تضطلع الرياضة المدرسية بدور إيجابي وفعال في تقويم سلوك التلميذ، هو على الأقل الدور المفروض أن تلتزم به، كما هو من المفترض أن تساهم في رسم صورة بطل رياضي قادم، ومرافقة مشروع تكوينه إلى أبعد حد ممكن. من هذا المنطلق، تبدو الرياضة المدرسية كنشاط حيوي يجب أن ترصد له كامل الإمكانيات، ويولى له كل الاهتمام. والتاريخ يذكرنا دائما، بتلك المكانة الرائعة التي كانت تحتلها الرياضة المدرسية في حياة التلاميذ، حيث كانت المدرسة مشتلا لتفريخ الأبطال، ومزرعة تغني أرصدة الأندية والجامعات الرياضية والجمعيات. لا يختلف إثنان في هذا السياق، حول أهمية العلاقة والارتباط بين الرياضة في المدرسة، وبين المنظومة الرياضية الوطنية.. قوة هاته من قوة الثاني، وضعف الأول من ضعف الآخر.. للرياضة المدرسية كل الإمكانيات الضرورية.. هناك المال، البنيات التحتية.. الأطر.. المنخرطون والممارسون.. ماذا ينقصها إذن لتصبح في مستوى الطموح الحقيقي؟ إنها الرياضة المدرسية بملايير ميزانيتها، وبأكثر من سبعة ملايين رخصة.. تعتمد الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية على انخراطات التلاميذ، والانخراط لا يكون إجباريا، تبلغ قيمة الانخراط 10,00 دراهم للتلميذ. وهذا الانخراط يوزع على المؤسسة المدرسية التي تحتفظ بحصة 65% من مجموع مداخيلها، ويحول المدير 20% إلى الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية و10% إلى فرع الجمعية بالنيابة، و5% إلى الفرع الأكاديمية، والصرف يكون في المجال الرياضي، وتحويل المشاركات في الملتقيات المحلية، والجهوية. والوطنية .. مع العلم أنه لكل جمعية رياضية حساب بريدي، ومكتب مسير. والجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية ، لاتشبه باقي الجامعات ،فمنخرطوها صغار لكن مداخيلها كثيرة.داخل الهيكلة لوزارة التربية الوطنية، فهي مديرية للارتقاء بالرياضة المدرسية ،ومديرها الاستاذ محمد فريد دادوشي هو رئيس منتد ب لان الرئيس الفعلي هو وزير التربية الوطنية، ولايحتاج الى انتخابات لكي يصبح رئيسا ،لان منصبه يمنحه صفة رئيس ،ولا تسقط عنه هذه الصفة الا بانهاء مهامه الوزارية.وحتى نغوص اكثر في الدور الذي تقوم به الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية ،كان لابد ان نحاور الاستاذ محمد فريد دادوشي الذي فتح لنا قلبه ومكتبه ومن دون ان نسلك طريق المرور من مكتب الكاتبة وقاعة الانتظار حول أهداف الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية،اوضح محمد فريد دادوشي الرئيس المنتدب للجامعة بان الاهداف تنقسم الى قسمين :هدف تربوي ويدخل في اطار النهج الذي تسلكه وزارة التربية الوطنية اما الهدف الثاني فهو هدف رياضي وهو محدد في اطار البرنامج الاستعجالي للوزارة .محمد فريددادوشي، اعتبر الاحتفاظ بالتلميذ داخل المنظومة التربوية من الاهداف الكبرى للرياضة المدرسية،كل ذلك يضيف محمد فريد ،من اجل زرع الكثير من القيم النبيلة .وبخصوص الممارسة الرياضية داخل المؤسسات التعليمية ،فقد لخصها في قسمين :رياضة الكم ورياضة النخبة»الكم يتحقق من خلال التربية البدنية ،والجمعيات الرياضية على صعيد المؤسسات التعليمية ،امارياضة النخبة فتتحقق من خلال المؤسسات التعليمية المتخصصة في التربية البدنية.