تحولت احتفالات شعبية بمناسبة عيد الفطر في عدة أحياء بمدينة طنجة إلى مادة جدلية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما أظهرت مقاطع مصوّرة نُشرت خلال أيام العيد مشاهد لفرق موسيقية شعبية ومُنَشطين وهم يؤدون أغانٍ أمام جمهور غفير من الأطفال والمراهقين، في أجواء احتفالية مفتوحة أثارت تبايناً حاداً في الآراء بشأن طبيعتها ومضامينها. وعبّر عدد من المتابعين عن انزعاجهم مما اعتبروه "انزلاقا في الذوق العام"، مشيرين إلى أن بعض الأغاني المتداولة خلال تلك الفعاليات تتضمن "عبارات ساقطة" و"إيحاءات غير لائقة"، ولا تناسب مناسبة دينية مثل عيد الفطر، خاصة وأنها قدّمت في فضاءات عمومية وأمام جمهور قاصر. وذهب بعض المعلقين إلى المطالبة بضرورة تدخل السلطات المحلية أو الجمعيات المنظمة، من أجل "حماية المجال العام من الانفلات الفني والأخلاقي"، على حد تعبيرهم. وفي المقابل، اعتبر آخرون أن الانتقادات الموجّهة لهذه الاحتفالات تكشف عن "نظرة طبقية" تحاول فرض وصاية ثقافية على الأحياء الشعبية، مؤكدين أن مظاهر الاحتفال المتواضعة في هذه الأحياء تعكس واقعا اجتماعيا بسيطا، ولا تختلف في جوهرها عن الفعاليات الموسيقية الأخرى التي تُقام في أماكن مختلفة من المدينة خلال الصيف والمواسم الفنية. وأكدوا أن كثيراً من الأطفال الذين تفاعلوا مع الأغاني يعرفونها مسبقا ويتداولونها في محيطهم اليومي، ما يجعل الاعتراض عليها في العيد فقط "نوعاً من الانتقائية". وفي خضم هذا النقاش، كتب المفكر والداعية محمد بن الأزرق الأنجري، المعروف بمواقفه غير التقليدية، تعليقا على حسابه بفيسبوك جاء فيه: "ما المشكلة في تلك الأغاني الشعبية؟ إن كانت عيبا وفجورا – وليست كذلك إذ في تراث الصحابة والفقهاء ما هو أفحش منها – فلماذا نعيبها في العيد ولا نعيبها باقي الأيام؟ ولماذا يسمح لها بالشيوع عبر وسائل الإعلام؟ دعوا الأطفال يروحون عن أنفسهم، وهم مسبقا يحفظون تلك الأغاني عن ظهر قلب وإن لم يكترثوا لمعانيها." وفي منشور لاحق، وصف بن الأزرق التفاعل الغاضب مع هذه المقاطع ب"النفاق الاجتماعي"، قائلا: "تجده يستحلي الأغاني كيفما كانت، ويتساهل مع أولاده وبناته فيها وفي غيرها، ويحضر المهرجانات الموسيقية في الشواطئ وربما الكباريهات... ثم يفتعل حرباً ضد أطفال نشطوا على أنغام شعبية بمناسبة عيد الفطر.". وأضاف أن كثيراً من الذين يستنكرون هذه الأغاني لا يتحفظون على ما يشابهها في مضمون الأغاني الرائجة للفنانين المعروفين، مشيراً إلى أن الفرق يكمن فقط في الصورة النمطية للفن الشعبي وأهله. وحتى الآن، لم تُسجّل أي مواقف رسمية بخصوص الموضوع، فيما لا تزال المقاطع المتداولة تحصد نسب مشاهدة مرتفعة، وتغذي نقاشا مفتوحا حول علاقة الفن الشعبي بالمجال العمومي، وحدود الذوق العام، ومكانة الأحياء المهمشة في الخريطة الثقافية للمدينة.