" تهادَوْا تَحَابُوا " حديث نبوي شريف ينصحنا بتبادل الهدايا فيما بيننا لتقوية روابط المحبة، و هي حكمة ما فوقها حكمة، بما تلعبه الهدية من دور في تحبيب الهادي إلى قلب المهدى له، و لهذا تجد الناس يتبادلون الهدايا فيما بينهم عند كل مناسبة، لكن و للأسف ليس الدينة منها، و إنما في أعياد الميلاد، أو رأس السنة الميلادية، أو عيد الحب - المزعوم -...أو في بعض المناسبة الخاصة كالخطوبة، و الزفاف، و السبوع...و التي غالباً ما تقاس قيمتها بثمنها. أما في المناسبات الدينة، فنحن فَالِحُون فقط في تبادل التهاني، و التي تقتصر على رسائل عبر الجوال، أو مكالمة هاتفية إذا دعت الضرورة، باستثناء رمضان، المناسبة الدينة الوحيدة التي يتم فيها تقديم الهدايا، ليس من شخص لآخر، و إنما من المؤسسات البنكية و بدون استثناء إلى زبنائها، و لا تتكهنوا حول ماهية الهدايا، و تظنوا بما أن المناسبة دينية فالهدايا ستكون إما مصاحف، أو سُبحات، أو سجادات الصلاة. إنها و للأسف أوراق اللعب، أو ما يعرف عند العامة ب" الكارطة "، و تسمى أيضاً في عدد من البلدان ب" الكوتشينة "، فتجد مدير الوكالة البنكية يقدم الى زبنائه علبة منها و هو يبارك له رمضان، و يتمنى له أن يستمتع بها و يضيع أكبر وقت من وقته الذي يمكن أن يستثمره فيما هو أهم و أنفع له في هذا الشهر المخصص للعبادة. الكارطة، أو الكوتشينة، أو أوراق اللعب هذه تطغى في هذا الشهر الكريم، فتجد المقاهي مملوؤة عن آخرها، و الناس في لهو من أمرهم، و " الروندا " أو " التوتي " أو غيرهما من الألعاب تفعل فيهم ما تفعل. و تستنزف وقتهم استنزافا، و ليس في المقاهي فقط، فالروندا تغزو البيوت أيضاً في ليالي رمضان، و الأزقة و الحدائق نهاراً، بل تُتَّخذ قماراً عند البعض. هي إذاً هدية مسمومة في شهر تكثر فيه هدايا الخالق عز وجل، فمن يمد يده ليتلقاها ؟ تقبل الله صيامكم