"الهجوم على ناقلة الأموال بطنجة عملية منظمة من طرف عصابة محترفة"، هذا من بين التعليقات التي أعقبت عملية السطو المسلح على شاحنة لنقل الأموال، كانت بصدد إيداع مبالغ مالية في وكالة بنكية بطنجة.. تحليل بسيط استباقي تبناه الكثير من ساكنة المدينة، بالرغم من أن المعلومات المتسربة من كواليس التحقيق لا تتضمن أي إشارات إلى ارتباط العملية بأي امتداد "مافيوزي". لكن ذلك لا يمنع من إعادة طرح السؤال القديم الجديد، هل فعلا أصبحت طنجة ساحة لتصفية حسابات وتنفيذ عمليات التنظيمات المافيوزية، على غرار نابولي ونيويورك وريو دي جانيرو وغيرها؟ فعلا ليس هناك دليل واحد، من الناحية الامنية على الأقل، يسمح بالجزم بأن هذا العمل هو عمل من طرف المافيا، كما أنه ليس من الصعب أيضا نفي الطبيعة المافيوزية، لاخطر عملية إجرامية تشهدها مدينة طنجة. لكن ما يرجح كفة النتيجة الأولى، هو توجه المحققين إلى ربط عملية السطو على الوكالة البنكية، بحوادث سابقة كان الرصاص فيهما حاضرا بقوة. إحدى هذه العمليات كان في شهر نونبر من السنة الماضية، عندما أقدم مجهولان على توجيه طلقات نارية إلى مواطن مغربي خلال ترجله بشارع محمد الخامس بمدينة طنجة في ساعة مبكرة من الصباح. الحادثة فتحت الباب على مصراعيه أمام المئات من التعليقات تحدثت (بثقة عالية ) عن تصفية حسابات بين عناصر "مافيا" المخدرات، بل إن بعض وسائل الإعلام المحلية والوطنية، لم تتردد أبدا في ربط الحادث ب "عملية مافيوزي". وقبل هذا الحادث بنحو خمسة أشهر، عاش سكان حي "فال فلوري" حادثة أخرى تفاصيلها لا تختلف عن أحداث الأفلام الأمريكية، من وجهة النظر العامة على الأقل، حيث دوى صوت الرصاص بقوة مكسرا هدوء الليل، على نحو لم يعتده سكان الحي في تلك الساعة المبكرة، باستثناء حوادث متفرقة مرتبطة بشجارات بين السكارى والمنحرفين الذين يتصارعون على جرعات ولفافات المخدرات. تلك الحادثة كانت هي الأخرى بمثابة مفتاح لتداول سيناريوهات مختلفة، أغلبها انبثقت عنها مخيلة السكان، والقاسم المشترك بينها هو أن "المافيا" قتلت قتلت شخصا في منطقة "فال فلوري". هذين الحادثين طبعا ليسا الوحيدين الذين تشهدهما عاصمة البوغاز خلال السنوات الأخيرة، لكن هناك حوادث أخرى بالرغم من غياب الرصاص فيها، فإنها لا تقل خطورة عن ما الحوادث الثلاثة. أما إذا تركز الحديث عن حضور العيارات النارية الذي يؤكد أن السلاح الناري يتجول بشكل أو بآخر في شوارع طنجة، فإن الأمر سيعيد حتما إلى الأذهان تفاصيل معركة دامية وقعت في تسعينيات القرن الماضي، كان مسرحها ساحة الروداني المعروفة ب"النجمة"، وأما أطرافها، فقد قيل أنهم من عناصر "مافيا" دولية لتهريب المخدرات. لا دليل يؤكد من الناحية الرسمية على الأقل، أن مدينة طنجة صارت مسرحا لنشاط تنظيمات مافيوزية، لكن الكثير من الحوادث والعديد من المؤشرات على أرض الواقع، تحيل على شعور بعدم الارتياح، وتجدد طرح السؤال لمرات ومرات، هل أصبحت طنجة فعلا ساحة لتصفية حسابات بين "المافيا"؟