تعيش العديد من الأسر في مدينة طنجة ومدن مغربية أخرى، مشاعر قلق على أبنائها الذين انقطعت أخبارهم بعد مغادرتهم أرض الوطن نحو أوروبا خلال موجة الهجرة غير الشرعية التي عرفتها البلاد، خلال الأسابيع الماضية. مزيج من مشاعر الشوق وألم الفراق والقلق، تعيشها عوائل شبان مغاربة، يرجح أنهم ركبوا البحر في إحدى رحلات الهجرة غير الشرعية، لتنقطع أخبارهم تماما، دون توفر أي معلومات حول ما إذا كانوا قد نجحوا في عبور مضيق جبل طارق، أم ابتلعهم أمواج المتوسط. وحسب إحصائيا نشرتها الصحافة الاسبانية، فإن أزيد من 7 آلاف شاب مغربي، وصلوا إلى شبه الجزيرة الأيبيرية، على متن رحلات للهجرة السرية، خلال الشهور العشرة الأولى من العام الجاري. "رحمة العماري"، امرأة في الأربعينات من العمر، تؤكد في حديث لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أنها منذ قرابة شهرين لم تعد تعرف للنوم طعما، بسبب تفكيرها المستمر في مصير ابنها الأصغر "أيوب" الذي انقطعت أخباره. وتعود هذه السيدة بذاكرتها إلى الشهور الماضية، التي أعقبت توقف ابنها عن دراسته، من أجل التفرغ للتخطيط لمغادرة البلاد إلى أوروبا. "في كل مرة كان يغيب عن البيت لساعات طويلة قد تصل إلى يومين، وعند عودته نعلم منه أنه كان يحاول اقتناص فرصة للهجرة على متن قارب يهجر الشباب بالمجان"، تضيف المتحدثة موضحة. وعرفت ظاهرة الهجرة السرية، خطيرا خلال أسابيع امتدت من أواخر غشت وشتنبر الماضيين، من خلال ظهور متكرر لقارب غامض عرف إعلاميا ب"الفانطوم الشبح"، تردد عنه انه يقوم بحمل شباب راغبين في الهجرة إلى أوروبا بشكل مجاني إلى السواحل الاسبانية. وتنوعت التفسيرات حول الجهة التي تقف وراء عمليات التهجير تلك وهدفها من ذلك، قبل أن ينتهي الأمر بتوقيف "الفانطوم" من طرف السلطات البحرية الاسبانية. لا تجزم "رحمة"، أن أيوب قد وصل سالما إلى اسبانيا "فلو كان هناك لاتصل ليطمئن والديه وإخوته" كما قولها. مبدية قلقا كبيرا من أن يكون قد تعرض لأي مكروه. قبل أن تعود لتندب فشلها في اقتناعه بعدم الانجرار وراء هذه الموجة. حكايات عوائل أخرى مع فراق أبنائها الذين انجروا إلى حلم الهجرة إلى اسبانيا، لا تختلف كثيرا، فإضافة إلى أسرة "رحلة العماري" المكلومة بافتقاد ابنها أيوب وجهلها أي شيء عن مصيره، هناك حكايات أخرى تتأرجح بين لوعة الفراق والخوف على أبنائها، وآخرون فقدوا كل أمل في لقاء جديد بعد تأكيد وفاتهم في حوادث غرق وقعت جراء انقلاب قارب كان يقلهم إلى "الفردوس الأوروبي". ولا تتوفر إحصائيات تهم عدد الشباب المغاربة الذين قضوا خلال سعيهم نحو الضفة الشمالية لمضيق جبل طارق، سواء من طرف المنظمات غير الحكومية، أو السلطات المغربية التي تقول إنها تمكنت من احباط 68 الف محاولة للهجرة السرية، وتفكيك 122 شبكة إجرامية تنشط في هذا المجال، وذلك خلال الشهور التسعة الاولى من العام الجاري.