يعد عيد الفطر في المغرب مناسبة رئيسية تُظهر مدى تعلق المغاربة بزيهم التقليدي، خاصة في المساجد وخلال الزيارات العائلية. ففي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك تشهد الأسواق في المدن المغربية انتعاشًا كبيرًا في مبيعات الملابس التقليدية، إذ أن الإقبال على شرائها يتزايد بشكل ملحوظ، سواء من قبل الرجال أوالنساء وحتى الأطفال. يحرص المغاربة على شراء الملابس التقليدية في هذه الفترة من كل عام هجري، ليكونوا في عيد الفطر على أكمل استعداد وبأجمل مظهر تراثي، لا يقطع الشعب عن تاريخه وتقاليده. وصباح العيد، عقب الصلاة، تبدو شوارع وأزقة المدن والقرى وكأنها تتنافس ضمن مهرجان مفتوح للأزياء التقليدية، وكأن الناس يقولون لبعضهم البعض إن "هذا الزي عصي على الاندثار، سيبقى بيننا أبيضًا ناصعًا ولن يرميَ به التاريخ بين جدران المتاحف". محمد إدريس (64 عامًا)، صاحب محل لبيع الملابس التقليدية في مدينة فاس العتيقة (شمال)، تحدث للأناضول عن تاريخ هذه الأزياء. وأوضح إدريس أن "اللباس التقليدي جزء لا يتجزأ من التراث المغربي، فيحرص الصغير قبل الكبير على ارتدائه يوم العيد، دون سواء من الملابس". ولفت إلى أن هذه الملابس "تعتبر وسيلة تعريف بالأمة المغربية، ورمزًا لتفردها". الزي النسائي... "أناقة وحشمة" في قمة الثوب يتربع "القفطان" على عرش الجمال بلا منازع، وهو لباس تقليدي، تلبسه المرأة المغربية في المناسبات والأمسيات الاحتفالية والأعراس. تختلف تصاميم "القفطان" حسب المنطقة، إلا أن العقد والأحزمة المصنوعة بكل إتقان تعتبر نقطة مشتركة بين مختلف التصاميم. عقد وأحزمة تزيّد الزي جمالا، بعضها بخيوط "الصقلي" الذهبية، وأخرى بالحرير الملون الذي يبدو وكأنه مرسوم بريشة فنان، آثر أن تبقى بصمته واضحة للعيان. يعتبر "القفطان" السحر الذي يبهر المغربيات ويخطف عقولهن، لجماله وجاذبيته واتقان صنعه. الحاجة أسماء العراقي (54 عامًا) أوضحت للأناضول أنه "لولا ضعف القدرة الشرائية عند بعضهن، لجندت النساء أنفسهن لإفراغ الأسواق من كل قفاطينها". وأكدت أنه "لا يمكن لأي سيدة أن تزور عائلتها أو صديقتها خلال شهر رمضان أو في أيام العيد دون أن ترتدي القفطان أو الجلباب التقليدي (...) ونحن النساء نتنافس بارتداء الجديد في كل زيارة نقوم بها". ولا يقف الزي المغربي النسائي التقليدي عند حدود "القفطان"، بل يتعداه ل"الجلباب" الطويل و"الجبادور" المكوّن من معطف وسروال فضفاضين، يزيّنهما ثوب مطرز وغطاء للرأس ملتصق به، دأب الصانع التقليدي منذ قرون على الإبداع في حياكته. ولا تسنى سيدات المغرب، "الشربيل" وهو نعل تقليدي مصنوع من الجلد، يتميّ بألوانه وتطريزاته وزخرفاته الجميلة. وتتفاخر السيدات المغربيات بهذه الأزياء التقليدية، التي يقلن عنها إنها "تؤمّن لهنّ الأناقة والتألق والاحتشام في آن واحد". الزي الرجالي... "كامل متكامل" ولا تقل الأزياء المغربية التقليدية الرجالية تنوعًا عن نظيراتها النسائية، إلا أن "الجلباب" الرجالي، و"السلهام" الذي يُلبس فوقه، يتربعان على عرش الملابس التقليدية. وفي الأيام الأخيرة من رمضان، يتزايد الطلب أيضًا على "الجبادور" الرجالي، وهو لباس تقليدي يتكون من فُوقْيَّة (تشبه القميص)، سروال، وعباءة تشبه "الجلباب"، ويضاف إليه أحيانًا الوشاح. ولا يكتفي الرجال ب"الجلباب" و"السلهام" و"الجبادور" بل يتوجوّن كل ذلك بطربوش أحمر على الرأس تتدلى من جانبه الخلفي حزمة من الخيوط الحريرية السوداء، أو عمامة يحرص كبار السن خاصة على ارتدائها. ولا يكتمل المظهر الجمالي إلا مع "البلغة"، وهي النعل التقليدي الذي يُصنع من الجلد، وبذلك يقول الرجال إن "زيّنا التقليدي كامل متكامل لا نفرّط به أبدًا". الزي التقليدي في المساجد والمصليات لا تحين وقت صلاة عيد الفطر إلا ويكون المغاربة على أتم استعداد للتوجه إلى المساجد والمصليات، مرتدين الأزياء التقليدية، لتبدو بيوت الله بيضاء في لوحة تسر الناظرين. كبار وشباب وصغار يحرصون على هذا التقليد المتوارث، الذي يضفي نكهة خاصة للعيد في المغرب. أيوب الجمغيلي (26 عامًا)، شاب مغربي شدد للأناضول أنه حريص كل الحرص على أن يلبس "الجلبان" أو "الجبادور" يوم العيد. ولفت إلى أنه يحرص على هذه العادة منذ نعومة أظفاره. وكذلك مصطفى أكن (30 عامًا) قال للأناضول "لا يمكنني الذهاب للمسجد لأداء صلاة العيد، أو زيارة الأقارب، بالملابس التي أرتديها في أيام العمل (...) لابدّ من ارتداء اللباس التقليدي يوم العيد". *وكالة الأناضول