بوريطة: الكرة في ملعب الإتحاد الأوربي للدفاع عن الشراكة مع المغرب ضد الابتزاز (+فيديو)        انعقاد مجلس للحكومة يوم الخميس المقبل        "الاتحاد المغربي للشغل" يقدم للحكومة ملاحظاته على مشروع قانون الإضراب ويرفض تقييد وتجريم هذا الحق الدستوري    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    نظام الجزائر يرفع منسوب العداء ضد المغرب بعد الفشل في ملف الصحراء    البنك الدولي: المغرب يتصدر مغاربيا في مؤشرات الحكامة مع استمرار تحديات الاستقرار السياسي    الاتحاد الإفريقي يعتمد الوساطة المغربية مرجعًا لحل الأزمة الليبية    وسط صمت رسمي.. أحزاب مغربية تواصل الترحيب بقرار المحكمة الجنائية وتجدد المطالبة بإسقاط التطبيع    انتخاب عمدة طنجة، منير ليموري، رئيسا لمجلس مجموعة الجماعات الترابية "طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع"    برنامج الجولة الخامسة من دوري أبطال أوروبا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الشرطة توقف مسؤولة مزورة بوزارة العدل نصبت على ضحايا بالناظور    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    تيزنيت: شبان يتحدون قساوة الطبيعة وسط جبال « تالوست» و الطريق غير المعبدة تخلق المعاناة للمشروع ( فيديو )    لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام        استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي        انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضعف تجاوب الفاعلين السياسيين مع رسائل وتوجيهات الخطب الملكية
نشر في طنجة 24 يوم 13 - 11 - 2016

لم تمر إلا أسابيع على الخطاب القوي الذي ألقاه جلالة الملك بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة أمام البرلمان، وذلك يوم 14 اكتوبر2016 والذي عمل من خلاله جلالته على توجيه رسائل قوية لجميع المؤسسات برلمان حكومة أحزاب سياسية .....
حتى برزت للعيان معالم ضعف تجاوب هذه المؤسسات مع التوجيهات الملكية بل أكثر من ذلك تم حصر هذه التوجيهات فقط في الإدارة والإصلاح الإداري وأصبحنا نسمع بعض ردود الفعل من طرف بعض المسؤولين الإداريين رغم أنها تدخل في صميم الوظيفة التي يقومون بها والتي يجب أن تكون أكثر جودة إلا أنهم يعتبرونها كمظهر من مظاهر التجاوب مع توجيهات الخطاب الملكي
هذه الممارسات جعلت الشك يدخل في عقول المواطنين ويكرس ظاهرة انعدام الثقة في الفاعلين السياسيين لتعود الإرادة الملكية مرة أخرى لتؤكد على الإصلاحات الحقيقية المنتظرة من الفاعلين السياسيين لتاطير تحديات المرحلة وذلك بمناسبة خطاب جلالته بمناسبة الذكرى ال41 للمسيرة الخضراء 06-11-2016
حيث أكد جلالته على أن "الحكومة المقبلة لا ينبغي أن تكون مسألة حسابية، تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية، وتكوين أغلبية عددية، وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية".
وأضاف الملك، ، أن "الحكومة هي برنامج واضح، وأولويات محددة، للقضايا الداخلية والخارجية، وعلى رأسها إفريقيا. حكومة قادرة على تجاوز الصعوبات التي خلفتها السنوات الماضية، في ما يخص الوفاء بالتزامات المغرب مع شركائه".
وشدد أيضا على أن "الحكومة هي هيكلة فعالة ومنسجمة، تتلاءم مع البرنامج والأسبقيات. وهي كفاءات مؤهلة، باختصاصات قطاعية مضبوطة"، معربا عن حرصه "على أن يتم تشكيل الحكومة المقبلة، طبقا لهذه المعايير، ووفق منهجية صارمة. ولن أتسامح مع أي محاولة للخروج عنها".
"المغاربة ينتظرون من الحكومة المقبلة أن تكون في مستوى هذه المرحلة الحاسمة"، مبرزا تطلعه إلى "أن تكون السياسة المستقبلية للحكومة، شاملة ومتكاملة تجاه إفريقيا، وأن تنظر إليها كمجموعة".
