يتجه البرلمان الإسباني إلى التصويت، الخميس، على مرسوم قانون يهدف إلى إعادة توزيع القاصرين الأجانب غير المصحوبين على الأقاليم المختلفة، في وقت تتكثف فيه الدعوات السياسية داخل البلاد لدعم هذا النص، وسط تصاعد الضغوط في مدن مثل سبتةالمحتلة، التي تشهد اكتظاظاً حاداً في مراكز الإيواء. ودعت مندوبة الحكومة الإسبانية في سبتة، كريستينا بيريز، النائب البرلماني عن الحزب الشعبي، خافيير سلايا، إلى التصويت لصالح المرسوم، معتبرة أن عليه أن "يضع مصلحة سبتة فوق الاعتبارات الحزبية"، في إشارة إلى موقف قيادة الحزب الشعبي بزعامة ألبرتو نونيز فيخو، التي لم توضح موقفها النهائي من المشروع الحكومي. وقالت بيريز للصحافيين: "آمل أن يدافع سلايا عن مصالح الساكنة، وأن يصوّت لصالح هذا المرسوم الذي من شأنه تخفيف العبء عن سبتة ومدن أخرى مثل جزر الكناري، التي تعاني من ضغط كبير نتيجة تدفق القاصرين". ويأتي هذا التحرك في إطار اتفاق سياسي بين الحكومة المركزية في مدريد وحزب "خونتس" الكتالوني، يقضي بإعادة توزيع هؤلاء القاصرين عبر مختلف الأقاليم الإسبانية، مع تخصيص دعم مالي إضافي يُقدر ب100 مليون يورو ضمن ميزانية 2025، بهدف تحسين ظروف الإيواء وضمان احترام مبدأ المصلحة الفضلى للطفل. وتعاني سبتةالمحتلة، من ارتفاع لافت في عدد القاصرين غير المصحوبين، الذين يصلون إليها عبر نقاط التماس مع باقي الأراضي المغربية، خصوصاً خلال فترات الذروة الموسمية في فصل الصيف مما أدى إلى تجاوز الطاقة الاستيعابية للمراكز الاجتماعية، وأجبر السلطات على اللجوء إلى مخازن موقتة غير مجهزة. وكان الناطق باسم حكومة سبتة، أليخاندرو راميريث، قد حذّر في وقت سابق من هذا الأسبوع من "الضغوط الهائلة" التي تواجهها المدينة، مشيرا إلى أن المراكز المخصصة للقاصرين بلغت مستويات غير مسبوقة من الاكتظاظ، مع تسجيل حوادث متكررة داخل مرافق الاستقبال. وتُعتبر هذه القضية حساسة سياسيا، بالنظر إلى أن سلطات سبتة تخضع لسيطرة الحزب الشعبي، الذي يتخذ في العادة مواقف متشددة بشأن الهجرة، لكنه يجد نفسه في موقع دفاعي داخلي، بعدما أبدى مسؤولوه تأييدا للمقترح الحكومي خلافاً للخط الرسمي للحزب. من جهة أخرى، يتابع المغرب هذه التطورات باهتمام خاص، إذ تعتبر أن التحديات الاجتماعية والإنسانية التي تواجهها المدينتان المحتلتان، سبتة ومليلية، تعكس حالة الارتباك التي يعيشها الجانب الإسباني نتيجة غياب حل نهائي لوضعهما القانوني، كما تُعيد إلى الواجهة النقاش حول السيادة المغربية على المدينتين. وفي خضم هذه التجاذبات، تراهن الحكومة الإسبانية على تمرير المرسوم بدعم من جزء من المعارضة وبعض النواب الإقليميين، على أمل إيجاد حل مؤقت يخفف من الأزمة دون أن يؤدي إلى انقسام أعمق داخل البرلمان أو إلى مزيد من التوتر في العلاقات مع الحكومات المحلية. وتُعد سبتة من النقاط الساخنة في ملف الهجرة غير النظامية، حيث شكلت في السنوات الأخيرة معبراً رئيسياً للعديد من المهاجرين، القاصرين والبالغين، ما جعلها في صلب الاهتمام الأوروبي، وسط دعوات من منظمات حقوقية لضمان احترام كرامة القاصرين وظروف احتجازهم. وفي انتظار نتيجة التصويت البرلماني، يبقى مصير المرسوم مفتوحا على جميع السيناريوهات، في ظل تردد عدد من النواب المحافظين، وانقسام داخلي بين من يدافع عن الانضباط الحزبي ومن يضع مصلحة الأقاليم المتضررة في المقام الأول.