تشكل الرياضة المدرسية دعامة أساسية للرياضة الوطنية ومشتلا حقيقيا للتنقيب عن المواهب الرياضية وصقل مهاراتها وتوجيهها إلى الأندية الرياضية وتهييء الظروف والشروط اللازمة لممارسة النشاط الرياضي لجميع تلميذات وتلاميذ المؤسسات التعليمية المدرسية. وتعتبر الرياضة المدرسية مجالا حيويا يساهم في تربية التلميذات والتلاميذ وتكوينهم التكوين السليم من خلال اكتساب المعارف وتنمية الكفاءات الرياضية واستيعاب العادات الصحية والوقائية وترسيخها وتحصين الناشئة من كل أنواع التطرف والعنف والانحراف. كما تضطلع الرياضة، سواء كانت فردية أو جماعية، بدور أساسي في صقل شخصية الفرد، فضلا عن كونها تعلمه تقبل الخسارة والروح الجماعي وتزرع فيه روح المنافسة الشريفة. ولقد تجاوزت الرياضة اليوم البعد الصحي والنفسي، وأصبحت تراهن عليها الدول لاكتساب الشهرة على الصعيد الخارجي أو للترويج لمصالحها الحيوية. ولهذه الأغراض، تتنافس الدول في إظهار تفوقها عن طريق الفوز بأكبر عدد من الميداليات في المنافسات الدولية والأولمبية. ووعيا منها بأهمية هذا المجال، تولي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي عناية خاصة للرياضة المدرسية. حيث تسهر مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية، بمساهمة الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية، على وضع برنامج سنوي للنشاط الرياضي المدرسي وتتبع إنجازه وتقييمه. ويشارك في برامج الأنشطة الرياضية المدرسية تلميذات وتلاميذ يمثلون مؤسساتهم في مختلف مراحل التصفيات بدء من المنافسات المحلية والإقليمية مرورا بالجهوية وما بين الجهات لوصول النخبة إلى البطولات الوطنية المدرسية، فضلا عن مشاركة التلاميذ المتميزين منهم ضمن المنتخبات الرياضية المدرسية على المستويات العربية والدولية. وبخصوص أهم المحاور التي تشتغل عليها مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية للنهوض بالرياضة المدرسية، أوضح محمد فريد دادوشي، مدير الارتقاء بالرياضة المدرسية، والرئيس المنتدب للجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية، أن المديرية تسهر على تنظيم عدة تظاهرات رياضية وطنية وتشارك في أخرى دولية. ومن بين الأنشطة الرياضية المدرسية التي يتضمنها البرنامج، يضيف دادوشي، البطولة الوطنية المدرسية للعدو الريفي والبطولة الوطنية المدرسية للرياضات الجماعية و البطولة الوطنية المدرسية لكرة القدم والبطولة الوطنية المدرسية لألعاب القوى والبطولة الوطنية المدرسية للتعليم الابتدائي والبطولة الوطنية المدرسية الخاصة بالإقصائيات المؤهلة لكأس "تلفزيون ج لكرة القدم" القطرية والبطولة الوطنية الخاصة بالمراكز الرياضية. وأضاف أنه من أجل تحقيق الأهداف التي سطرتها المديرية للنهوض بالرياضة المدرسية التي تعتبر مشتلا لأجود اللاعبين الذين يطعمون الأندية الوطنية، حرصت المديرية على تعميم ودمقرطة ممارسة الأنشطة الرياضية المدرسية بالمؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية في المجالين الحضري والقروي وبدون تمييز بين الجنسين، وتتبع التلاميذ الموهوبين وتوجيههم لممارسة نشاطهم الرياضي بالرياضة المدنية. ولإبراز المواهب الرياضية المدرسية وصقل مهاراتها والتعريف بالرياضة المدرسية الوطنية على الصعيد الدولي، يضيف السيد دادوشي، يشارك المغرب سنويا في بعض البطولات المغاربية والعربية والدولية كالمشاركة في الدوري الدولي كأس دانون للأمم وفي البطولة