"المغرب يحتاج لحكومة جادة ومسؤولة؛ غير أن الحكومة المقبلة لا ينبغي أن تكون مسألة حسابية، تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية، وتكوين أغلبية عددية، وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية"
وقد جاء هذا الخطاب في الحقيقة ليضع حدا للممارسات السلبية التي تميز حاليا المشهد السياسي ببلادنا سواء على صعيد المفاوضات حول تشكيل الحكومة والتي يطغى عليها منطق تقسيم الغنيمة والانتهازية وتغييب البرامج والاستراتيجيات كما تم تغييبها خلال الانتخابات التشريعية حتى أصبحنا أمام صورة كاريكاتورية تنعكس سلبا على المواطن وتكرس أكثر نفوره من السياسة كما تنعكس سلبا على التحديات التي تواجه المغرب في جميع المجالات
نفس الشئ على صعيد هيكلة مجلس النواب الجديد الذي يحضر فيه أيضا منطق الغنيمة لذلك يعيش حاليا نوعا من الانتظارية وتعثر على صعيد الإنتاج التشريعي والذي عادة ما يتميز بالضعف والتسرع والعشوائية وهذا الانتظار سينعكس سلبا على هذا الإنتاج الذي تقتضي المرحلة أن يكون ذا جودة عالية
وإذا رجعنا إلى الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الحالية ليوم 14 اكتوبر2016 والذي كان قد أعاد نوعا من الأمل للمواطنين خصوصا بعد الإحباط الذي عرفه المواطن المغربي خلال انتخابات 7 أكتوبر 2016 حيث انتشرت العديد من الظواهر السلبية كنا قد اعتقدنا أنها أصبحت من الماضي والتي تضر بالمسار الديمقراطي ببلادنا
كذلك نفس الإحباط ساد بين المواطنين بعد الإعلان عن نتائج هذه الانتخابات حيث انتشرت مجموعة من التصريحات والتحليلات حاولت إعطاء تفسيرات غريبة لفصول دستور 2011 خصوصا الفصل 47 والفصل 42 هذه التحليلات اقل ما يمكن القول عنها أنها غير منطقية وغير علمية بل أنها نوع من العبث كان سيؤدي حتما ببلادنا إلى الدخول في متاهات .
لكن الإرادة الملكية قطعت الطريق على هؤلاء ومارس الملك سلطاته مع احترام كامل لدستور 2011 وعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها معطيا بذلك درسا قويا لجميع الفاعلين السياسيين بل أكثر من ذلك لبعض المحللين السياسيين الذين عبثوا بالتحليل العلمي والأكاديمي وادخلوا نوعا من الشك في نفوس المغاربة . – أسطر على البعض لان هناك محللين غيورين على هذا البلد ويحترمون التحليل العلمي والمنطقي—
عموما فان خطاب 14 اكتوبر2016 جاء في ظرفية متميزة وشكل بذلك مادة دسمة لتحليلات جميع الفاعلين السياسيين ولكن الأهم هو إضفاءه نوعا من الارتياح على المواطنين سواء الذين اختاروا التصويت أو الذين اختاروا العزوف بطبيعة الحال كل بمنظوره الخاص. وباستعراضنا لمضامين هذا الخطاب نجد أن جلالته أعطى رسائل وتوجيهات قوية للفاعلين السياسيين
حيث اكد جلالته على أن " افتتاح السنة التشريعية ليس مجرد مناسبة دستورية، للتوجه لأعضاء البرلمان، وإنما هو منبر أتوجه من خلاله ، في نفس الوقت للحكومة وللأحزاب، ولمختلف الهيآت والمؤسسات والمواطنين......لقد انتهت الولاية التشريعية الأولى، بعد إقرار دستور 2011، والتي كانت ولاية تأسيسية، لما ميزها من مصادقة على القوانين المتعلقة بإقامة المؤسسات ".
".....فالمرحلة التي نحن مقبلون عليها أكثر أهمية من سابقاتها، فهي تقتضي الانكباب الجاد على القضايا والانشغالات الحقيقية للمواطنين، والدفع قدما بعمل المرافق الإدارية، وتحسين الخدمات التي تقدمها .إن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات ، هو خدمة المواطن. وبدون قيامها بهذه المهمة، فإنها تبقى عديمة الجدوى، بل لا مبرر لوجودها أصلا......إن تدبير شؤون المواطنين، وخدمة مصالحهم ، مسؤولية وطنية، وأمانة جسيمة، لا تقبل التهاون ولا التأخير ".
وأشار جلالته إلى أن ما يلاحظ "أن البعض يستغلون التفويض، الذي يمنحه لهم المواطن، لتدبير الشأن العام في إعطاء الأسبقية لقضاء المصالح الشخصية والحزبية، بدل خدمة المصلحة العامة، وذلك لحسابات انتخابية. وهم بذلك يتجاهلون بأن المواطن هو الأهم في الانتخابات، وليس المرشح أو الحزب، ويتنكرون لقيم العمل السياسي النبيل .
" .........إن المرافق والإدارات العمومية، تعاني من عدة نقائص ، تتعلق بالضعف في الأداء، و في جودة الخدمات، التي تقدمها للمواطنين. كما أنها تعاني من التضخم ومن قلة الكفاءة ، وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين. إن الإدارة تعاني، بالأساس، من ثقافة قديمة لدى أغلبية المغاربة. .........وقد أكدت أكثر من مرة ، على ضرورة حل المشاكل ، ومعالجة الملفات في عين المكان. كما أعطيت تعليماتي للحكومة، ووجهتها لاتخاذ الإجراءات الإدارية بهذا الخصوص .....إننا نؤمن بأن النجاعة الإدارية تساهم في النهوض بالتنمية ، وفي جلب الاستثمار الوطني والأجنبي، وتعزيز الثقة التي يحظى بها المغرب . لذا ، ندعو الجميع ، حكومة وبرلمانا ، أحزابا ونقابات ، جمعيات وموظفين ، للتحلي بروح الوطنية والمسؤولية ، من أجل بلورة حلول حقيقية للارتقاء بعمل المرافق الإدارية ، والرفع من جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين ".
