إذا سلمنا بأن قضية التبرع بالدم قضية إنسانية بالمعنى العام فإن الترويج لها و الدعوة للمشاركة في حملات التبرع بالدم يعد من صميم اهتمامات المجتمع المدني المسؤول أساسا عن توجيه المواطن وتربيته على فعل الخير عموما. ولاشك أن الإعلام في هذا الجانب له كذلك دور أساسي سلبا أو إيجابا على مسار التبرع بالدم. فعندما تخصص بعض منابر الإعلام حيزا من منتوجها الإعلامي للتعريف بعملية التبرع بالدم وتشجيع المواطنين على المشاركة و المواظبة على هذا الفعل يرتفع مخزون الدم بالمغرب ليصل أرقاما قياسية. وفي المقابل عندما يتطرق الإعلام الى بعض المظاهر السلبية التي يعرفها هذا المجال أو حتى في بعض الأحيان الترويج لإشاعات مغرضة تشوه صورة التبرع بالدم كإشاعة بيع الدم على سبيل المثال ينزل مخزون الدم إلى مستويات جد متدينة تهدد مباشرة الأمن الصحي للمواطن المغربي. يجب أن يعرف الجميع أن التبرع بالدم هي أولا و أخيرا مسألة الوطن و المواطن وتتحدد فيها مسؤولية وزارة الصحة من خلال الترويج للعملية وتوفير الظروف الصحية المناسبة لتوفير السلامة للمتبرع والمريض الذي يتلقى أكياس الدم. أما مسؤولية توفير الدم فهي مرتبطة أساسا بصفة المواطنة التي يجب أن يتحلى بها كل مواطن و من خلاله الهيئة أو الجهة التي ينتمي إليها. فالمواطن هو الذي يحمل في شرايينه الدم وهو الذي يعطيه أويمنعه حسب قناعاته. من الأخطاء السائدة بين الناس هو الاعتقاد أن الامتناع عن التبرع بالدم لسبب من الأسباب هو موقف نضالي اتجاه المؤسسة الراعية. فإذا كان شرعا و أخلاقيا لا يجوز لأحدنا الامتناع عن إعطاء شيء لا يملكه بحكم أن الدم هو نعمة أودعها الله في أجسامنا و هو من يأمرنا بالتصدق بها على المحتاجين، فإنه من المؤكد أن عدم التبرع بالدم هو بمثابة عقوبة ظالمة في حق المريض المحتاج إلى الدم الذي يكون في هذه الحالة هو الضحية الأولى و الأخيرة. *مدير المركز الوطني لتحاقن الدم