تعالت أصوات عديدة في مدينة طنجة، تعبر عن مخاوفها من المس بمقهى الحافة التاريخي، في اعقاب تدخل قامت به السلطات المحلية، لهدم جزء من المقهى تمت اقامته خارج نطاق القانون، مما أجبر صاحب المقهى على اغلاقه في وجه الزبناء. وفيما عاب الكثيرون، على صاحب المقهى نفسه، قيامه بتشييد بناء لا ينسجم مع الخصوصية المعمارية لهذا الفضاء التاريخي، لقي تدخل السلطات المحلية، انتقادات واسعة اعتبارا لما سيترتب عنه المساس بالقطاع السياحي في المدينة، فضلا عن تحذيرات من المساس به. تدخل "متأخر" واعتبر الفاعل الجمعوي عبد العزيز جناتي، رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، ان تدخل السلطات المحلية الذي وصفه بأنه متاخر، " أعاد للواجهة سؤال التسيب و عدم العناية الكافية التي تطبع التعامل مع المآثر التاريخية للمدينة و فضاءاتها الرمزية التي تعرف تطاولا و استباحة يومية في ظل القصور الذي يطبع المقاربة المنتهجة من قبل السلطات الوصية". وحذر جناتي عبر تدوينة على حسابه في فيسبوك، من ان هذا الامر "يؤدي لتشويه و استنزاف الراسمال اللامادي للمدينة التي تراهن على الانخراط في نادي اليونسكو.". "انتقائية" في تطبيق القانون من جهته، سجل الناشط الجمعوي، عدنان معز، رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات وابحاث التنمية المحلية، أن مقهى الحافة "أصبح قبلة للسياح الأجانب بل أصبح يحتل المراتب الاولى في الماثر التي يجب ان يزورها السائح لطنجة حسب الكتب الإرشادية السياحية ، فهو بامتياز ملتقى للشعراء والكتاب والحالميين بغد جميل.". ورأى معز، أن المقهى "كان من الاولى ان يتم الاهتمام به وتثمينه بدل اعتماد قوانين جافة تعاقب تاريخ المدينة والذاكرة المشتركة لساكنتها وزوارها ، البارحة كان برج البلايا واليوم مقهى الحافة....؟". الاعلامي أحمد افزارن، شن هجوما لاذعا ضد ولاية طنجة، على خلفية الاجراء الذي نفذته مصالحها بهدم جزء من مقهى الحافة، معتبرا أن الولاية "لا حق لها ان تهدم مقهى الحافة وهي مبنية منذ عام 1921". واعتبر إفزارن، ان " الهدم لا يعني أن الولاية دائما تطبق القانون، كثيرا ما تغض الطرف عن القانون"، متسائلا "لماذا لم تطبق القانون على عمارات لها طوابق، فوق ما تم الترخيص به؟". مقهى في عداد الآثار وتجدر الاشارة، انه سنة 2016، أصدرت وزارة الثقافة في عهد الوزير السابق محمد الأمين الصبيحي، قرارا أصبح بموجبه مقهى الحافة ضمن لائحة الآثار التي لا يجوز المساس بها. قرار وزير الثقافة، الذي شمل حينذاك إلى جانب مقهى "الحافة"، أيضا 17 بناية ومعلمة تاريخية في طنجة، جاء تقييدها في عداد المآثر ، التي يمنع إجراء أي تغييرات عليها إلا بإذن من الوزارة، وذلك بطلب من والي جهة طنجةتطوانالحسيمة، محمد اليعقوبي. ومقهى "الحافة" الذي افتتح سنة 1921، على إطلالة بحرية، استمد تسميته منها، فهذا الموقع الذي يضم هذا المقهى، هو ذو بنية غريبة، هي عبارة عن مجموعة من الطبقات الصخرية، واحدة تؤدي إلى أخرى... في هندسة طبيعية نادرة. وأنشئ المقهى من طرف "با محمد"، وظل محافظا على طابعه التاريخي، لكن الرجل أنهكه المرض في السنوات الأخيرة من عمره، اضطر لتأجير المقهى لصاحبه الحالي "عبد الرحيم العاقل" الذي عمل به كنادل منذ سنة 1971.