افتتحت مكتبة "ليكولون/الأعمدة" أبوابها مجددا ، الأسبوع الجاري ، باعتماد برنامج ثقافي طموح يقوم على أربعة ركائز تتمثل في الثقافات واللقاءات والفنون والآداب. وتعتبر مكتبة "ليكيلون"، الواقعة في شارع باستور في قلب مدينة طنجة، من المكتبات التاريخية بالمدينة، حيث تأسست على يد عائلة جيروفي في عام 1949، وقد كانت مركزا لبيع إصدارات دار "غاليمار" للنشر، كما كان من بين مرتاديها عدد من أعظم الكتاب، أمثال صامويل بيكيت، وجان جينيه، وترومان كابوتي، وتينيسي ويليامز، وبول موران، وجاك كيروك، وغيرهم. ونقلت إدارة مكتبة "ليكيلون"، في بيان صحافي، عن الملاك الجدد للمكتبة قولهم "سنعمل على أن تحافظ المكتبة على حيويتها طوال فصول العام من خلال عقد لقاءات ثقافية وإطلاق إصدارات جديدة وتبني أعمال إبداعية وفعاليات متنوعة بالتعاون مع مؤلفين وفنانين ، وهو ما نأمل في أن يحظى باهتمام الجمهور الكبير والمخلص لهذا الصرح الثقافي". وأضاف المصدر ذاته "كما نعتزم إطلاق جائزة أدبية ، وكذلك نسعى إلى تعزيز الحوار بين المكتبات المغربية المستقلة. وسنسعى للحفاظ على الحضور الدولي للمكتبة، وذلك عن طريق الاستفادة من رصيدها من الإصدارات التي يبلغ عددها 8000 عنوان بأربع لغات (العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية) والتوسع فيها وتنويعها". وتابعوا "نتطلع إلى إحياء شارع باستور وجمع أصدقاء مكتبة "ليكولون" ، حيث يتلاقى جمهورها العريض من ذوي العقول المنفتحة الشغوفة بالمعرفة والفضول من طنجة ومن جميع أنحاء العالم". وقال ملاك المكتبة، وهم أربعة من أرباب دور النشر من ضفتي المتوسط، على أننا "نطمح لأن نكون ركائز تعتمد عليها هذه الشركة العائلية في استعادة ريادتها. وسنبذل قصارى جهدنا للحفاظ على روح مكتبة ليكولون ومعاييرها العالية والانفتاح الذي يمي ز سياستها التحريرية، وسنسير على الرؤية والنهج اللذين تبلورا عبر تاريخ المكتبة بواسطة عائلة جيروفي، وراشيل مويال حتى وفاتها، وبيير بيرجي وسيمون بيير هاملين، وأخيرا عائلة فاضل العراقي، الذين وثقوا فينا، ونرجو أن نكون على قدر ثقتهم". يذكر أن ملكية المكتبة انتقلت إلى أربعة أشخاص من المتخصصين في الثقافة والنشر ليكتب بذلك فصل جديد من تاريخ مكتبة "ليكولون" الشهيرة، حيث جمع «ألكسندر ساب"، أصدقاءه المقربين من ضفتي القارتين (أوروبا وإفريقيا) ، ويتعلق الأمر بخالد تامر وأليكسيس زافيالوف وماتياس أوريل، للعمل معا لئلا تخبو الإشعاعات الثقافية لأحد المعالم البارزة في مدينة طنجة المطلة على مضيق جبل طارق. ويعتبر الأربعة شخصيات لها ثقلها في عالم النشر والثقافة في المغرب وفرنسا وبين ضفتي المتوسط (أوروبا وإفريقيا)، حيث قرروا تسخير خبراتهم ومواردهم ومعارفهم في خدمة هذا المشروع الطموح المتمثل في استعادة المكتبة لريادتها بمدينة طنجة، التي تعد مكانا يلتقي فيه المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط، وأوروبا بإفريقيا، والشمال بالجنوب؛ ويسهم هذا التقارب الجغرافي والتاريخي واللغوي والحضاري والمعرفي والفكري في نسج الروابط بين الثقافات في سماء طنجة. وألكسندر ساب هو مؤسس شبكة المكاتب الثقافية رابتير للفنون والكتب ( Rupture Arts & Books)، بينما ألكسيس زافيالوف فهو مؤسس شركة موتو للتوزيع (Motto Distribution) ومكتبات موتو (Motto Books)، فيما يعد خالد تامر من رجال الثقافة وهو مالك مركز لافوار مودرن بارسيان (Lavoir Moderne Parisien) ومؤسس منظمة عواصم الثقافة الإفريقية (Capitales Africaines de la Culture)، أما ماتياس أوريل فهو مؤسس شركة O-m المتخصصة في استشارات التوظيف في القطاعات الإبداعية والثقافية. يشار إلى أنه بعد حقبة عائلة "جيروفي"، التي أسست المكتبة عام 1949، تولت الراحلة راشيل مويال إدارة مكتبة ليكولون (1973 و1998)، فأعادت لها مكانتها وتأثيرها في الحركة الثقافية، حيث أصبحت أحد المراكز الأدبية الرئيسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، واحتضنت لقاءات ومؤلفات أشهر كتاب طنجة من قبيل محمد شكري والطاهر بنجلون وبول بولز ولطفي أقلعي وجون هوبكينز وغافين يونغ وآسيا جبار ومارغريت يورسينار مع ويليام سيوارد بوروز. مع مرور الوقت ضعف الإقبال على مكتبة ليكولون وأصبحت مهددة بالإفلاس، فاشتراها بيير بيرجي في عام 2010 وعمل على تجديدها وتحديثها وعهد بإدارتها إلى سيمون بيير هاملين، مؤسس مجلة "Nejma" التي تعتبر من إصدارات مكتبة ليكولون، فأصبحت مركزا للحركة الثقافية إلى أن وافت المنية مالكها عام 2017، لتنقل ملكية المكتبة إلى الراحل فاضل العراقي، رجل الأعمال والإعلامي، الذي كان يأمل في أن يحافظ على هذا الإرث الثقافي، لكنه توفي في عام 2020 دون أن تتحقق رغبته في إحياء الرسالة النبيلة لهذه المكتبة.