وهنا لا اقترح تحليل هده المضامين فهي واضحة واستوعبها جيدا المواطنين لكن الإشكال يكمن في المؤسسات الموجه لها هذا الخطاب مما يجعلنا نطرح الأسئلة التالية :
هل البرلمان الحالي الذي أعطته نتائج الانتخابات التشريعية 07 أكتوبر 2016 قادر على استيعاب مضامين الخطاب الملكي وتوجيهاته وبالتالي انجاز القوانين والتشريعات التي يمكن أن تؤطر الأوراش الإصلاحية التي ركز عليها الخطاب الملكي ؟
هل الحكومة التي ستنبثق عن الأغلبية بهذا البرلمان قادرة على ترجمة التوجيهات التي تضمنها الخطاب الملكي ليوم 14-10-2016 وأكدها خطاب 06-11-2016 وتفعيل هذه التوجيهات على ارض الواقع ؟
هل الأحزاب السياسية قادرة على مسايرة التحولات التي تعرفها بلادنا على جميع المستويات وهل هي قادرة على مصالحة المغاربة مع العمل السياسي ؟
للإجابة على هذه الأسئلة لا باس من العودة إلى الخطب الملكية خصوصا في افتتاح الدورات التشريعية ما بعد دستور 2011 حيث تعودنا من جلالته في هذه الخطب أنها تكون مليئة بالرسائل والتوجيهات وتعودنا للأسف من الفاعلين السياسيين في غالب الأحيان عدم التفاعل مع هذه التوجيهات .
1 نبدأ بالخطاب الذي ألقاه جلالة الملك أمام أعضاء مجلسي البرلمان, لدى افتتاح , الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الثامنة.بتاريخ 14/10/2011 والذي جاء في ظرفية تميزت بإقدام بلادنا على تفعيل الدستور الجديد, بإقامة مؤسساته; وفي صدارتها البرلمان والحكومة حيث أشار جلالة الملك حينها إلى أن :
" المناسبة ليست مجرد رئاسة افتتاح دورة تشريعية عادية; وإنما هي لحظة قوية, لاستشراف الولاية البرلمانية الأولى, في العهد الدستوري الجديد, وتدشين مرحلة تاريخية, في مسار التطور الديمقراطي والتنموي للمغرب .
وهو ما يقتضي من كل الفاعلين في هذا التحول الحاسم, تحمل مسؤوليتهم كاملة, ومواصلة الجهود, لإنجاح الانتخابات النيابية المقبلة, بالالتزام بضوابط نزاهتها; وذلك بروح الثقة والوضوح, والغيرة الوطنية الصادقة ".
وأضاف جلالته " ...التغيير الجوهري الذي جاء به الدستور, لا بد أن يتجلى في تجديد المؤسسات, بمصداقيتها الديمقراطية, ونخبها المؤهلة, وعملها السياسي الناجع, والتنموي الملموس; الكفيل بتوفير أسباب العيش الحر الكريم, لكافة أفراد شعبنا الوفي, ولاسيما فئاته المعوزة, وشبابه الطموح. وذلكم هو النهج القويم, لإعادة الاعتبار للعمل السياسي النبيل, والارتقاء بأداء المؤسسات إلى مستوى مكانتها الدستورية المتقدمة; وذلك بإرساء ممارسة سياسية جديدة, قوامها النجاعة والتناسق والاستقرار المؤسسي, ونهوض كل سلطة بمسؤوليتها كاملة, في إطار فصل السلط وتوازنها وتعاونها ".
كما أكد جلالة الملك على ضرورة انبثاق هيآت نيابية وتنفيذية ناجعة "..... عمادها برلمان قوي, معبر عن الإرادة الشعبية الحرة, يمارس صلاحياته التشريعية الحصرية, والرقابية الواسعة........ وقوامها حكومة فاعلة, منبثقة عن أغلبية نيابية, متضامنة ومنسجمة, تنهض ورئيسها بكامل سلطتها التنفيذية, وتتحمل مسؤولية وضع برنامجها وتطبيقه, وبلورة أسبقياته, في سياسات عمومية ناجعة ومتناسقة ".
وأضاف جلالة الملك " بأن النظام الديمقراطي, يقوم على حكم الأغلبية وسيادة القانون,ويتأسس على المشاركة الإيجابية للمعارضة البرلمانية; فإن من شأن تفعيل النظام الخاص بها, تمكينها من أن تشكل سلطة رقابية مسؤولة, وقوة اقتراحية بناءة.بيد أن المصداقية السياسية للمؤسسات, ستظل صورية, ما لم تكن رافعة قوية للتقدم الاقتصادي, والتماسك الاجتماعي, والتحديث الثقافي ".