المغاربية للعدو الريفي بساقية سيدي يوسف بتونس، وفي كأس "تلفزيون ج لكرة القدم" بقطر، وفي الجمنزياد المنظم من طرف الاتحاد الدولي للرياضة المدرسية، وفي بعض البطولات الأخرى المنظمة من طرف الاتحاد الدولي للرياضة المدرسية والاتحاد العربي للرياضة المدرسية. وخلص مدير الارتقاء بالرياضة المدرسية إلى أن الرياضة المدرسية الوطنية حققت إنجازات رائعة أثثت سجلها الذهبي، من بينها، على الخصوص، الفوز التاريخي للمغرب في الدوري الدولي "كأس دانون للأمم" في كرة القدم الذي أقيم بالمملكة عام 2015، والذي عرف مشاركة 32 دولة، إذ تمكن المنتخب المدرسي المغربي من الظفر بالكأس الذهبية خلال هذا الدوري ليكون بذلك أول بلد عربي يفوز بهذا اللقب؛ وإحراز المنتخب المدرسي لكرة القدم لقب وصيف بطل "كأس ج العالمية" التي أقيمت سنة 2017 بقطر؛ والبطولة المغاربية للعدو الريفي التي تقام سنويا بساقية سيدي يوسف بتونس، وبذلك يحافظ المنتخب المغربي على اللقب الذي يوجد بحوزته منذ سنوات. كما احتل المنتخب الوطني المغربي، المشارك في الجمنزياد العالمية المنظمة بمدينة طرابزون بتركيا سنة 2016، المرتبة الثامنة في الترتيب العام من أصل 33 بلدا مشاركا، ليكون بذلك المغرب أول بلد عربي وإفريقي يحقق هذا الإنجاز، وذلك بانتزاعه 17 ميدالية منها 6 ذهبيات و5 فضيات و6 برونزيات في رياضتي ألعاب القوى والكراطي. ولاحظ السيد دادوشي أن المستوى التقني في تحسن مستمر من دورة لأخرى، فضلا عن تحطيم أرقام قياسية في ألعاب القوى ونتائج جيدة في باقي الرياضات، مضيفا أن البطولة المدرسية تعرف مشاركة مكثفة من مختلف جهات المملكة وتزايدا مستمرا في أعداد الممارسين من سنة لأخرى. وقال إنه في إطار أجرأة المشروع المندمج رقم 9 من الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 تم إحداث 57 مركزا رياضيا بالثانويات الإعدادية يستقطب أكثر من 23 ألف تلميذا وتلميذة من التعليم الابتدائي، مذكرا بأن الوزارة ستعمل على تعميم المراكز الرياضية بمختلف المديريات الإقليمية خلال الموسم الدراسي المقبل. كما تم وضع تطبيق معلوماتي يسهل عملية التنقيب عن التلميذات والتلاميذ الموهوبين، بهدف توجيههم لممارسة التخصص الرياضي المناسب سواء على مستوى الرياضة المدرسية أو الرياضة المدنية، وكذلك توجيه التلاميذ المتأخرين حركيا نحو المراكز المتخصصة ما من شأنه أن يدعم الرياضتين المدرسية والمدنية. وبخصوص تأهيل العنصر البشري، واعتبارا للدور الكبير الذي يلعبه في تأطير التلميذات والتلاميذ وتوجيههم قال فريد دادوشي إن أطر مادة التربية البدنية والرياضية استفادوا، بالإضافة إلى التكوينات التي يتلقونها على الصعيد الجهوي والإقليمي، من تكوينات على الصعيد الوطني في مجال الإسعافات الأولية وتكوينات عن بعد في مجالي التحكيم والتدريب الرياضي استفاد منها في السنتين الأخيرتين أكثر من 600 أستاذ وأستاذة. كما أشار دادوشي إلى أن الوزارة تعمل بشكل وثيق وضمن مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين كوزارة الشباب والرياضة واللجنة الوطنية الأولمبية المدرسية والجامعات الرياضية وهيئات رياضية أخرى، من خلال إبرام العديد من اتفاقيات الشراكة والتعاون مع هيئات رياضية وطنية ودولية؛ تهدف الاستعمال المشترك للتجهيزات والمنشآت الرياضية وفسح المجال أمام مكونات المجتمع المدني والأندية والجمعيات الرياضية لاستعمال المنشآت الرياضية المدرسية من خلال مقرر وزاري تم إصداره في هذا الشأن. *و م ع