على غرار باقي المواد الرئيسية الأكثر استهلاكا في شهر رمضان الفضيل، تزدحم مختلف أسواق المملكة بأصناف مختلفة، محلية وأجنبية، من التمور، تغطي بشكل كاف الطلب على هذه الفاكهة المباركة التي تشكل كنزا غذائيا وصحيا للصائمين. يؤكد خبراء التعذية والأطباء أن التمر يعد المادة الأمثل بالنسبة للصائمين لتزويد أجسامهم بالطاقة والسكريات السريعة الإمتصاص بعد ما يفوق أحيانا 16 ساعة من الإمساك عن الطعام والشراب. وتبرز إيمان أنوار التازي، أخصائية تغذية و تحاليل مخبرية، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ، بشأن الأهمية الغذائية للتمر خلال رمضان، إن التحليل الكيميائي للتمر يظهر بأن ما يقارب 75 في المائة من وزنه عبارة عن سكريات في صورة كيميائية بسيطة (أعلى الفواكه احتواء على السكريات)، موضحة أن هذه السكريات تتسم بكونها سهلة الهضم، وتنتقل من معدة الصائم إلى دمه بسرعة كبيرة مما يبدد أعراض نقص السكر بالجسم ويسهم في استعادة هذا الأخير لنشاطه. وتضيف أن الحكمة من بدء الإفطار بحبات من التمر، الذي يتضمن كمية زهيدة من الدهون تكاد تكون منعدمة، تكمن في امتصاص معدة الصائم "الخاوية" للسكريات البسيطة بشكل أفضل وأسرع، مبرزة أن "كسر " الصيام بالتمر يعطي الصائم شعورا بالاكتفاء و الشبع، مما يمكنه من الإقبال على الأكل وتذوقه والاستفادة منه. وأكدت أن التمر مادة عالية القيمة الغذائية تحتوي أيضا على الفيتامينات (الريبوفلافين و البيوتين و الثيامين و حمض الفوليك و فيتامين C)، والعديد من المعادن (الحديد و الكالسيوم و الفوسفور و المنغنزيوم و الكوبالت و النحاس و الفليور و المانغنيز و البوتاسيوم و الكبريت و الزنك و السيلنيوم) إلى جانب بعض المركبات النباتية (الكاروتينات و الفينولات و الأنثوسيانين ومضادات الأكسدة). وأشارت إلى أن هذه الفاكهة الجافة تحتوي أيضا على البروتينات والألياف الغذائية (البكتينات و السليلوز) التي تساعد على حفظ سلامة الجهاز الهضمي وحماية الأمعاء من الأمراض السرطانية. وقالت إن عنصري الكربوهيدرات والألياف المتواجدة بالتمر تجعلانه مادة غذائية قيمة تقاوم تعب الصائم وتزيد تركيزه، و تقوي الجهاز الهضمي، موضحة أن التمر يساعد على زيادة قوة الدم برفع معدل الهيموغلوبين الدموي الذي يرتبط انخفاضه بمرض الأنيميا، ويرفع من كفاءة الجسم لامتصاص العناصر الغذائية ، ويحمي من فقدان الشهية و يضبط الوزن في نفس الوقت. ونظرا لوفرة أملاحه، فإنه يعمل على تصحيح حموضة الدم الناتجة عن الإفراط في استهلاك اللحوم و غيرها من الأطعمة غير الصحية، فضلا عن كونه مادة مدرة للبول تغسل الكلي وتنظف الكبد من السموم فضلا عن دوره في تقوية مناعة الجسم وزيادة مقاومته للأمراض و الالتهابات. ولا يمكن برأي هذه الإخصائية إحصاء الفوائد الصحية للتمر والتي تشمل كذلك المساعدة على ضبط الأعصاب وتهدئة النفس وضبط نشاط الغدة الدرقية الذي قد يؤدي زيادة إفرازها إلى سرعة التهيج و التوتر العصبي. وحذرت المتحدثة من بدء الإفطار بتناول مواد دهنية لأن هضمها يتطلب وقتا طويلا مما يجعل الصائم يتناول كميات كبيرة منها فتمتلئ بطنه ويرهق معدته وينتهي بها الأمر ممتلئة دون إحساس بالشبع. وأشارت إلى أن التمر فاكهة مباركة يعد الإفطار عليها في رمضان سنة نبوية أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصداقا لقوله " إذا فطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فمن لم يجد تمرا فليفطر على الماء، فإنه طهور ". وبخصوص الكمية التي ينصح بتناولها عند الإفطار، نصحت أخصائية التغذية ببدأ الفطور بأخذ 3 تمرات مع كأس صغير من الماء بدرجة حرارة معتدلة ثم التوقف للصلاة مما يمكن الجسم من الاستفادة من كمية كافية من السكريات البسيطة ومكونات أخرى تنعش جسم الصائم وتهيئ معدته وتجعله قادرا على استقبال طعام الإفطار، محذرة من تسبب تناول كمية أكبر من هذه المادة في زيادة الوزن. وأوردت الأخصائية عددا من المؤشرات التي تظهر أن مادة التمر غير صالحة للاستهلاك، ومن بينها على الخصوص الطعم الحامض الذي ينتج عن تلوث التمور ببعض أنواع الخمائر و الأعفان، وظهور رائحة غير مقبولة بالمقارنة مع التمور الطازجة وتواجد بعض الحشرات و اليرقات بحبات التمر، إلى جانب تهتك أنسجة التمرة و تغير سطحها الخارجي. وبفضل إنتاج وطني بلغ برسم الموسم الفلاحي الحالي 117 ألف طن من هذه المادة (في مقابل مستوى قياسي ب128 ألف طن سنة 2016)، تقترح الأسواق والباعة على المستهلكين أصنافا متنوعة من التمور تختلف أسعارها باختلاف مستويات جودتها. وتم في إطار مخطط "المغرب الأخضر" وضع برنامج طموح لإعادة تأهيل وتجديد الواحات يهم، بالأساس، زراعة 1,4 مليون من أشجار النخيل في أفق سنة 2014 وثلاثة ملايين في أفق سنة 2020. ويساهم قطاع التمور بنسبة تترواح ما بين 40 إلى 60 في المائة في المدخول الفلاحي لأزيد من مليونين من السكان، ويساهم في خلق 1,6 مليون يوم عمل في السنة لفائدة الساكنة القروية القاطنة بالمناطق الأكثر هشاشة والتي تمثل نحو 40 في المائة من مجموع الساكنة بالتراب الوطني. *و م ع