كما ذكر جلالة الملك بالتحديات التي تنتظر الجميع حيث قال "....استحضار التحديات الكبرى, المؤسسية والتنموية, للولاية التشريعية المقبلة, والتي يتعين رفعها من قبل كل القوى الحية للأمة, وسائر الفاعلين السياسيين, كل من موقعه, وخاصة البرلمان والحكومة ".
وأضاف "أن التحديات المؤسسية, تتعلق باستكمال تفعيل الدستور.......كما تشمل هذه التحديات التأهيل الذاتي للأحزاب, التي لا ديمقراطية حقة بدونها; وذلك من أجل انبثاق مشهد سياسي معقلن وفعال. .....ويظل الرهان المؤسسي الكبير الذي يتوقف عليه تقدم وتحديث بلادنا, هو إصلاح وتجديد هياكل الدولة ".
وقد ربط جلالة الملك بين استحضاره لبعض التحديات السياسية والتنموية الكبرى وبين المسؤوليات الملقاة على عاتق الحكومة البرلمان والأحزاب السياسية حيث قال "...إن إيجاد الحلول الناجعة لهذه التحديات رهين, في هذه المرحلة الانتخابية, بتحمل الأحزاب الوطنية الجادة, لمسؤوليتها السياسية, في تقديم مشاريع مجتمعية واضحة ومتمايزة, وبلورتها في برامج مضبوطة وناجعة وواقعية, تضع في صلبها الانتظارات الحقيقية للأجيال الحاضرة والصاعدة, ليتاح للمواطن الاختيار الحر للنخب المؤهلة للنهوض بها. وعلى ضوء نتائج الانتخابات النيابية القادمة, فإن رفع هذه التحديات, في العهد الدستوري الجديد, مسؤولية الحكومة والبرلمان بالأساس, بما لهما من صلاحيات تشريعية وتنفيذية كاملة ".
وبالنسبة لأي متتبع للشأن العام ما بعد 2011 سيجد أن التوجيهات الملكية لم تلقى التجاوب المطلوب حيث طغت نفس الممارسات السلبية التي عهدناها من الفاعلين السياسيين وأصبحنا أمام دستور جديد وإرادة ملكية رائدة وطموحة قابلتها ممارسات لم تستطع مواكبة التحولات التي يعرفها المغرب
وهنا أيضا نستنتج أن النتائج كانت محدودة جدا سواء على صعيد عمل الحكومة من خلال السياسات العمومية والتي لم ترقى إلى مستوى طموح دستور 2011 آو عمل البرلمان من خلال الإنتاج التشريعي الذي بقي محدودا جدا ولم يواكب الاوراش الكبرى التي جاء بها الدستور
نفس الشئ يمكن استنتاجه على صعيد عمل المعارضة البرلمانية التي رغم الأهمية التي حظيت بها من خلال دستور 2011 إلا أن عملها بقي على حاله سواء من جانب الحكومة التي لم تنهج أسلوب المشاركة في التعامل مع المعارضة أو من جانب فرق المعارضة نفسها التي حافظت على نفس الأسلوب في التعامل مع السياسة العمومية والمتمثل في المعارضة من اجل المعارضة .
وبالتالي بقيت نفس الصورة التقليدية في العلاقة ما بين الحكومة والأغلبية من جهة والمعارضة من جهة أخرى والتي تتميز عادة بالصراع والتنافس والعرقلة وليس المشاركة .
وفي هذا الإطار نجد أن الأحزاب السياسية لم تستطع أيضا التفاعل بشكل ايجابي مع التوجيهات الملكية بحيث لم تقدم برامج ناجعة وواقعية تتجاوب مع متطلبات وانتظارات المواطنين بل أكثر من ذلك تبنت ممارسات سلبية أدت إلى نتائج عكسية للتوجيهات الملكية وانتشرت ظواهر جعلت اغلب هذه الأحزاب تتميز بأنها دكاكين انتخابية لا يهمها سوى الفوز في الانتخابات وبشتى الطرق في غياب البرامج والاستراتيجيات والنخب المؤهلة القادرة على التجاوب مع تحديات المرحلة .
2 توجيهات الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة الثانية من الولاية التشريعية التاسعة 12 أكتوبر 2012 وقد جاء هذا الخطاب لأول مرة بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر نونبر من سنة 2011. حيث اكد جلالة الملك على مجموعة من التوجيهات وقال: " لقد تحقق تجديد البرلمان على وجه الخصوص بإصلاح دستوري إرادي ٬ تم إنضاجه عبر مسار طويل. كما تعزز بتأسيس برلمان جديد ٬ إن في مستوى مكانته أو في نظامه أو في سلطاته . ........... وفي نفس السياق٬ تم تعزيز دور المعارضة البرلمانية كسلطة نافذة٬ مع تخويلها وسائل عمل جديدة٬ تمكنها من مشاركة أقوى وأكثر مسؤولية في العمل البرلماني.
