في سلوك يطرح أكثر من علامة استفهام حول خلفياته ودواعيه، وبشكل فاجأ المتتبعين للشأن الثقافي بمدينة طنجة، صادق المجلس الجماعي الذي يدبر شؤونه حزب العدالة والتنمية بأغلبية مطلقة، أمس الخميس 2 فبراير الجاري على اتفاقية شراكة بين "جماعة طنجة" و"جمعية أحمد بوكماخ" التي لم يمر على تأسيسها سوى أسابيع، حتى أن مصادر أشارت إلى أنها توصلت بالوصل النهائي "بسرعة البرق"، تلتزم من خلالها الجماعة الحضرية بدعم سخي للجمعية الفتية والمحظوظة ب 600 ألف درهم سنة 2017، و800 ألف درهم سنة 2018، ثم مليون درهم سنة 2019، نظير تنشيط الجمعية للمركز الثقافي الجديد أحمد بوكماخ، وتقول الجماعة أن الهدف هو الإسهام في التنشيط الثقافي للمدينة بما يدعم اشعاعها في محيطها الجهوي والوطني انطلاقا من الدور الريادي للثقافة في تنمية البرامج الاجتماعية والتنموية. والغريب أن هذا العطاء الغير مسبوق، وهذا السخاء الغير معهود، يأتي في الوقت الذي أعلن فيه النائب الأول لعمدة طنجة في نفس الجلسة على أن طنجة مدينة منكوبة ماليا، مؤكدا على أن الوضعية المالية هي أسوأ بكثير من هذا الوصف الصادم، بسبب الأحكام القضائية المتزايدة ضد الجماعة، والاختلالات البنيوية في الميزانية، مما اضطرها لتخفيض ميزانية العديد من القطاعات والمجالات منها ميزانية الأندية الرياضية بالمدينة بنسبة 30 بالمئة، مقابل ضخ الأموال في قطاعات ليست من أولويات ساكنة طنجة، كما حدث مع 100 مليون سنتيم التي ذهبت إلى سقي ملاعب الغولف. والأغرب من هذا أن ميزانية سنة 2017 "المتهالكة" أصلا حسب ما قدمت من طرف المكتب الجماعي، لا تتضمن حيزا لهذه الاتفاقية، مما يطرح معه "التخريجة" التي اعتمدت في تمكين الجمعية "المدللة" من هذا المبلغ الكبير ؟ وبعد التأكيد على الأزمة المالية التي تطرح علامات استفهام حول بروزها بهذا الشكل وفي هذا الوقت بالذات، نتساءل هل كان من الضروري اللجوء إلى هذه الآلية لتدبير "مركز أحمد بوكماخ الثقافي"؟ هل تأسيس جمعية وإغداقها بكل تلك الملايين هو الحل الأمثل لتنشيط "بوكماخ" في ظل وجود موظفين بالجماعة مشهود لهم بالكفاءة والمسؤولية ؟ ألم يكن من الأجدر في ظل "الأزمة " إيجاد تخريجات وآليات أخرى أقل تكلفة ؟ والسؤال الأكبر من كل هذا لماذا تكرار نفس الأسماء المتواجدة في تدبير مؤسسات أخرى وفي مجالات قريبة واستدعائها هنا لتدبير أيضا المجال الثقافي؟ أطنجة عقيمة لهذه الدرجة ؟ أين الفعاليات الثقافية بالمدينة وما أكثرها ؟ ولماذا هي صامتة حتى الآن في الدفاع عن تواجدها، وللتنديد بإقصائها من كل المبادرات المحلية ؟ وإذا كان من حق "جمعية أحمد بوكماخ" أن تحصل على الوصل القانوني بهذا الشكل السريع، فإنه من حق الرأي العام أن يتساءل عن سر تأخر السلطات في منح جمعيات لا زالت لحد الآن ممنوعة من حقها في التواجد القانوني، إما جزئيا عبر وصل مؤقت أو كليا عبر حرمانها من الوصل القانوني، بل إن جمعيات تتأبط حكما من القضاء الإداري يلزم السلطة بتسليمها الوثيقة القانونية، ومع ذلك ترفض السلطة تنفيذ الأحكام القضائية، مع العلم أن الشروط والظروف المحيطة بهذه الجمعية "المدللة" هي نفسها المتوفرة في الجمعيات التي تعاني من "البهدلة" لأجل تلك الوثيقة التي تمنح على ما يبدو حسب القرب أو البعد من السلطة . إن ما جرى ويجري على مجموعة من المستويات يسائلنا جميعا، كسلطة ومنتخبين وفعاليات ثقافية وحقوقية وإعلامية..بالمدينة، حول ازدياد مثير في المدة الأخير لحالات عدم تكافؤ الفرص بين مختلف المكونات والفعاليات ، الذي يعني مما يعنيه عدم التمييز في توفير الفرص للجميع وإشراك الجميع وخاصة للفعاليات الفاعلة والمؤثرة، وليس التركيز فقط على عصبة معينة التي ليس لنا معها بالمناسبة إلا الخير والإحسان، لكن الفرص للجميع، والكفاءة ليست موجودة في جهة واحدة بل هي متواجدة عند مختلف الإطارات المتواجدة والفاعلة في الساحة المحلية، هل هي محاولة "للهيمنة" أم هو تكليف جديد يضاف إلى تكليفات أخرى لأسماء محددة ؟.