استلقوا على الأرصفة، وخذوا من أبواب المنازل متكأ لكم. استريحوا وأريحونا ولا تزعجونا. خذوا من الوقت ساعة حرة افعلوا فيها ما تشاؤون. كلوا واشربوا وتصرفوا كيفما يحلو لكم. تعارفوا وتصاحبوا وتحابوا في الله أو في العم فالانتاين.اتخذوا بعضكم بعضا خلانا وخليلات، فقد تعلمتم من المسلسلات ما يعفيكم من الخجل. كلوا إن وجدتم شيئا يؤكل، ليس مهما أن تكون الوجبة همبوغيسة أو همبورخيصة، أو خانز وبنين، أو سخون ولذيذ، المهم أن تجدوا شيئا يبلع ثم تبولوا وتغوطوا حيث يحلو لكم، فكل الأسوار والجدران مراحيض، وكل المراحيض مفتوحة أمامكم، لا فرق عندنا بين أناثكم وذكوركم، ألم نسوي بينكم في الحقوق كما الواجبات؟ وفي السورفيط والكاسكيطات؟ لا تبالوا بالمطر إن هطل، ولا بالبرد إن اشتد ونزل، فقط احشروا رؤسكم في صدور بعضكم البعض وغنوا "ساعة بقرب الحبيب أحلى أمل في الحياة". وقد اهديناكم ساعة كاملة حرة فلا تضيعوها. لن يحاسبكم آباؤكم عن التأخر عن موعد الدخول، ولا عن الخروج قبل الموعد المعتاد، فقد أدركنا أنكم في حاجة إلى السفر في ذواتكم فسافروا الآن، تجولوا بين الزقاق، واختفوا عن الأنظار لحظة ثم تحرروا من قيود الأسر،. نريدكم شبابا متفتحا متحررا منحلا كما لم يعش آباؤكم. نريدكم من المدخنات والمدخنين، والمحششات والمحششين، والمشيشات والمشيشين. نريدكم من رائدات ورواد المقاهي. نريد أن نتخلص من نباهتكم ونبوغكم، لا نريدكم كمريم أمجون، بل كليلى وقيس المجنون. نريدكم أن تكفوا عنا صراخكم واحتجاجاتكم، سئمنا من تفوق بعضكم في الدراسة، وبعضكم الآخر في تحليل وتفكيك رموز السياسة. لقد تطاولتم علينا، واكتشفتم خيوط لعبتنا، وصرنا لا نعرف للنوم راحة بسبب تربصكم بنا، واقتناصكم للحظات جنوننا، وفضحكم لفسادنا، وكشفكم لأكاذيبنا، ومقاطعاتكم لمنتوجاتنا. تجاوزتم حدودكم معنا، وشكلتم قلقا يقض مضاجعنا. نحن الذين فتحنا لكم الحظائر كي تدرسوا بها وتشكروا النعم، فصرتم من الناقمين علينا لما أنعمت به على جيوبنا السياسة التي ركبناها وركبناكم بها، الآن فانحرفوا واتركونا نتداول في أمور علاجكم، أو عقابكم. ملأنا بكم الزنازن، وأشبعنا بطون الحوت بجثثكم، وقمنا بكل ما ينفعنا من التخلص منكم ومن عويلكم. فصبرنا عليكم قد نفذ، وغضبنا عليكم قد اشتد. ألا ترون أن القطارات تنحرف، وأن الحافلات والشاحنات تنحرف، وكل شيء في هذا الكون ينحرف، إلا أنتم، فلازلتم على الفايسبوك قائمين، وفي الواتساب فاضحين، لخلوتنا وجنوننا، فضحتمونا وشوهتمونا ولم تتركونا على حال. انحرفوا وانحلوا، فلن يظل في هذا البلد شيء على حاله سوى امتيازاتنا، وتقاعدنا، و تعويضاتنا عن مهامنا في دفعكم إلى الانحراف. الآن فانحرفوا.