وتعميقا لدور البرلمان في مجال مراقبة الحكومة.فقد تم تدعيمه دستوريا ٬ ليتولى مهمة تقويم السياسات العمومية. وهو ما يفتح آفاقا واعدة أمام إمكانية إدخال التعديلات الملائمة والضرورية على البرامج٬ في الوقت المناسب ٬ وذلك من أجل ضمان حسن سيرها وإنجاحها ".
"......كما أن ترجمته على أرض الواقع وتحقيق الجدوى منه٬ لن يتسنى بدون المزيد من البذل والعطاء والتحلي بقدر عال من الوعي والتعبئة وإنكار الذات. وهو ما يقتضي القطيعة مع الممارسات المتجاوزة والتطوير الجذري للممارسة البرلمانية. ومن المعلوم أن الإقدام على مساءلة الذات٬ في سياق هذا التطور المؤسسي٬ لن يتم إلا من لدن البرلمانيين أنفسهم ".
وفي هذا الصدد٬ دعا جلالته " البرلمان إلى الانكباب على بلورة مدونة أخلاقية ذات بعد قانوني٬ تقوم على ترسيخ قيم الوطنية وإيثار الصالح العام٬ والمسؤولية والنزاهة٬ والالتزام بالمشاركة الكاملة والفعلية٬ في جميع أشغال البرلمان٬ واحترام الوضع القانوني للمعارضة البرلمانية ولحقوقها الدستورية .على أن يكون هدفكم الأسمى جعل البرلمان فضاء للحوار البناء٬ ومدرسة للنخب السياسية بامتياز. فضاء أكثر مصداقية وجاذبية٬ من شأنه أن يحقق المصالحة مع كل من أصيب بخيبة الأمل في العمل السياسي وجدواه في تدبير الشأن العام. ........".
كما دعا إلى " ترسيخ التعاون الضروري بين مجلسي البرلمان٬ عبر نظام محكم مضبوط٬ وأن تجعلوا من ترشيد علاقات الحوار الدائم والتعاون الوثيق والمتوازن بين الحكومة والبرلمان٬ إطارا راسخا٬ قوامه الاحترام التام لخصوصية كل منهما ومجال اختصاصه.
ومن خلال هذه المقتطفات من الخطاب الملكي أمام البرلمان 2012 والتي اعتبرت في حينها بمثابة خريطة طريق بالنسبة لبرلمان ولحكومة ما بعد دستور 2011 يظهر قيمة التوجيهات الملكية لكن للأسف بقيت هذه التوجيهات في اغلبها حبرا على ورق ولم يتم تفعيلها على ارض الواقع
حيث حافظ البرلمان على نفس الممارسات ولم تحصل تلك القطيعة مع الممارسات المتجاوزة ومحاولة التطوير الجذري للممارسة البرلمانية التي نادى بها جلالته بل أكثر من ذلك برزت ممارسات سلبية جديدة أترث سلبا على عمل البرلمان وأصبحنا خلال الولاية البرلمانية 2011-2016 أمام حملة انتخابية مفتوحة تخللتها نقاشات لا تمت بصلة للممارسة التشريعية والتنفيذية التي تتطلبها المرحلة بل أكثر من ذلك لم ترقى إرادة أعضاء البرلمان إلى درجة خلق مدونة أخلاقية تحدد العمل البرلماني الحقيقي الذي يحتاجه المغرب في هذه المرحلة.
وبرز ذلك بقوة من خلال غياب التعاون بين مجلس النواب ومجلس المستشارين حيث ساد نوع من الصراع بين المجلسين انعكس سلبا على مجموعة من القوانين بلغت حد العرقلة كما برزت مفاهيم ومصطلحات بعيدة عن الشأن السياسي الحقيقي الذي يجب أن يسود
3 واذا رجعنا الى الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك افي افتتاح الدورة الأولى من السنة الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة في 11 اكتوبر 2013 والذي تزامن مع الاحتفال بالذكرى الخمسينية لتأسيس البرلمان المغربي.حيث أكد جلالته على :
إن تطور المسار المؤسسي ببلادنا، يقوم على التجديد المستمر، واستثمار التراكمات الإيجابية للممارسة النيابية، على الصعيدين الوطني والمحلي، باعتبارهما مسارين متكاملين :
" أولهما الانتداب البرلماني، بما هو تمثيل للأمة، ومهمة وطنية كبرى، وليس ريعا سياسيا. فعليكم أن تستشعروا جسامة هذه الأمانة العظمى، التي تستوجب التفاني ونكران الذات، والتحلي بروح الوطنية الصادقة، والمسؤولية العالية في النهوض بمهامكم. ولا يخفى عليكم أن الولاية التشريعية الحالية، تعد ولاية تأسيسية، لوجوب إقرار جميع القوانين التنظيمية خلالها ".
