تصرف على صحة الفقراء. رحيل رباب ليس الأول من نوعه، بل أن مستشفيات طنجة كانت مسرحا للعديد من الحالات المأسوية المماثلة، وما رحيل رباب إلا فصل آخر من فصول حكايات قاتلة تكتب بأياد آثمة ضربت بقسم أبقراط عرض الحائط ونسيت أهم مبادئ الطب والطبيب. وهكذا تنضاف بسبب الإهمال حالة أخرى في طنجة، هذه المرة كان المسرح مستشفى الدوق دو طوفار، هذا الأخير الذي لو كان حيا لتبرأ من أطباء هذا المستشفى الذي يحمل اسمه وانتقم لرباب، وكيف لا وهو الذي أحب طنجة وأبنائها وأبى إلا أن يوصي بممتلكاته لهما، ومن بينهم مستشفاه هذا لعلاج المرضى أمثال رباب !!..