وهنا لابد من الاشارة الى البرنامج الطموج المتجلي في قسم الامل الرياضي ،وهو مولود جديد داخل المؤسسات التعليمية ،ويتبلور من خلال توفر بنية تحتية ،واستاذ للتربية الدنية ،وتلاميذ موهوبين في نوع رياضي معين ،ومن خلال هذه الموهبة يقرر المجلس التعليمي نوع الرياضة التي ستمارس في اطار قسم الامل الرياضي الذي يستفيد من وعاء زمني يصل الى تسع ساعات اسبوعيا .ونظرا لارتباط الاستاذ المؤطر بتلامذته فان ذلك يعطي نتائج حسنة توصل الى رياضة النخبة« وعن واقع ممارسة التربية البدنية داخل المؤسسات التعليمية ، أوضح محمد فريد دادوشي با ن ذلك يختلف من مؤسسة الى اخرى ومن جهة الى جهة ، مبرزا بان هذا التباين تتحكم فيه البنيات التحتية داخل المؤسسات ،ولتجاوز هذا العائق ، اكد محمد فريد بان المخطط الاستعجالي بادر الى بناء العديد من الملاعب حيث بلغ عدد الملاعب المشيدة سنة 2009 و2010 ،550 ملعبا يضاف الى ذلك الملاعب المشيدة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية،ومصاحبة ذلك بتكوين الاساتذة في مجال التربية البدنية، اعتمادا على وثائق ديداكتيكية وبيداغوجية،وقد بلغ عددالمستفيدين الآلاف ، يضاف الى ذلك وضع دليل لتدريس التربية البدنية داخل مؤسسات التعليم الابتدائي،وقد مكن ذلك من زرع رغبة ممارسة التربية البدنية في صفوف التلاميذ.محمد فريد اضاف بان هناك عمل مشترك مع اللجنة الوطنية الاولمبية يهدف الى خلق شهادة رياضية . وعن الرياضات التي تهتم بها الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية افا د نا محمد فريد»اننا نمارس جميع الرياضات وخاصة الجماعية ،والعاب القوى والعدو الريفي ،والجيمنازيادالذي اصبح اليوم الاولمبي المدرسي الذي تمارس فيه السباحة ،وهو خاص بتلامذة التعليم الابتدائي ويصل عدد المشاركين على مستوى المشاركة الوطنية حوالي 700 مشارك ،مع العلم ان عدد المشاركين يبلغ الالاف على مستوى الجهات والاقاليم.« وعن تالق التلاميذ المغاربة في مجال الرياضة اكد محمد فريد دادوشي بان الرياضة المدرسية هي مشتل للابطال ،وانها كانت دائما بداية ميلاذ النجوم ،واستشهد بالبطلة غزلان البالغة اقل من 14 سنة والتي استطاعت قفز 80 .1 م في مسابقات القفز العلوي وهو رقم قياسي يبشر بميلاذ بطلة مغربية في هذا التخصص ،دادوشي اضاف بان الاعاب الاخيرة بمراكش شهدت تحطيم خمسة ارقام . وعن كون الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية تعد من أغنى الجامعات اوضح محمد فريد»الجامعة ليست غنية كما يعتقد البعض ،لان انخراطات التلاميذ تستفيد منها المؤسسات التعليمية بنسبة65 % يضاف الى ذلك نسبة النيابة التعليمية والاكاديمية الجهوية ،كل هذا من دون ان ننفي باننا نتوفر على ميزانية للتسيير ،والمشاركة في البطولات خارج المغرب واقامة التربصا ت للفرق والابطال الذين سيمثلون المغرب في العديد من المنافسات .