وباعتبارها مكملة للقانون الأسمى، فقد أوصى جلالته " بضرورة اعتماد روح التوافق الوطني، ونفس المنهجية التشاركية الواسعة، التي ميزت إعداد الدستور، خلال بلورة وإقرار هذه القوانين التنظيمية ".
كما دعا البرلمانيين" لتحمل مسؤولياتهم كاملة، في القيام بمهامهم التشريعية، لأن ما يهم، ليس فقط عدد القوانين، التي تتم المصادقة عليها، بل الأهم من ذلك هو الجودة التشريعية لهذه القوانين ".
وفي نفس السياق، دعا جلالته أيضا إلى " إخراج النظام الخاص بالمعارضة البرلمانية، لتمكينها من النهوض بمهامها، في مراقبة العمل الحكومي، والقيام بالنقد البناء، وتقديم الاقتراحات والبدائل الواقعية، بما يخدم المصالح العليا للوطن .....كما شدد جلالته على " ضرورة اعتماد الحوار البناء، والتعاون الوثيق والمتوازن، بين البرلمان والحكومة، في إطار احترام مبدأ فصل السلط، بما يضمن ممارسة سياسية سليمة، تقوم على النجاعة والتناسق، والاستقرار المؤسسي، بعيدا عن تحويل قبة البرلمان إلى حلبة للمصارعة السياسوية ".
أما المسار الثاني الذي أشار إليه جلالة الملك فهو : " الانتداب الجماعي المحلي أو الجهوي، الذي يكتسي أهمية أكبر، في الواقع السياسي الوطني، لكونه يرتبط بالمعيش اليومي للمواطنين، الذين يختارون الأشخاص والأحزاب الذين يتولون تدبير قضاياهم اليومية. فالمجالس الجماعية هي المسؤولة عن تدبير الخدمات الأساسية، التي يحتاجها المواطن كل يوم.أما الحكومة، فتقوم بوضع السياسات العمومية، والمخططات القطاعية، وتعمل على تطبيقيها ............ كما أنهم مكلفون بإطلاق وتنفيذ أوراش ومشاريع التنمية بمناطق نفوذهم لخلق فرص الشغل، وتوفير سبل الدخل القار للمواطنين . إنها مهمة نبيلة وجسيمة، تتطلب الصدق والنزاهة وروح المسؤولية العالية، والقرب من المواطن، والتواصل المستمر معه، والإنصات لانشغالاته الملحة، والسهر على قضاء أغراضه الإدارية والاجتماعية ".
في هذا الخطاب نجد أن جلالة الملك شدد بقوة على توضيح الوظائف الحقيقية التي يجب أن يقوم بها المنتخبون سواء على صعيد البرلمان أو على صعيد الجماعات الترابية الشئ الذي يفترض إمكانيات مهمة في هؤلاء المنتخبون
لكن للأسف تجاوب الفاعلين السياسيين مع مضامين الخطاب بقي محدودا جدا على صعيد عمل البرلمان حيث لم يرقى الإنتاج التشريعي إلى مستوى طموحات المرحلة المثمثلة في الجودة فاغلب القوانين الصادرة تتميز بالسرعة والعشوائية
وعلى صعيد منهجية الحوار والتعاون بين الحكومة والبرلمان فان أي متتبع للمناقشة بين السلطتين يستنتج غياب هذه المنهجية وسيادة منهجية الصراع والتعارض بين السلطتين
أما بالنسبة للأحزاب السياسية فتجاوبها مع مقتضيات الخطاب كان ضعيفا بحيث لا زال الخلط منتشرا بين وظائف المنتخبين ولا زالت الأحزاب السياسية تغيب في اغلب الأحيان المنتخب المؤهل وترجح كفة ضمان المقعد على حساب أهمية المسؤولية ومدى التأهيل الذي يحظى به الشخص الذي سيتحملها .
4 أما خطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة 10 أكتوبر 2014 حيث توجه جلالة الملك إلى كل السياسيين وقال :"..........إن الاعتزاز بالانتماء للمغرب هو شعور وطني صادق ينبغي أن يحس به جميع المغاربة ". ومعتبرا إياهم مسؤولون بالدرجة الأولى على ".....الحفاظ على هذا الاعتزاز بل وتقويته من خلال تعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الإدارية والمنتخبة ، ومن خلال الرفع من مصداقيتها ونجاعتها ، ليشعر المواطن أنها فعلا في خدمته.........".
وتساءل جلالة الملك بكل وضوح قائلا ".... غير أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، وبكل إلحاح : هل تمت مواكبة هذا التقدم، من طرف جميع الفاعلين السياسيين، على مستوى الخطاب والممارسة ؟
إن الخطاب السياسي يقتضي الصدق مع المواطن، والموضوعية في التحليل، والاحترام بين جميع الفاعلين، بما يجعل منهم شركاء في خدمة الوطن، وليس فرقاء سياسيين، تفرق بينهم المصالح الضيقة.
