عندما وصلت عقارب الساعة إلى حدود الثانية والربع بعد زوال يوم السبت، كان حميد، نادل مقهى يوجد بوسط مدينة طنجة، قد انتهى من تصفيف الكراسي أمام شاشة عملاقة، استعدادا لاستقبال زبناء اعتادوا على اختيار هذا المقهى لمتابعة مبارة الكلاسيكو الذي جمع بين ريال مدريد وإف سي برشلونة بملعب "سانتياغو بيرنابو". في نفس تلك الأثناء، كانت اغلب المقاهي في مختلف احياء وشوارع مدينة طنجة، قد أعدت عدتها لاستقبال مشاهدي هذا الحدث الرياضي الذي انتهى بنتيجة هدفين مقابل واحد لفائدة الريال، وهي النتيجة التي خلفت حالة من الخيبة لدى أنصار البارصا الذين أخلوا المقاهي وعلامات التذمر بادية على محيا أغلبهم، بسبب هذه الهزيمة التي تأتي بعد أربعة أيام من خيبة امل مماثلة. الشوط الأول.. كر وفر فتعادل لكن قبل أن تضع المنافسة بين الفريقين اوزارها، كانت بداية المبارة قد حملت معها نشوة نصر مؤقت بالنسبة لعشاق الريال مدريد، حينما نقلت الشاشة مشهد اللاعب كريم بنزيمة، وهو يسجل الهدف الأول في الدقيقة السادسة من المبارة. هدف أثار موجة حماس في صفوف أنصار الفريق الملكي الإسباني الذين أبان بعضهم عن شماتة واضحة في حق أنصار الفريق الكاطالوني الذين شكلوا تجمعا خاصا بهم في أحد جوانب المقهى، مثلهم مثل أنصار فريق الريال. أما أنصار الفريق الكاطالوني، فقد عمت صفوفهم حالة من الوجوم والإحباط بسبب البداية الغير الموفقة لفريقهم، إلا أنها حالة لم تلبث ان انقلبت إلى فرحة عارمة، بعدما سدد اللاعب ليونيل ميسي تسديدة نحو مرمى الفريق الملكي في الدقيقة 18، توجت بتسجيل هدف التعادل، وهي النتيجة التي استمرت إلى غاية نهاية الجولة الاولى من المبارة. بعدها اغتنم أنصار كلا الفريقين الزمن الفاصل بين الشوطين لتبادل النقاشات حول بعض فرص التسجيل المهدورة، وكذا توقعاتهم بخصوص ما يحمله الشوط الثاني. الشوط الثاني.. خيبة امل "البارصاويين" إنطلقت الجولة الثانية من المبارة على إيقاع تصفيقات المتفرجين من أنصار كلا الفريقين، بالرغم من علمهم أن هذه أصداء هذه التشجيعات لن تصل إلى أسماع معشوقيهم من اللاعبين الذين تواجدوا وسط زخم تشجيعات المتفرجين الذين ملأوا مدرجات الملعب. لكن تفاعل المتفرجين عبر التلفزيون لم يكن أقل من تفاعل نظرائهم هناك في ملعب "سانتياغو بيرنابو"، وذلك بفضل تعليقات المذيع وهو يصف محاولات التسجيل المختلفة، مثل تلك التي قام بها لاعب برشلونة ميسي، وأيضا لاعب الريال كريستيانو رونادلو. مع اقتراب نهاية المبارة، استمرت التشجيعات من كلا الطرفين، وكل طرف يمني نفسه بنشوة تسجيل فريقه المفضل لهدف الفوز، أمنية سيحققها فريق ريال مدريد لأنصاره في الدقيقة 81 من المبارة، حينما سجل اللاعب راموس الهدف الثاني لفائدة الفريق الملكي، وهو الهدف الذي ارتجت معه أرجاء المقهى بهتافات أنصار الريال في مقابل حالة وجوم في صفوف مشجعي البارصا الذين صار شبح الهزيمة أقرب إلى فريقهم المفضل، خاصة مع تواصل المحاولات لتسجيل مزيد من الأهداف من طرف لاعبي الريال. لكن النتيجة ضلت على حالها،ليفوز الفريق الملكي في الكلاسيكو الثاني علي التوالي. هكذا تابع عموم الطنجاويين من أنصار كلا الفريقين الإسبانيين، لأطوار مبارة الكلاسيكو السادس في موسم البطولة الاسبانية لهذه السنة، وهو نفس المشهد الذي اعتادت مقاهي مدينة البوغاز أن تعيشه على مدى سنوات طويلة، منذ ان كانت إمكانية مشاهدة مباريات أشهر دوري رياضي في العالم، محصورة في الجزء الشمالي للمغرب، بواسطة وسائل بدائية لم تكن تتجاوز في أحسن الأحوال اللاقط الهوائي الأرضي وإلا فإن "الكسكاس" هو الوسيلة التي كانت معتمدة في الغالب، قبل أن تعم هذه الإمكانية باقي ربوع البلاد بعد انتشار القنوات الفضائية.