تشكل مناسبة عيد الأضحى المبارك بمدينة طنجة، كما في غيرها من المدن والقرى المغربية، فرصة يستحضر فيها الصغار والكبار على حد سواء، مجوعة من القيم والتقاليد الدينية والثقافية والأخلاقية والاقتصادية أيضا. حيث يحيي الطنجاويون خلال أيام العيد جملة من الطقوس والعادات العريقة أولها وأهمها عملية شراء الأضحية، وتنتهي بعملية النحر بعد أداء صلاة العيد، إضافة إلى إحياء شعيرة صلة الرحم بين الأقارب خلال هذه الأيام المباركة. وتكتسي مدينة البوغاز في هذه الأيام طابعا هادئا يشبهه الكثيرون بما كانت عليه المدينة إبان فترة الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي. قبيل عبد الأضحى... استعدادات على قدم وساق
تعد عملية شراء الخروف الهم الأكبر لشريحة عريضة من للأسر الطنجاوية في عيد الأضحى خاصة في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وكثرة مصاريف الحياة. وتنتعش أسواق الأكباش في طنجة بشكل كبير مع اقتراب حلول عيد الأضحى، حيث تشهد كل من أسواق سيدي ادريس (بمنطقة بنديان) واجزناية، عرض الآلاف من رؤوس الأغنام وبأثمان مختلفة حسب الكبر والجمال والسمنة.
وبالنسبة لهذه السنة، وخلال الجولات التي قام بها موقع "طنجة 24" في الأسواق المعروفة بالمدينة، وعند مجموعة من التجار الذين يفتتحون محلات لبيع الأضاحي، كانت الأثمان تترواح ما بين 2000 و 4500 درهم، وهي أسعار لم تتأثر على ما يبدو بمستجدات قانون السير الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي، على غرار ما عرفته باقي المواد الاستهلاكية.
وإلى جانب أضحية العيد، يعتبر التزود بمجموعة من المستلزمات، التي أصبحت من ضروريات الاحتفال بهذه المناسبة الدينية، فتقبل الأسر الطنجاوية خلال الأيام التي تسبق العيد على اقتناء "الطجين" التقليدي الى جانب "المجامير" الحديدية والخزفية وغير ذلك من الحاجيات الأخرى من توابل ومواد لإعداد الحلويات ونحو ذلك.
عيد الأضحى ، مناسبة لإحياء شعيرة الرحم بين العائلات الطنجاوية
ما أن تبزغ شمس العيد في سماء طنجة، حتى يتهافت الطنجاويون على المساجد، لأداء صلاة العيد التي تعتبر سنة مؤكدة في دين الإسلام، رغب في الحرص على أدائها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .
بعد ذلك تأتي عملية نحر الأضاحي وسط أجواء أسرية تتسم بالبهجة والسعادة، لتتبع بتناول وجبة الإطار المكونة من الكبد والطيحال، وتلتقي الأسر على مائدة واحدة، هذا الاجتماع الذي يقل في الأيام العادية. كما ينضاف إلى هذا الجو الحميمي طقوس الزيارات المتبادلة بين الأقارب والأحباب، حيث تتفنن الأسر في كرم الضيافة، من إعداد لأشهى الأطباق وأصناف الحلويات التقليدية.
طنجة في عيد الأضحى، هدوء من زمن الثمانينات والتسعينات يجمع أغلب سكان مدينة طنجة على أن أيام عيد الأضحى المبارك، يعتبر مناسبة مثالية لاستعادة طعم الهدوء الذي افتقدته المدينة منذ توالي الاستثمارات عليها من كل حدب وصوب وما تبعه ذلك من هجرة لليد العاملة من كافة المدن والقرى المغربية. فخلال الأيام الثلاثة على الأقل من عيد الأضحى، تكون مدينة البوغاز شبه خالية إلا من السكان نظرا لسفر العمال إلى مدنهم وقراهم من أجل الاحتفال بالعيد وسط ذويهم " الشوارع والطرقات خاوية إلا من ناس قلائل معظمهم ولاد البلاد، إنها طنجة التي كنا عرفناها زمن الثمانينات وبداية التسعينات وما قبل"، يقول عزيز سائق سيارة أجرة وهو يقود عربته في صباح أحد أيام العيد من السنة الماضية ويضيف " عيد الأضحى يظل هو المناسبة التي تشكل متنفسا لساكنة طنجة، بحيث لا يضطرون مطلقا للهرب من الزحام الذي بات الصفة اللصيقة بالمدينة".