غير أن المتتبع للمشهد السياسي الوطني عموما، والبرلماني خصوصا يلاحظ أن الخطاب السياسي، لا يرقى دائما إلى مستوى ما يتطلع إليه المواطن ، لأنه شديد الارتباط بالحسابات الحزبية والسياسوية ".
وأضاف جلالته " إذا كان من حق أي حزب سياسي، أو أي برلماني، أن يفكر في مستقبله السياسي، وفي كسب ثقة الناخبين ، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب القضايا الوطنية الكبرى، والانشغالات الحقيقية للمواطنين.
أما ممارسة الشأن السياسي، فينبغي أن تقوم بالخصوص، على القرب من المواطن، والتواصل الدائم معه، والالتزام بالقوانين والأخلاقيات، عكس ما يقوم به بعض المنتخبين من تصرفات وسلوكات ، تسيء لأنفسهم ولأحزابهم ولوطنهم، وللعمل السياسي، بمعناه النبيل. وهو ما يقتضي اعتماد ميثاق حقيقي لأخلاقيات العمل السياسي، بشكل عام، دون الاقتصار على بعض المواد، المدرجة ضمن النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان ".
"......وعلى بعد أقل من سنة، على الانتخابات المحلية والجهوية، أتوجه إلى جميع الفاعلين السياسيين : ماذا أعددتم من نخب وبرامج، للنهوض بتدبير الشأن العام ؟ ومن هنا، فإن الانتخابات المقبلة، لا ينبغي أن تكون غاية في حد ذاتها. وإنما يجب أن تكون مجالا للتنافس السياسي، بين البرامج والنخب. وليس حلبة للمزايدات والصراعات السياسوية ".
إن ما يمكن استنتاجه من الخطاب الملكي هو إعادة تأكيده على مجموعة من التوجيهات والتي سبق لجلالته أن ذكرها في خطابات سابقة لكن تزامنها مع اقتراب الانتخابات المحلية والجهوية دفع جلالته إلى إعادة تأكيدها وبأسلوب أكثر صراحة ووضوح
لكن مرة أخرى بقيت هذه التوجيهات في مجملها دون تفعيل فالانتخابات المحلية والجهوية أبانت نفس الممارسات السلبية من طرف جميع الفاعلين السياسيين وان هؤلاء لم يستطيعوا استيعاب جوهر الخطاب الملكي فلا البرامج كانت في مستوى التطلعات بحيث أن ما كان يهم الأحزاب هو الفوز بالمقاعد وبأي طريقة دون الاهتمام بالبرامج القادرة على الإجابة على تحديات المرحلة خصوصا فيما يتعلق باعتبار الجماعات الترابية ودورها المحوري في تحقيق التنمية المحلية
نفس الاستنتاج يمكن تسجيله على صعيد النخب التي لم تعرف تغييرا مهما فقد بقيت نفس النخب ونفس الممارسات وراهنت جل الأحزاب السياسية المغربية على محترفي الانتخابات حتى وجدنا أن هناك العديد من المرشحين ترشحوا باسم أحزاب لا يعرفون حتى توجهاتها فبالأحرى برامجها التي يمكن أن تتفاعل مع التوجيهات الملكية على مستوى تحديات المرحلة .
5 وأخيرا الخطاب، الذي ألقاه جلالة الملك في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية التاسعة بمقر البرلمان :09 أكتوبر 2015
حيث ركز جلالته على أهمية السياق الذي جاء فيه الخطاب وقال :
" ...وتكتسي هذه السنة التشريعية أهمية خاصة لأنها السنة الأخيرة في الولاية الحكومية بما تقتضيه من ضرورة استكمال إقامة المؤسسات الدستورية. كما تأتي بعد أول انتخابات محلية وجهوية، في ظل الدستور الجديد، وبعد إقامة مجلس المستشارين في صيغته الجديدة........ولكن لا يجب أن نعتبر أن الأمر قد انتهى. إن الانتخابات ليست غاية في ذاتها، وإنما هي البداية الحقيقية لمسار طويل ينطلق من إقامة المؤسسات وإضفاء الشرعية عليها ".
وأضاف جلالته " بل أكثر من ذلك، فإن تمثيل المواطنين أمانة عظمى على المنتخبين والأحزاب أداءها، سواء بالوفاء بوعودهم تجاه الناخبين أو من خلال العمل على الاستجابة لانشغالاتهم الملحة. وهي مسؤولية وطنية تقتضي من الجميع الارتفاع إلى مستوى اللحظة التاريخية التي تعيشها بلادنا.........غير أن ما ينبغي الانتباه إليه، أن الحياة السياسية لا ينبغي أن ترتكز على الأشخاص، وإنما يجب أن تقوم على المؤسسات . فالأشخاص كيفما كانوا فهم راحلون، أما المؤسسات فهي دائمة. وهي الضمانة الحقيقية لحقوق المواطنين، وللخدمات التي يحتاجون إليها، والتي لا نقبل أن تكون رهينة أهواء الأشخاص ورغباتهم ".
