يشكل الغياب الدائم والمتكرر للعديد من المستشارين عن حضور دورات المجلس الجماعي لمدينة طنجة، نقطة سوداء قد لا تثير اهتمام المواطنين الذين وجدوا أنفسهم فاقدين للثقة في مجلس يفترض أنه يمثلهم ويتولى مختلف القضايا المرتبطة بالحياة اليومية لهم. لكن مسؤولية هؤلاء المواطنين تظل ثابتة بخصوص "استهتار" هؤلاء المستشارين فيما يتعلق بهذا الشأن. فبين أعضاء مجلس مدينة طنجة يوجد أعضاء غائبون بشكل مستمر ودائم، وكأنهم يمثلون مدينة توجد في كوكب بعيد لا يعاني من أي مشاكل، أو أن حضورهم يظل رهينا بالتصويت على ملفات وقضايا لا علاقة لها بالإنشغالات الحقيقية لسكان مدينة طنجة. وهي ظاهرة يعتبرها الرأي العام دليلا على غياب المسؤولية والضمير لدى هؤلاء الممثلين المفترضين لساكنة هذه المدينة. مستشارون أشباح وإذا كان سمير عبد المولى الذي سبق له أن شغل منصب رئيس المجلس الجماعي، من أبرز المستشارين الأشباح في المجلس الجماعي، فإن غيابه لا يثير كثيرا الرأي العام، بحكم أنه حتى في مرحلة توليه مسؤولية التسيير الجماعي، "كان يبدو في قمة الاستهتار وعدم اللامبالاة بمصالح المدينة"، حسب رأي الكثيرين، بسبب غيابه المتكررة سواء عن مكتبه أو عن دورات المجلس. وإلى جانب عبد المولى، هناك يوسف بنجلون الذي لم يسجل له أي حضور منذ أن فقد رئاسة مقاطعة طنجةالمدينة عقب "تمرده" على تحالف "الحكامة الجيدة" الذي يقوده حزب العمدة فؤاد العماري، السنة الماضية. كما يتصدر كذلك حزب المتغيبين عن "تمثيل المواطنين" في مجلسهم المنتخب، الحركي سمير بورحو ، الذي يظل غيابه هو الأصل فيما يبقى حضوره محصورا خلال دورات التصويت على مشاريع الميزانية والحساب الإداري. التجمعي محمد بوهريز، والدستوري محمد الزموري، هما أيضا اسمين لا يمكن التغاضي عنهما عند الحديث عن المتخلفين عن مسؤوليتهم التمثيلية المفترضة للمواطنين، لأن حضورهما هما الآخران يبقى من النوادر، ومرتبطا أساسا بدورات ستناقش مشاريع متعلقة بتفويتات عقارية أو ملفات لها علاقة بالتعمير بشكل عام. غياب الضمير والمسؤولية غياب بعض المستشارين عن أداء مهامهم في المجالس المنتخبة، يراه العديد م ن المتتبعين، بأنه دليل على غياب الضمير والحس بالمسؤولية لدى هؤلاء المنتخبين الذين يملأون مقاعد المجالس الجماعية ب "أجساد فارغة". وفي هذا الصدد، يرى الفاعل الجمعوي محمد أمنصور، رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بجهة طنجةتطوان (الصورة جانبه)، أن ظاهرة غياب المستشارين عن أداء مهامهم التمثيلية تعكس منظورين أساسيين، أحدها يتمثل في النوايا السيئة لدى بعض الأشخاص الذين تحملوا المسؤولية الانتخابية، دون ان يقوموا بواجبهم، فدورهم، يضيف المتحدث، يقتصر على ملإ المقاعد لقطع الطريق على المواطنين الصالحين الذين يمكن أن يقوموا بهذا الدور. كما تعكس ظاهرة غياب المستشارين أيضا، حسب أمنصور، عجز مجلس مدينة طنجة عن تقديم أي شيء للمواطنين وللمدينة، فانشغالات مجلس المدينة في واد ومشاكل المدينة في واد آخر، كما اتضح من خلال أشغال دورة يوليوز التي اختتمت الثلاثاء بالمصادقة على نقطة وحيدة. ولعل هذا هو ما يجعل الكثير من المستشارين، يقول نفس المصدر، يتهربون من حضور مثل هذه الدورات نظرا لعدم وجود أي جدوى من ذلك. ويعتبر محمد امنصور أيضا في تصريح ل"طنجة 24"، أن هذه المجالس مثل مجلس مدينة طنجة، هي عبارة عن مجالس مسخرة، مكونة من "فيالق" هم عبارة عن أشخاص معدون أساسا للتصويت فقط، وهو ما يتجلى، وفق المتحدث نفسه، في دورات الحساب الإداري ودورات التصويت على الميزانية، التي تنطلق بأغلبية مكثفة وما أن يتم التصويت على نقطة محددة حتى يبدأ المستشارون في الإنصراف واحد واحدا، حيث يتبقى في الأخير عدد أقل من 10 في المائة من عدد هؤلاء المستشارين الذين يتولون بالأقلية التصويت على قضايا مهمة ومصيرية بالنسبة لمدينة طنجة.