إن مايروقني في لوحات الفنان التشكيلي عبد الكريم بنطاطو هو الخطوط والألوان، إنه يتفرد في لوحاته بجعل الخطوط متناسبة للكائنات التي يرسمها ( في النهاية ينتهي كل شيء إلى الرسم). كل خط مرسوم بدقة جاعلا من أجساد الكائنات علامات على وجودها، فكل السمات هناك، في اللوحات، حيث تبدو الوجوه أشكالا ،كما هوحال وجوه النساء التي تتحول عبر البورتريهات بالمفهوم الحديث وليس الكلاسيكي إلى علامات بوشوم وتركيبات معينة آتية من عمق التاريخ والذات والمعرفة الفنية. إن لوحاته لاترسم ما يوجد من علامات في المجتمع فقط، بل تجعل من تشكيلة جمالية أثر الواقع كما لو أن اللوحة نص، شيء ما بعيد الغور ينكتب في تعدد الذات ( اللاوعي) وخاصة ذات الفنان. كذلك، فإن ألوان الفنان عبد الكريم بنطاطو هي ألوان حارة ساخنة باعثة للحياة، يستثمرها بتقنية اعتاد على تركيبتها. إنها تتناسب مع رؤيته العميقة للذات والعالم، للكائنات والأغراض أو الأشياء. في هذه اللوحة تتمظهر الخطوط والألوان في تناسباتها، وفي أبعادها التشكيلية حيث تغدو صاخبة وعميقة، تتشكل على مستويات إطارها حيث نرى طغيان اللون الأحمر، هذا اللون الدموي الساخن، الحي- الميت، الطقوسي، والأسطوري، الذي ليس شيئا آخر هنا سوى الحياة، لون بعض الفنانين الصاخبين الأكثر حضورا في عالم الرسم والتشكيل، لون يلمع ويثير ويغري، لون إيروسي، واللون الأبيض والبني الخفيف والأسود والرمادي المغلف لجسد الكائن حيث يتتبع الخطوط؛ وضمن هذه الألوان يمنح الرمادي للوحة بعدا فيزيقيا وحضورا كثيفا ،حيث يمتزج البياض بالسواد المحروس بالأحمر ،الذي هو الحياة ،والرمادي الذي هو الحياد والشجن كأنشودة الروح.