وهنا لابد من الاشارة باننا نحصد كل الميداليات في العاب القوى التي تنظم بالدول العربية،« وعن العلاقة مع الجامعات الرياضية الاخرى، صرح محمد فريد دادوشي ،بان كل العلاقات هي على شكل شراكات ،وانها تختلف من جامعة الى اخرى ،وذلك حسب استعداد الجامعات الرياضية، واستشهد بارادة جامعة البادمنتون في تقريب هذه الرياضة من التلاميذ وذلك من خلال تكوين الاساتذة في هذه الرياضة في كل من مدينة الدارالبيضاء والجديدة اضافة الى جامعة العاب القوى التي تتبنى الابطال الناشئين اما في رياضات فنون الحرب فان دادوشي لم يخف نجاح تجربة احدى المؤسسات بنيابة اتمارة حيث كل التلاميذ يمارسون الكراطي ،وتمنى ان تدخل الكاطا الحجرات الدراسية كوسيلة للاستعداد نظرا لما يتوفر عليه الكراطي من انضباط.. حتى يتم تتبع المواهب التي تفرزها الملاعب الرياضية المدرسية في مختلف التخصصات الرياضية، كان لابد من توقيع شراكات مع العديد من الجامعات الرياضية ، والهدف هو تبني كل من أظهر مقومات قادرة وقابلة للتطوير، ليستفيد منها الوطن، مادام الموهوب لن يستمر في الممارسة على أرضية الملاعب المدرسية . ولم تكن الجامعات الملكية وحدها الطرف في هذه الاتفاقيات، بل هناك كذلك اللجنة الوطنية الاولمبية المغربية نظرا لمهامها وعلاقتها بكل الجامعات الرياضية، إضافة الى دورها وإشعاعها الدولي... الشراكة مع اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية نصت الديباجة على أن الشراكة هي تجسيد للارادة المشتركة ،الهادفة الى توطيد التعاون والتنسيق في مجالات التدبير والتسيير الرياضي، وخلق ثقافة جديدة للتعامل الايجابي ، مركزبا وجهويا واقليميا ومحليا ، من أجل تكوين الاجيال لتعزيز الحركة الرياضية واكتشاف المواهب الواعدة وإشعاعها على المستوى الوطني والدولي، أما الاهداف فركزت على: * إشراك جميع الفعاليات في دعم وتنمية الرياضة المدرسية والجامعية، وخصوصا في التعليم الابتدائي * رعاية المسار الرياضي للطاقات الواعدة والعمل على تطوير قدراتها وتحسين إنجازاتها الرياضية * إحداث ثانويات التفوق في مجال الرياضة المدرسية * إحداث شهادة أولمبية رياضية * إحداث جائزة لأحسن البحوث المتعلقة بالحركة الاولمبية في الأوساط الجامعية . * وضع دفتر للتحملات يحدد شروط استعمال المنشآت الرياضية وصيانتها والمحافظة عليها. * توسيع قاعدة الممارسة الرياضية والاهتمام بالفئات الصغرى. ..ومع الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تم إبرام هذه الشراكة سنة 1989، وحددت من بين اهدافها تطوير رياضة كرة السلة بالمؤسسات التعليمية وتنمية المواهب ، وإشراكها في البطولات التي تنظمها الجامعة. الشراكة مع الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تميزت بالكثير من الحيوية والاستمرارية وعرفت تنظيم العديد من التكوينات والانشطة كان من ابرزها : * في سنة 1999 نظمت معسكرات تدريبية بكل من الرباطوالدارالبيضاء لفائدة المنتخب الوطني للفتيان، وقد مثل هذا المنتخب المغرب في العديد من التظاهرات العربية والافريقية . * في سنة 2000 تنظيم تدريب لفائدة أساتذة كرة السلة الذين لم يمارسوا مع الاندية الوطنية .