منذ أبريل الماضي، تشهد الناحية العسكرية الأولى التابعة لجبهة البوليساريو حالة من التمرد الجماعي. وبدأت الأزمة بالقبض على قائد الناحية الأولى ومسؤول الإمداد، المتورطين في فضيحة اختلاس موثقة لأموال وشاحنة محروقات بحمولة تتجاوز 25 طناً. نتيجة لهذا، تم محاصرة مقر القيادة ومصادرة مفاتيح سيارات المسؤولين ومنعهم من الخروج، إضافة إلى تنفيذ اعتصام مفتوح داخل المنطقة العسكرية للمطالبة بمحاكمة المتورطين. و فيما بعد، خرج إبراهيم غالي، زعيم الجبهة، بتعيينات جديدة وتعديلات في صفوف قادة النواحي ونوابهم، إلا أن هذه التعديلات لم تشمل إعفاء قائد الناحية الأولى المتورط في الفساد، مما اعتبره المتمردون احتقاراً لهم وتشجيعاً للفساد. أدى هذا إلى تصعيد الاحتجاجات والتمرد داخل الناحية العسكرية الأولى، حيث أعلن العناصر انشقاقهم ورفعوا مطالب بالتحقيق في القضية، بل واتهموا إبراهيم غالي نفسه بالتورط في الفساد المالي. و تحولت المطالب لاحقاً إلى دعوات شبه جماعية للانقلاب على إبراهيم غالي، مما أدى إلى تحركات مدنية وعسكرية سرية. إلا أن النظام الجزائري نجح في رصد وإفشال هذه التحركات بعد إيصال المعلومات إلى إبراهيم غالي ورفاقه، الذين استخدموا التهديد والوعيد لتخيير المنشقين بين الانسحاب والاستقالة أو السجن. بعد استتباب الأمور وإفشال المخطط، قام إبراهيم غالي بزيارة استعراضية التقى فيها مع بعض قادة أركان ما يسمى "الجيش"، وتم تسريب لقطات من هذا اللقاء وتعميمها على وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة لتهدئة الأوضاع وعزل تمرد الناحية العسكرية الأولى. نتيجة لذلك، قدم حوالي 70 عسكرياً استقالتهم وتخلوا عن زيهم العسكري، وانضم إليهم لاحقاً 65 عسكرياً آخرون من نفس الناحية، مع استمرار إعلانات الاستقالات من مختلف النواحي العسكرية. قيادة جبهة البوليساريو تسارع الزمن لاحتواء الأزمة، فيما يبقى السؤال: هل ستتمكن دسائس النظام الجزائري وتهديداته من إخماد التمرد، أم أن كرة الثلج ستكبر لتصل باقي النواحي العسكرية؟ الأيام المقبلة ستحمل الإجابة.