ما تزال أيادي العابثين تعيث تدنيسا لحرمة العديد من المقابر في مدينة طنجة، لا سيما تلك التي تضم مراقد للأجانب، مثلما هو الشأن بالنسبة للمقبرة الألمانية بمنطقة "بوبانة"، التي طالتها في الآونة الأخيرة عملية نبش كبيرة استهدفت عددا كبيرا من المقابر المتواجدة فيها. ووقفت جريدة طنجة 24 الإلكترونية، على مشاهد بشعة من داخل المقبرة الألمانية، حيث تظهر الصور الملتقطة من عين المكان، بقايا توابيت محطمة بالإضافة إلى بقايا رفات بشرية متناثرة بمحاذاة عدد من المراقد التي طالتها أيادي الجناة، الذين نفذوا جريمتهم في وقت لم يتسنى تحديده بالضبط، بسبب تحفظ الجهات المسؤولة على إذاعة الخبر. وكانت تحقيقات أمنية سابقة همت حوادث مشابهة، قد رجحت دافع السرقة لتنفيذ هذه الجرائم، بدليل اختفاء كميات كبيرة من أحجار المرمر والرخام الغالية الثمن، التي يتم دفنها إلى جانب الموتى، وفق تقاليد ومعتقدات يؤمن بها أهالي الراقدين تحت هذه المقبرة. في ذات الأثناء، أفادت مصادر عليمة، أن عمدة مدينة طنجة، محمد البشير العبدلاوي، تلقى مراسلة احتجاجية من عدد من ممثلي البعثات الأجنبية في المدينة، عبرت من خلالها عن انزعاجها لتكرار هذه الحوادث التي تستهدف حرمة الموتى الراقدين في ثرى المقبرة الألمانية. وحسب ذات المصادر، فإن هذه المراسلة من شأنها أن تضع البشير العبدلاوي في حرج كبير مع مسؤولي البعثات الأجنبية، على اعتبار أن الجماعة الحضرية التي يرأسها، تعتبر المسؤول المباشر عن توفير الحماية اللازمة لهذه المقبرة وغيرها من المدافن التي تعرض إلى عمليات تدنيس متكررة. ويثير احتجاج مسؤولي البعثات الأجنبية بطنجة، على عملية التدنيس الجديدة لمقبرة "بوبانة"، وعودا سابقة قدمتها الجماعة الحضرية في عهد العمدة السابق فؤاد العماري، بتوفير الحماية الأمنية للمقبرة، وتشمل وضع كاميرات ووسائل تقنية حديثة، مع تشديد الحراسة بالمقبرة. ويطرح تكرار مثل هذه الحوادث، الكثير من التساؤلات حول دور الجهات المختصة في حماية المقابر وضمان عدم انتهاك حرمتها، في مدينة احتضنت على مر تاريخها مختلف الأجناس والديانات، التي تعايشت في هذه المدينة وسط أجواء من التسامح واحترام الآخر، سواء الأحياء منهم والأموات.