وقد أشرف على هذا التكوين الذي نظم بثانوية أم البنين بفاس، الخبير الفرنسي» فيليبس اورلي» . * سنة 2001، نظم تكوين آخر بطنجة أشرف عليه المدرب الامريكي «واين ستيرلينغ» . * خلال سنتي 2002 و2003 تم تنظيم قافلة كرة السلة ، وقد مرت القافلة من العديد من النيابات التعليمية . * في سنة 2007 تم تنظيم التدريب الخاص بالمدربين المتخصصين في رياضة كرة السلة، وأشرف على هذا التدريب الاطار اليوغسلافي،»ليث ماريونوفيتش»، كما نظم معسكر تدريبي للفريق الوطني للفتيان ، وخلاله تم اختيار الفريق الوطني الذي شارك في البطولة المدرسية التي نظمت بفرنسا. ومن أجل تحقيق انطلاقة جديدة للرياضة المدرسية: تفعيل الشراكات المبرمة مع مختلف التنظيمات الحكومية والرياضية. - إعادة النظر في القانون الأساسي منح جمعيات الآباء وأولياء الأمور مساحات أكبر، وإشراكها في المنظومة الرياضية المدرسية. اعتماد الدمقرطة في تشكيل المكتب المسير للجامعة المدرسية بالانتخاب والاقتراع ، بعيدا عن أسلوب التعيينات. - تحسين ظروف نقل واستقبال وإيواء وإطعام التلاميذ خلال الملتقيات الرياضية الجهوية والوطنية وتطبيق نفس المعاملة على المسؤولين المرافقين والمشرفين وتقديم تحفيزات مالية للمشاركين من التلاميذ. - إلزام الجماعات المنتخبة بضرورة الاهتمام بالمؤسسات التعليمية وتشييد الملاعب الرياضية وتزويدها بالمرافق الضرورية. - تزويد المؤسسات الابتدائية بالأساتذة المختصين في التربية البدنية وإيجاد البنية التحتية اللازمة لباقي المؤسسات وجعل الرياضة المدرسية معياراً أساسياً من معايير تقييم أداء المؤسسة التعليمية. الاهتمام بالمؤسسات التعليمية في البوادي والمجالات القروية، عبر خلق فضاءات رياضية وتحفيز تلامذتها ومدرسيها على الانخراط في الممارسة الرياضية. وشراكات الجامعة هي: * شراكة مع الجامعة الملكية المغربية لألعاب الفروسية سنة 1994، وهي من أولى الشراكات التي تم التوقيع عليها منذ أن أعلن الراحل الملك الحسن الثاني عن ضرورة النهوض بالرياضة المدرسية ، خصوصا بعد نتائج نهائيات كأس العالم بالولايات المتحدةالامريكية. * شراكة مع بعض الجامعات الملكية المغربية كالتنس، وكرة القدم، إضافة إلى شراكة مع وزارة الشباب والرياضة ومركز الحليب والهلال الأحمر. أما دوليا، فهناك شراكة مع الجمعية الدولية لاتحاد أالعاب القوى، والاتحاد الفرنسي للتعليم الابتدائي. الإنجازات والألقاب سجل الرياضة المدرسية حافل بالإنجازات والتتويج منذ سنة 1995 ، سواء على المستوى العربي أو الإفريقي أو الدولي، الإنجازات لم تختزل في رياضة واحدة، بل شمل التتويج العديد من الرياضات ومنها الحصول على المرتبة الأولى خلال بطولة العالم للعدو الريفي التي نظمت بمدينة مراكش سنة 2000 ، وحصد المرتبة الثالثة في بطولة العالم للريكبي، وكان المغرب ممثلا بفريق ثانوية ابن تومرت بمراكش. ونال الميدالية الذهبية في الجمنازياد العالمية التي نظمت بفرنسا. أما في الجمباز فقد حصل على المرتبة الرابعة سنة 2004 بفرنسا. وخلال البطولة العربية الأولى للعدو الريفي التي نظمت بالرباط، حصل المغرب على الرتبة الأولى، ونفس الرتبة أحرز عليها في البطولة العربية لكرة اليد التي احتضنها الأردن سنة 2001 . وفي الإمارات نال الفريق الوطني المدرسي فضية بطولة الكرة الطائرة سنة 2003 . تتويج الرياضة المدرسية كان أيضا بلبنان سنة 2002 خلال البطولة العربية 13 لألعاب القوى، و