اعترف إلياس العماري، رئيس مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية، أن إثارة ملف الحرب الكيماوية على مناطق الريف، الذي حمله على عاتقه بمعية مجموعة من النشطاء، كان بهدف إزعاج نظام الحكم، قبل أن يختار ترك هذا الأمر للبحث العلمي. وأوضح العماري في كلمة افتتاحية خلال ندوة دولية حول موضوع "تحليلات جديدة عن حرب الغازات السامة بالريف" السبت بطنجة، أن فكرة الإشتغال على ملف الغازات السامة بالريف، تبلورت سنة 1992 بمعية عدد من النشطاء والمهتمين، وكان ذلك بهدف جمع المعطيات المتعلقة به، ومن تم إخراجه إلى الوجود تنويرا للرأي العام الوطني والدولي بالحقائق التي لا زالت غائبة عن العموم. وزاد القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، خلال هذا اللقاء الذي نظمته مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية ومنتدى ثويزا للحوار الحر، أن الداعي الأصلي لتحريك هذا الملف هو مواجهة النظام السياسي بالمغرب، "وبعدما تمكنا من جمع المعطيات وإثارة النقاش حوله من أجل استقطاب العلماء قصد الاشتغال حول الملف، كنا قد انتقلنا من مرحلة الصراع السياسي إلى مرحلة البحث الأكاديمي"، يضيف العماري. وأفصح المتحدث أكثر قائلا "مهمتنا انتهت سنة 2001 وأسندت إلى العلماء من أجل تعميق البحث وإخراج الحقائق التاريخية إلى الواقع تنويرا للرأي العام بهذا الملف الحساس الذي عاشته منطقة الريف في علاقتها بالأنظمة الامبريالية وما ارتكبته من جرائم بشعة في حق شعبنا". إلى ذلك عرفت الندوة مشاركة ثلة من الباحثين والأكادميين المهتمين بملف حرب الغازات السامة ضد مناطق الريف، التي شنتها القوات الإستعمارية بغاية القضاء على مقاومة القبائل الريفية بمعية قوات القائد عبد الكريم الخطابي خلال الفترة ما بين 1922 و1927. وأجمع المتدخلون في هذا اللقاء الذي عرف مشاركة كل من الباحث الألماني روبرت كونز، أحد المساهمين في كتاب "حرب الغازات ضد عبد الكريم الخطابي"، والباحثين المغربيين زكية داود وعبد اللطيف النكادي، أن هذه الحرب لا زالت تشكل إلى حد الآن جريمة مسكوت عنها، فيما لازالت منطقة الريف وأبناؤها يعانيان من تداعياتها إلى اليوم. وكان اللقاء قد استهل بعرض الشريط الوثائقي "أوهاج سامة"، لمخرجيه طارق الإدريسي وخافير رادا، الذي يوثق لجوانب من تأثيرات هذه الحرب الكيماوية التي شنتها القوات الإسبانية والفرنسية بدعم ألماني على منطقة الريف.