يعيش قطاع تجارة القرب على مستوى اسواق طنجة، موسما استثنائيا هذا الصيف، اذ يشتكي معظم التجار من حالة ركود تعم القطاع بشكل غير مسبوق في هذه الفترة التي عادة يراهن خلالها المهنيون على انعاش تجارتهم وتعويض ركود باقي شهور السنة. ورغم ما سجلته طنجة، من اقبال لافت فيما يخص السياحة الداخلية خلال الصيف الجاري، الا ان القطاع التجاري في المدينة، ظل على هامض هذه الدينامية، بحسب ما يؤكده العديد من التجار، تحدث بعضهم لجريدة طنجة 24 الالكترونية. أسواق تفقد زبناءها داخل سوق حي "بئر الشعيري" بمنقطة بني مكادة، تبدو حركة المتسوقين محدودة بالرغم من تنوع المعروضات في هذا الفضاء الذي ظل الى حدود سنوات قليلة مضت احد اهم الوجهات التجارية في مدينة طنجة. وبحسب احد ارباب المحلات التجارية، فإن "سوق بئر الشعيري فقد خلال السنوات الاخيرة الكثير من زبنائه بعد ان كان مقصدا للمتسوقين من مختلف مناطق مدينة طنجة، شأنه شان سوق الداخل وكسبراطا". وبحسب هذا التاجر، فإن السبب في تراجع اعداد رواد سوق "بئر الشعيري" يكمن في انتشار فضاءات تجارية مجاروة يتوزع معها الزبناء، الى جانب المنافسة التي يشكلها الباعة المتجولين على الرصيف، فضلا عن تنامي نشاط المراكز التجارية العصرية الكبرى. ليس سوق "بئر الشعيري" في بني مكادة، استثناء وسط هذا الوضع المتأزم، كما يصفه التجار، حيث يبوح مهنيون وارباب محلات في اسواق اخرى مثل كسبراطا، بشكايات مشابهة. تشتيت الزبناء حالة الركود التي تعانيها تجارة القرب بطنجة، واقع لا يمكن انكاره، بحسب ما يراه سعيد أهروش، المسؤول برابطة تجار وحرفيي سوق الحي الجديد، الذي يفسر الوضع بوجود تضخم في اعداد المحلات التجارية والاسواق اضافة الى العشوائية التي تعرفها جل الاسواق. ويرى اهروش متحدثا لجريدة طنجة 24 الالكترونية، ان هناك حاجة ماسة لمراجعة تناسل اسواق القرب الجديدة البالغ عددها 21 سوقا تم احداثها في اطار برنامج "طنجة الكبرى"، معتبرا ان المقاربة التي تم اعتمادها في الاستفادة من هذه الأسواق "فرخت الطامعين في نيل الغنيمة كحق يقتضي الحصول عليه اللجوء لاحتلال الملك العمومي". ويضيف المتحدث، ان المقاربة السالفة الذكر، افضت الى تشتيت الزبناء وتكاثر العاملين في قطاع التجارة على حساب العاملين في قطاعات اخرى الدين كانوا لوقت قريب زبناء. غياب العصرنة التراجع الذي تعرفه ارقام معاملات تجارة القرب، في نظر الناشط في مجال حماية المستهلك، حسن الحداد، ليس مرده فقط الى العوامل المرتبطة بالبيئة التجارية، بل ان هناك عوامل اخرى مرتبطة بالمستهلك في حد ذاته. ويشرح الحداد، في تصريح لجريدة طنجة 24 الالكترونية، ان الثقافة الاستهلاكية عند المواطن، عرفت خلال السنوات الأخيرة تطورا لافتا لم يوفق الكثير من تجار القرب في مواكبتها والتماشي معها. وأبرز المتحدث، ان الفضاءات والمراكز التجرية العصرية، نجحت الى حد كبير في مواكبة ثقافة المستهلك وأذواقه، ما يطرح تحديا حقيقيا للعاملين في قطاع تجارة القرب حاجة للتأهيل وفي نظر الفاعل الجمعوي، فإن تجاوز الحالة الراهنة التي تعاني منها تجارة القرب، تقتضي من المهنيين انفسهم ان يعملوا على مجاراة تطور هذه الثقافة الاستهلاكية وتحسين وسائل التواصل مع الزبائن واقناع بأهمية المنتوج من حيث الاسعار والجودة. وفي نفس الاطار، يؤكد رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجةتطوانالحسيمة، عمر مورو، ان تاهيل القطاع التجاري وعصرنته، يعتبر من صميم الأهداف التي تتوخاها الغرفة من خلال عدة برامج وورشات تنظمها بشكل دوري. ويوضح مورو، في حديث سابق للجريدة، ان غرفة التجارة والصناعة والخدمات، تعمل من وقت ﻵخر على تنظيم لقاءات وورشات تكوينية لفائدة التجار، من اجل تأهيلهم لمواكبة مختلف المستجدات التي يعرفها القطاع التجاري. وحسب نقس المسؤول، فإن مؤسسته تسعى من خلال الشراكة القائمة التي تجمعها مع جماعة طنجة، إلى بحث سبل معالجة قضايا القطاع التجاري خصوصا تخفيف العبء الضريبي، داعيا إلى العمل من أجل إقامة عدالة جبائية مقابل عدالة تجارية لمساعدة التجار الذين يوجدون على حافة الإفلاس لإعادة الإشعاع التجاري بالمدينة والجهة.