في السعودية سنة 2004 كان الذهب من نصيب المغرب في نفس الرياضة. أما في البطولات المغاربية المدرسية للعدو الريفي بساقية سيدي يوسف بتونس، فإن الفريق المغربي كان دائما من المتوجين، حيث سيطر على هذه البطولة منذ سنة 1998 الى سنة 2009 . ةهناك إجماع حاليا على أن الرياضة المدرسية، التي يفترض فيها أن تشكل رافدا أساسيا يغذي الرياضة الوطنية بما تحتاجه من كفاءات ومواهب، تعرف تراجعا كبيرا، ولا تؤدي بتاتا الأدوار المنوطة بها. ويكفي أن ننطلق من موقع مادة التربية البدنية ضمن المواد الدراسية الأخرى، وتخفيض حصصها بالثانوي، ومشاكل أخرى سنأتي عليها، للوقوف على مظاهر هذا التراجع. ويبقى العنوان الكبير الذي يواجهنا ونحن نحاول مقاربة وضعية الرياضة مدرسيا هو غياب العمل القاعدي، أي غياب بناء أساس لهذه الرياضة ابتداء من الطور الإبتدائي. فالكل يعلم أن المدرسة الإبتدائية عندنا تفتقد لأدنى شروط الممارسة الرياضية، علما أن التلاميذ يؤدون، ضمن واجبات التسجيل مبلغ 10 دراهم لكل تلميذ تذهب الى الجمعية الرياضية التي يفترض أن تتواجد في كل مؤسسة مؤسسة، وإلى الفرعين الإقليمي والجهوي للرياضة المدرسية، وكذا جامعتها، لأن للرياضة المدرسية جامعة. لكن ماذا عن واقع الرياضة بالإبتدائي؟ إن طور التعليم الإبتدائي، الذي يفترض فيه أن يشكل قاعدة وأساس كل تكوين رياضي يفتقد لكل شيء. فلا أساتذة مختصون في الرياضة، ولا تجهيزات ولا وسائل رياضية. فالمدارس لا تتوفر على ملاعب وفضاءات رياضية. علما أن هناك مذكرة وزارية تصدر كل سنة وتحدد للمؤسسات التعليمية، من الإبتدائي حتى التأهيلي، عدد ونوعية الأنشطة الرياضية التي ينبغي أن تشارك فيها، والتي لا تخرج عادة عن الرياضات التالية: العدو الريفي، والرياضات الجماعية، وضمنها كرة القدم التي يدخل ضمنها كأس الحليب الذي تشارك فيه كل المؤسسات التعليمية من الإبتدائي إلى التأهيلي. هذا بالإضافة إلى الجيمنازيات، وهي ألعاب قوى خاصة بالإبتدائي. لكن هذا الطور الأخير، ونظرا لحالة الخصاص التي يعاني منها من حيث الموارد البشرية المؤهلة رياضيا، ومن حيث التجهيزات، تحكم وضعيته وضعية الرياضة المدرسية ككل، مما يفقد هذه الأخيرة قاعدتها وأساسها. بالنسبة للطورين الإعدادي والتأهيلي هناك بالفعل أساتذة متخصصون، وبنيات تحتية تمثل الحد الأدنى دون أن تستجيب لكل الحاجيات. فللإقتصاد في الموارد البشرية، بادرت الوزارة إلى التخفيض من حصص التربية البدنية بالنصف (من 4 ساعات إلى ساعتين). يضاف إلى هذا مشكل الإكتظاظ، والتوقف عن تخصيص أنصاف أيام للأنشطة الرياضية (حصة بعد الزوال ليومي الأربعاء والجمعة بالنسبة للطور الإعدادي، وحصة بعد الزوال ليوم الجمعة بالنسبة للطور التأهيلي). وتولد عن هذا الوضع نقص حقيقي للممارسة الرياضية لدى التلاميذ، ما عدا منهم من له حظ الممارسة في جمعية أو ناد. وطبعا لسنا في حاجة الى كثير من النباهة و «الفياقة» لنبين ونؤكد أن هذا الواقع البئيس التي تعاني منه رياضتنا المدرسية له تأثير مباشر على رياضتنا الوطنية التي ليست أحسن حالا. لهذا نعتبر أن إيجاد الحلول الممكنة والواقعية، والمستعجلة كذلك، ما دمنا هذه الأيام محكومين بما يسمى المخطط