يعتبر المغرب هو أول دولة في العالم اعترفت باستقلال امريكا وبحقها في انشاء كيان مستقل عن “الاستعمارين” البريطاني والفرنسي، وذلك سنة 1777م، أيام السلطان المولى عبد الله. وبفضل هذا الاعتراف من امبراطورية كان يحسب لها حسابا كبيرا في تلك الفترة، اتخذت امريكا خطوتها الكبرى نحو دولة مستقلة قائمة الذات، لكن اقامة دولة دون أن يكون لها تمثيلية تُعرف بها في الخارج، تعتبر دولة “ناقصة” في الناحية الرسمية والشكلية. هنا يظهر فضل المغرب مجددا، إذ بعد اعترافه باستقلال امريكا بأربعة وأربعين سنة، أهدى المولى سليمان إلى الرئيس الامريكي أنذاك جيمس مونرو بناية بالمدينة القديمة لطنجة لتمثل ديبلوماسية دولته على الصعيد الخارجي وذلك في سنة 1821. وتعتبر هذه البناية التي أصبحت المفوضية الأمريكية ومقرا لهيئة أمريكا الديبلوماسية، أول بناية ادارية حكومية تابعة للأمريكيين خارج بلدهم الناشئ، إذ لم يكن لهم أي تمثيلية ديبلوماسية في أي مكان في العالم عدا طنجة في هذه الفترة. وبهذه البناية التي أصبحت تملكها الولاياتالمتحدةالامريكية في الخارج بمدينة طنجة، صارت امريكا بشكل رسمي ككيان دولي قائم الذات وبكافة متطلباته الشكلية والرسمية إلى جانب باقي الدول الاجنبية الاخرى التي كانت تمتلك مقرات لهيأتها الديبلوماسية بطنجة. وظلت هذه البناية، التي لازالت قائمة إلى الآن، تقوم بمهامها الديبلوماسية من سنة 1821 إلى ما بعد استقلال المغرب سنة 1956، حيث ظلت بعد الاستقلا ب 5 سنوات تقوم بمهامها المنوطة بها، قبل أن يتقرر نقل هذه الهيئة من طنجة إلى العاصمة الرباط. وتحولت هذه البناية في السنين الاخيرة إلى متحف يضم عددا من الوثائق التاريخية التي تؤرخ للعلاقات المغربية والأمريكية، وهي الآن المعلمة التاريخية الوحيدة لأمريكا خارج أمريكا، بعدما كانت أول بناية يمتلكها الامريكيون خارج بلدهم والتي بدأوا بها تاريخهم “الخارجي” بشكل رسمي.