سلطت أطروحة جامعية حديثة على دور التدبير العمومي الجديد في تعزيز فعالية السياسات العمومية في المغرب، مع التركيز على السياسات الاجتماعية باعتبارها أداة مركزية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. وشددت الدراسة، التي أعدها الباحث البشير الحداد الكبير، وتم مناقشتها مؤخرا برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، على أهمية تبني نماذج حديثة في التدبير العمومي لتحسين الأداء الحكومي والاستجابة الفعالة لتطلعات المواطنين. وتناولت الأطروحة، التي حازت على ميزة "مشرف جدا" بقرار من لجنة المناقشة، الإطار النظري والتاريخي للسياسات العمومية، حيث أوضحت مراحل صياغتها وتنفيذها والفروق بينها وبين مفاهيم مثل السياسات القطاعية والمشاريع والبرامج العمومية. كما ناقشت دور الفاعلين في صناعة السياسات بالمغرب، بما يشمل الحكومة، البرلمان، ومؤسسات الحكامة، إضافة إلى دور المجتمع المدني في التأثير على صياغة وتنفيذ السياسات. وركزت الدراسة بشكل خاص على التحولات التي عرفتها السياسات الاجتماعية في المغرب، بدءا من صندوق المقاصة والمخططات التنموية التي انطلقت منذ عام 1958 واستمرت حتى 2004، مروراً بإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، ووصولاً إلى البرامج الحديثة مثل برنامج تيسير لدعم التمدرس وصندوق التكافل العائلي ودعم الأرامل. وأكد الباحث على أن هذه المبادرات تهدف إلى تحسين ظروف عيش الفئات الهشة وتقليص الفوارق الاجتماعية. مستعرضا تدخلات الدولة في أوقات الأزمات، التي تجلت من خلال الأدوار الفعالة أثناء جائحة كورونا وزلزال الحوز في تقديم الدعم السريع للمواطنين، مما يجسد مفهوم الدولة الاجتماعية. وأكدت الدراسة على أهمية الاستفادة من برامج حديثة مثل فرصة، أوراش، وانطلاقة، التي تستجيب لتوجيهات الخطب الملكية وتستهدف تعزيز التنمية المحلية وتشجيع المبادرات الذاتية. وتناولت الدراسة أيضاً دسترة الحقوق الاجتماعية في دستور 2011، حيث أبرزت دور المؤسسات الرقابية مثل المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقييم السياسات الاجتماعية، إلى جانب دور البرلمان في مراقبة الأداء الحكومي. كما أشارت الأطروحة إلى خطب ملكية رئيسية، مثل خطب عيد العرش وافتتاح البرلمان، التي سلطت الضوء على ضرورة تحسين السياسات الاجتماعية لتحقيق التنمية المستدامة والحد من الفقر. وخلصت الدراسة إلى أن نجاح السياسات الاجتماعية في المغرب يتطلب إدارة فعالة وكفاءة عالية من النخب السياسية والإدارية، مشددة على أهمية الالتزام بمبادئ التدبير العمومي الجديد لتحقيق أهداف العدالة الاجتماعية والمجالية. مؤكدة أن الخطب الملكية شكلت خارطة طريق لإرساء نموذج متقدم من الدولة الاجتماعية.
يشار إلى أن لجنة المناقشة، ضمت كلا من الدكتور محمد يحيا رئيساً والدكتورة أسماء شطيبي مشرفة وعضوة والدكتورة نسرين بوخيزو عضوة والدكتور عبد الواحد الخمال عضواً والدكتور خالد الجابري عضواً.