الإستعجالي، لتجاوز مشاكل الرياضة المدرسية والعمل على الإرتقاء بها، لابد من إعادة الإعتبار لهذه الرياضة بالعمل على ما يلي: ضرورة أن تتحول الرياضة البدنية الى مادة إجبارية وأساسية بالتعليم الإبتدائي، يلقنها أستاذ متخصص، وتوفر لها التجهيزات والوسائل الضرورية. ضرورة خلق شراكات بين النوادي والجمعيات الرياضية والمؤسسات التعليمية القريبة منها داخل المدينة أو الجماعة. خلق شراكات مع المجتمع المدني على أساس استفادة متبادلة، حيث تستفيد جمعيات المجتمع المدني من الفضاءات الرياضية للمؤسسات التعليمية، أيام الأحد والعطل، مقابل استفادة هذه الأخيرة من خدمات في مجال البيئة، والنظافة وغيرها من الأنشطة التي يمكن أن تقدمها الجمعيات. وبالأمس القريب، كانت مدارسنا تعج بالحركية الرياضية والنشاط.. للفصل الدراسي مواعيده، وللتريض كل الوقت.. بقليل من «الفلوس»، دفعت المدرسة بالعديد من تلميذاتها وتلاميذها لركوب قطار التألق الرياضي.. تخرج منها أبطال في مختلف الأنواع الرياضية.. في كرة القدم، ألعاب القوى، كرة الطائرة، اليد، الجمباز، الجيدو.. وتقزم دور نفس المدرسة، ورصيد جامعتها الرياضية وقد انتفخ بالملايير من السنتيمات، يضخها قرابة 7ملايين تلميذة وتلميذ، بمن فيهم غير المؤهلين بدنيا وصحيا للممارسة الرياضية والمحرومين من مزاولتها! تقلصت الساعات المخصصة للنشاط الرياضي، وتحول عدد كبير من أساتذة التربية البدنية إلى «موظفين أشباح»، لايمتلكون أدنى شروط العمل . ونتيجة لذلك، تحولت وجهتهم صوب الأندية المنظمة والمنتمية للعصب والجامعات، ويكفي في هذا الصدد، أن نعاين عدد مدربي ومؤطري أندية كرة القدم لوحدها، بقسم الصفوة والقسم الثاني، أو الهواة، لنقف على ذلك العدد الكبير منهم الذين هجروا مدارسهم وتلامذتهم وأصبحوا تابعين للأندية وللعصب. يحدث كل ذلك في مدارس تحتضنها مجالات حضرية، تتمتع ببعض الإمكانيات، فكيف هو الحال في مدارس العالم القروي، أو على الأصح تلك الحجرات المدرسية القروية؟ في 2 مايو 1996 ، ولدت الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية، تم وضع قانون أساسي جديد، رسمت الأهداف، مرت قرابة 13 سنة، عرفت خلق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتم إيلاء الرياضة المدرسية جانبا من الاهتمام.. للأسف، سقطت غالبية التصورات التي طرحت، وظهرت من جديد عيوب ونواقص أخرى في منظومة الرياضة المدرسية.. لم تفعل الشراكات الموقعة مع مختلف التنظيمات (اللجنة الأولمبية الجامعات والأندية الجماعات المحلية..).. وغابت الرياضة المدرسية عن الحضور بالرغم من تعدد برامجها الموسمية، وسفرياتها الخارجية! حقا هي كما قالها الأستاذ أحمد صبري في مقال نشرته «الاتحاد الاشتراكي» سابقا: «لا أبطال بدون تعليم وتدريس ولا تعليم ولا تدريس بدون معلمين ولا معلمين ومدرسين بدون مناهج، ولا مناهج بدون علم ولا علم بدون كتاب موحد، ولا كتاب في غياب طاولة الدرس ولا طاولة بدون مدرسة ولا مدرسة بدون منظومة تربوية ومراقبة متواصلة... » اليوم، لتحقيق إقلاع جديد للرياضة الوطنية، لا مفر لنا جميعا من التحلي بشيء من التواضع.. والرجوع من جديد إلى أقسام الدراسة... الرياضية!