أظهرت الكارثة التي حلت بالشرفة الأطلسية بمدينة العرائش، وإنهيار جزء منها، مدى الإستهتار الذي يعامل به المسؤولون، كل ما له علاقة بالتراث الثقافي المادي للمغرب، والذي يشكل غنى للإنسانية، ويظهر بلدنا في صورة الدولة الأصيلة والعريقة والمتعددة الروافد الثقافية. وكانت الرياح العاتية التي ضربت منطقة الشمال، القشة التي أدت إلى إنهيار جزء من الشرفة الأطلسية، المتواجدة في الممشى البحري أو كورنيش العرائش. وأرجع نشطاء في المجتمع المدني سبب الإنهيار إلى إهمال ولامبالاة بلدية العرائش والوزارة الوصية في ترميم وصيانة مآثر المدينة . فالمملكة المغربية الشريفة، في مقدمة الدول التي تحتضن مآثر ومعالم مادية وتراث لا مادي، ليس له ثمن ولا يوجد له نظير في العالم بأسره. وأعرب عبد الرحمن اللنجري رئيس جمعية اللوكوس للسياحة المستدامة عن قلقه الكبير بسبب ما أسماه " الإهمال ولا مبالاة بلدية العرائش لعدة سنوات فيما يخص مسألة تأهيل وترميم الشرفة الأطلسية. وأضاف في تدوينة له على الفايسبوك " من المؤكد أن مجلس المدينة، قد أدار ظهره لساكنة العرائش، مما يدل على إهماله وعدم كفاءته". معربا عن حزنه كون أن هذا العام، يصادف 100 سنة على تشييد الشرفة الأطلسية، التي تعتبر أول شرفة بنيت على المحيط الأطلسي في تاريخ المغرب بكامله. وتسبب إنهيار جزء من الشرفة الأطلسية في حزن كبير لساكنة المدينة، التي تعتبر الممشى البحري هو المتنفس الوحيد في العرائش الذي بني في عهد الحماية الإسبانية منذ 100 سنة. وفي ذكراه المئوية، وبعد مرور أزيد من نصف قرن من الإهمال، إنهار جزء من الشرفة الأطلسية وإستسلم أمام إنجراف التربة، بسبب عدم الصيانة والإهمال الفظيع. وفي نفس السياق، كتب "مانولو كورطيس" أحد الإسبان المنضويين تحت لواء جمعية أبناء العرائش في العالم، " من أعماق الألم، أرى أن التخلي عن هذا المكان المهم والرمزي لأبناء العرائش هو ناتج عن الإهمال"، وأضاف " هل سيقوم قسم الأشغال بترميم هذا الجزء والتدخل لتدعيم باقي السور ريثما يتم صيانته بالكامل ضمن مشروع تأهيل الشرفة الأطلسية". من جانبه كتب الناشط المجتمعي عبد السلام الصروخ " انهيار جزء من الشرفة الأطلسية بسبب أحوال الطقس، شيء مؤلم وموجع ، لكن إذا توفرت الإرادة فالترميم ليس مستحيلا" وأضاف قائلا " الإرادة والإحساس بحب الناس لهذا المكان، سيجعل من هذا ( الإنهيار) فرصة لتجديد روح المكان وجماليته التي تسكننا هي وهذا البحر العظيم" . فصل الصيف على الأبواب، ويجهل لحد الآن ما إذا كانت بلدية العرائش وباقي مؤسسات الدولة، عازمون على تجاوز هذا الإمتحان، والرهان الكبير هم كيف سيتم إستقبال الموسم الصيفي الذي يعرف توافدا لآلاف أبناء العرائش في المهجر، وكيف سيتقبلون أن وسط المدينة وكورنيشها وحصونها الدفاعية، تعيش حالة من الخراب والإهمال، لم تشهده العرائش منذ عهد السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله.