مسرح سرفانتس بطنجة.. معلم ثقافي مهدد بالاندثار بعد مائة سنة على بنائه تحول مسرح سرفانتس -التحفة المعمارية الإسبانية في مدينة طنجة المغربية والتي احتضنت عروض كبار الفنانين والمسرحيين العالميين- بناء مهملا آيلا إلى السقوط ومهددا بالاندثار. فعلى مسافة قصيرة من مرفأ طنجة القديم -الذي سيتحول إلى ميناء ترفيهي لجذب السياح- تقف معالم مسرح سرفانتس المعمارية شاهدة على تاريخ هذه المدينة العريقة في التجارة الدولية والحركة الثقافية، وسط تساؤلات عن إمكان صمود هذه المعالم أمام عوامل الزمن في ظل الإهمال. ويبدو السيراميك الأصفر والأزرق الذي يزين واجهة هذا المسرح -الذي أطلق عليه اسم الروائي الإسباني الأشهر ميغيل دي سرفانتس- متهالكا، فيما الرسوم والنقوش على السطح فقدت ملامحها، وداخل المسرح يعلو الغبار ما تبقى من كراس قديمة. وتقول مديرة المعهد الثقافي الإسباني «سرفانتس» في مدينة طنجة سيسيليا فرنانديز سوزور إن «حالة المسرح اليوم والذي تملكه الدولة الإسبانية تبعث على الشفقة». واكتمل بناء مسرح سرفانتس -الذي سمي أيضا مسرح سرفانتس الكبير- وافتتح في عام 1913، وعاش عصره الذهبي في فترة خمسينيات القرن العشرين لمّا وصل تعداد الجالية الإسبانية حينها إلى ثلاثين ألف شخص، وظل لمدة طويلة أكبر مسارح شمال أفريقيا وأشهرها. وكان المسرح يتسع لنحو 1400 شخص، وقد جذب فنانين كبارا في تلك الحقبة التي كانت فيها مدينة طنجة تحت الإدارة الدولية. شهرة عالمية واكتسب المسرح شهرة كبيرة مع تحول مدينة طنجة منطقة دولية بموجب اتفاق بين فرنسا وإسبانيا وبريطانيا في 1925، وتشكلت هيئة لإدارة المدينة ضمت 18 نائبا أجنبيا وستة مغاربة مسلمين وثلاثة من اليهود المغاربة. ومن بين المشاهير الذين وقفوا على خشبة مسرح سرفانتس المغني أنطونيو كاروزو، والمغنية باتي أدلين، إضافة إلى فرق موسيقى الفلامنغو الإسبانية الشهيرة بداية القرن الماضي، والمجموعات الموسيقية العربية والمغربية. لكن بعد الحرب العالمية الأولى بدأت الأحوال الاقتصادية لعائلة «بينيا» المشرفة على المسرح تتدهور، ولم تعد قادرة على تحمل النفقات، ورفضت العائلة الاقتراح بتحويل المسرح إلى كازينو، بسبب تعلقها بالفن والثقافة، لتضطر في آخر الأمر إلى التنازل عن المسرح وتسليمه للدولة الإسبانية. وحتى اليوم لم تتوصل السلطات المغربية والإسبانية إلى اتفاق لترميمه، وتقدر ميزانية الترميم بين أربعة ملايين وخمسة ملايين يورو(5.4 و6.7 ملايين دولار) لكن موقعه في حي شعبي مهمل في المدينة العتيقة يشكل نقطة ضعف لإقناع المسؤولين باتخاذ القرار لصرف هذه الميزانية، ولا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بإسبانيا.