تحظى مدينة مرتيل، كل سنة، بنصيب وافر من إعداد السياح الوافدين على منطقة الشمال خلال فصل الصيف، ولكن يبدو أن المدينة لم تنجح في إدارة هذا الموسم كما هو متوقع. ومع انتهاء الموسم السياحي، عاد معظم الزوار إلى مدن إقامتهم وهم يحملون انطباعات سلبية حول مستوى الخدمات التي يقدمها أغلب الفاعلين في المجال السياحي، مما يعكس فشلا ذريعا للمسؤولين في المدينة في تدبير هذا القطاع. يُعتبر شاطئ مرتيل أحد أبرز معالم الجذب السياحي في المدينة، ويستقبل أعداداً غفيرة من الزوار كل صيف. ولكن، للأسف، فإن أول ما يصادف الزائر لهذه المدينة الساحلية هو الفوضى التي تعم المناطق المحيطة بالشاطئ. السيارات المتوقفة عشوائيًا على الأرصفة والشوارع تعيق حركة المرور وتسبب ازدحامًا خانقًا، بينما الروائح الكريهة التي تملأ أجواء الشاطئ تؤثر سلبًا على تجربة المصطافين، مما يشوه الإطلالة البحرية الجميلة التي يُفترض أن تكون جذابة ومريحة. وعلى كورنيش المدينة، الوضع ليس أفضل، حيث يعج فضاء الممشى البحري، بعربات بيع المأكولات والحلويات العشوائية التي تفتقر إلى التنظيم والنظافة. هذه العربات لا تلتزم بمعايير السلامة الصحية، وتُركت دون أي إشراف أو تنظيم، مما يزيد من تردي جودة الخدمات المقدمة. فالزبائن يواجهون صعوبة في العثور على أماكن نظيفة لتناول الطعام، ويشعرون بالإحباط من عدم وجود خيارات غذائية مناسبة وذات جودة. الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يمتد ليشمل جانباً آخر من المشكلات، فالكراء العشوائي واصل فرض نفسه بشراسة على اختيارات السياح الذين لم يجد معظمهم سوى الإذعان للأمر الواقع الذي يتجلى في خدمات رديئة مقابل أسعار فاحشة. قبل سنوات، كانت جماعة مرتيل، أعلنت عن إجراءات تروم من خلالها ضبط أنشطة الكراء السياحي خلال موسم الصيف، من خلال دعوة الفاعلين في هذا القطاع إلى التصريح بمعاملاتهم. وسوغت الجماعة، هذه التدابير، بالمساهمة في تجويد الخدمات المقدمة للسياح وحماية حقوق المالكين والمكترين على حد سواء. لكن يبدو أن هذه التدابير لم تحقق الأهداف المرجوة منها. فقد ظل الكراء العشوائي للمنازل مسيطراً على السوق، دون أن تجد الإجراءات الجديدة لها تأثيراً حقيقياً. هذا الغلاء لم يقتصر على الإقامة فقط، بل شمل أيضاً أسعار الأطعمة والمشروبات والخدمات الأخرى، مما جعل السياحة في مرتيل تجربة مكلفة وغير مريحة للزوار. استنزاف السياح مادياً ليس المشكلة الوحيدة، بل يمتد الأمر إلى عدم التنظيم في المرافق العامة وتراجع مستوى النظافة والخدمات الأساسية. هي مشاكل يبدو أنها مزمنة، تؤثر سلباً على صورة مدينة مرتيل، كوجهة سياحية وتجعل العديد من الزوار يعيدون النظر في خططهم المستقبلية، مفضلين الوجهات الأخرى التي تقدم خدمات أفضل وبتكلفة معقولة. وبحسب العديد من المراقبين، فإن هذه الاختلالات المزمنة، ومقابل تصاعد جاذبية مناطق أخرى داخل وخارج المغرب، قد تفقد مدينة مرتيل مكانتها السياحية هذه، ويأتي عليها موسم صيفي تخلو شوارعها ومنتجعاتها من السياح والزوار.