وضع الخروج الإعلامي لمتحدث باسم الحكومة الإسبانية، ينفي تفويت بلاده لمسرح "سيرفانتيس" بمدينة طنجة، إلى السلطات المغربية، حدا للآمال التي أثارها تفاؤل المسؤولين المغاربة بقرب تسلم هذه المعلمة والشروع في ترميمها، حتى تعود للعب دورها الثقافي الذي لعبته في السابق. وكان آخر المواقف "المتفائلة"، تلك التي صدرت عن وزير الثقافة ميمون الصبيحي، خلال أشغال مناظرة جهوية حول الثقافة، نظمها مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة بمدينة شفشاون في يونيو الماضي، وخلالها أكد الصبيحي أن أشغال ترميم مسرح "سيرفانتيس" ستنطلق قريبا، دون أن يحدد موعدا لذلك. غير أن نفس السلطات الإسبانية، لنفاذ أي عملية تفويت للمسرح، تضع تصريحات المسؤولين المغاربة، موضع مساءلة بخصوص مستقبل هذه المعلمة الفنية والثقافية، التي ظلت على مدى سنوات طويلة منذ العقد الثاني من القرن العشرين، منصة عالمية للمسرح الذي يحتفل العالم يومه العالمي، اليوم الاثنين. واكتمل بناء مسرح سرفانتس، الذي سمي أيضا مسرح "سرفانتس الكبير"، سنة 1913 وهي سنة افتتاحه أيضا، حيث عاش عصره الذهبي في فترة الخمسينات من القرن العشرين لما وصل تعداد الجالية الإسبانية حينها الى 30 ألف شخص، وظل لفترة طويلة أكبر مسارح شمال أفريقيا وأشهرها. وكان المسرح يتسع ل1400 شخص، وهو جذب فنانين كبارا في تلك الحقبة التي كانت فيها مدينة طنجة تحت الإدارة الدولية. ويصف الكاتب رشيد التفرسيتي ورئيس جمعية البوغاز لصيانة تراث طنجة، حالة هذا المسرح بحزن، قائلا "لقد صار شبحا بدون ملامح (...) فقد أحضرتموني الى هنا لأتحدث عن حالته، لكن كل مرة أعود الى هذا المكان أحس بألم يعتصرني". ويضيف "إنه لمن المحزن أن تؤول معلمة مثل هذه كانت رمزا للتعدد الثقافي الى ما آلت إليه اليوم". ويروي التفرسيتي أن والده أدى ادوارا عدة على خشبة هذا المسرح، ويذكر ايضا ان فرقة محلية كانت تسمى "الهلال" قدمت في العام 1929 مسرحية عطيل الشهيرة لشكسبير. لكن بعد الحرب العالمية الأولى بدأت الأحوال الاقتصادية لعائلة بينيا المشرفة على المسرح تتدهور، ولم تعد قادرة على تحمل النفقات، ورغم الاقتراح بتحويل المسرح إلى كازينو، إلا أن العائلة رفضت بسبب حبها وتعلقها بالفن والثقافة، لتضطر في آخر الأمر الى التنازل عن المسرح وتسليمه للدولة الإسبانية. وتقدر ميزانية ترميم مسرح سرفانتس بما بين 4 و5 ملايين يورو، لكن موقفه في حي شعبي مهمل في المدينة العتيقة يشكل نقطة ضعف لإقناع المسؤولين باتخاذ القرار لصرف هذه الميزانية، ولا سيما في ظل الازمة الاقتصادية التي تعصف باسبانيا.