تتداول وسائل الإعلام المختلفة، خلال مواسم للأعاصير والعواصف، أسماء مثل "جانا"، "كونراد"، و"مارتينو"، ما يثير تساؤلات حول كيفية اختيار هذه الأسماء، ومن هي الجهة المخولة بمنحها، وما إذا كانت هناك معايير محددة تحكم هذا النظام. وتخضع تسمية العواصف لنظام دولي دقيق تديره المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة. ويتم إعداد قوائم الأسماء مسبقا لكل حوض محيطي، وتُستخدم بالتناوب كل عدة سنوات. ويكمن الهدف من هذا النظام في تسهيل التواصل بين الهيئات الرسمية وعامة الناس، مما يسهم في نشر التحذيرات بسرعة وفعالية، ويحد من الالتباس الذي قد ينجم عن تعدد الظواهر الجوية في فترة زمنية قصيرة. وقبل اعتماد هذا النظام، كانت العواصف تُحدد عادة بأرقام أو إحداثيات جغرافية، مما كان يؤدي أحيانًا إلى إرباك السكان والمسؤولين عن إدارة الكوارث. وفي خمسينيات القرن الماضي، بدأت الولاياتالمتحدة في استخدام أسماء نسائية فقط للعواصف، وهو تقليد استمر حتى عام 1979، عندما تم اعتماد نظام يشمل الأسماء المذكرة والمؤنثة بالتناوب، تحقيقًا للمساواة وتجنبًا للجدل. ويتم اختيار الأسماء من قبل المراكز الإقليمية المختصة بالأرصاد الجوية، مثل المركز الوطني للأعاصير (NHC) في الولاياتالمتحدة، ومكتب الأرصاد الجوية الإسباني (AEMET) الذي يتولى مسؤولية تسمية العواصف التي تؤثر على أوروبا وشمال إفريقيا. وغالبا ما تكون الأسماء مختصرة وسهلة النطق بلغات مختلفة، ما يسهم في سرعة تداولها بين وسائل الإعلام والجهات المعنية بإدارة الكوارث. وعند حدوث عاصفة أو إعصار استثنائي يتسبب في دمار واسع النطاق أو خسائر بشرية جسيمة، يتم حذف اسمه نهائيًا من القائمة واستبداله باسم جديد، لتجنب إثارة الذكريات المرتبطة بالمأساة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك، حذف اسم "كاترينا" بعد الإعصار المدمر الذي اجتاح الولاياتالمتحدة عام 2005، و"هايان" الذي خلف دمارًا واسعًا في الفلبين عام 2013. وفي أوروبا وشمال إفريقيا، شهدت الأسابيع الأخيرة سلسلة من العواصف التي حملت أسماء مثل "جانا"، "كونراد"، و"مارتينو"، وهي أسماء أطلقتها وكالة الأرصاد الإسبانية بالتنسيق مع الهيئات المعنية في المنطقة. ففي مارس 2025، أثرت "جانا" على شمال إسبانيا والمغرب مصحوبة برياح قوية وأمطار غزيرة، تبعتها "كونراد"، التي تسببت في اضطرابات جوية واسعة. أما "مارتينو"، فكانت أحدث عاصفة أُدرجت في القائمة، ومن المتوقع أن تؤثر على شبه الجزيرة الإيبيرية وشمال إفريقيا خلال الأيام المقبلة. ومع تزايد حدة التغيرات المناخية وارتفاع وتيرة العواصف في السنوات الأخيرة، تظل آلية التسمية جزءًا مهمًا من استراتيجيات التأهب وإدارة المخاطر، حيث تسهم في تعزيز الوعي العام وضمان استجابة سريعة وفعالة من قبل الحكومات والجهات المعنية بحماية السكان من تداعيات الظواهر الجوية القاسية.