"......ينبغي استثمار التكامل بين مجلسي البرلمان للرفع من مستوى أدائه ومن جودة التشريعات التي يصادق عليها. ورغم كل الجهود المبذولة ، فإن الصورة التي تبقى في ذهن عدد من المواطنين ، هي الصراعات والمزايدات بين الأغلبية والمعارضة ، داخل البرلمان أحيانا، وفي بعض التجمعات الحزبية وحتى في وسائل الإعلام."
".......أن الخطاب السياسي لا يرقى دائما إلى مستوى ما يتطلع إليه المواطن. وهنا أنبه إلى أن التوجه نحو الصراعات الهامشية يكون دائما على حساب القضايا الملحة والانشغالات الحقيقية للمواطنين، وهو ما يؤدي إلى عدم الرضى الشعبي على العمل السياسي بصفة عامة ، ويجعل المواطن لا يهتم بالدور الحقيقي للبرلمان. فالبرلمان يجب أن يكون مرآة تعكس انشغالات المواطنين، وفضاء للحوار الجاد والمسؤول، حول كل القضايا الوطنية الكبرى ".
اعتبر هذا الخطاب أيضا في حينه بمثابة خريطة طريق حيث قدم جلالته توجيهات مهمة تجيب عن المرحلة التي تميزت بنهاية الانتخابات المحلية والجهوية وإقامة مجلس المستشارين في صيغته الجديدة وبما أنها السنة الأخيرة من الولاية التشريعية التاسعة فهناك تحدي التهييئ للانتخابات التشريعية.
لكن ما يلاحظ من خلال الوقائع أن هذه التوجيهات لم تلقى التجاوب المطلوب من طرف الفاعلين السياسيين بحيث بقيت الحياة السياسية مرتكزة على الأشخاص وليس على المؤسسات بل أكثر من ذلك زادت حدة هذا الارتكاز خلال الانتخابات التشريعية 07 أكتوبر 2016 وأصبحنا أمام صراعات شخصية بامتياز غابت فيها البرامج وانصب الاهتمام على محترفي الانتخابات وعلى النزاعات الشخصية في غياب شبه تام للمؤسسة والمبادئ والبرامج الحزبية .
كما أن الخطاب السياسي لم يتغير وبقي على حاله بل أكثر من ذلك لاحظنا انتشار مفاهيم وممارسات بعيدة كل البعد عن الرقي السياسي الذي أكد عليه الخطاب الملكي الشيء الذي يساهم في تكريس تلك الصورة السيئة للمشهد السياسي ببلادنا مما يؤدي إلى زيادة انتشار ظاهرة العزوف السياسي .
نفس الملاحظة يمكن تسجيلها حول التوجيهات الخاصة بالأحزاب السياسية والأمناء العامين لبعض الأحزاب الذين احتجوا على نتائج انتخابات، 04 شتنبر 2015 ففي الخطاب الملكي هناك وضوح برفض اتهام السلطات وبدل الاحتجاج يمكن اللجوء للقضاء لكن ما لاحظناه في انتخابات 07 أكتوبر 2016 هو تعدد الاحتجاجات والاتهامات خصوصا من حزب رئيس الحكومة والذي سهر على الانتخابات.
وكخلاصة عامة من خلال استعراضنا للخطب الملكية منذ 2011 أمام البرلمان يتبين بوضوح ضعف تجاوب الفاعلين السياسيين (حكومة برلمان أحزاب سياسية ) مع التوجيهات والرسائل التي تضمنتها هذه الخطب والتي في الحقيقة كما قلنا سابقا كانت تعبر عن طموحات وأمال الشعب المغربي ما بعد دستور 2011
لان أي متتبع للشأن العام السياسي اليوم يستنتج :
- ضعف السياسات العمومية للحكومة التي لم تستطع التجاوب مع تحديات المرحلة وعلى جميع المستويات و ما هذا إلا تحصيل حاصل نظرا لغياب البرامج الحزبية الحقيقية والعملية
- كذلك ضعف الإنتاج التشريعي سواء على مستوى الأغلبية التي لم تفرق بين العمل التشريعي والسلطة التنفيذية بحيث لم تتجرأ هذه الأغلبية على التدبير الحكومي وكانت هناك مساندة تبعية لم تعطي للعمل التشريعي أهميته .أو على مستوى المعارضة رغم التأطير الدستوري إلا أنها لم تستطع تغيير ممارستها لتصبح قوة تأثيرية فعالة .
- أما على مستوى الأحزاب السياسية لا زالت تتعامل مع الشعب المغربي بمنطق الوصاية وتريد أن تقرر في مصيره داخل الغرف المغلقة انطلاقا من مصالح ضيقة تتماشى وطموحات بعض القيادات الحزبية التي أصبحت تكسب شرعيتها بين عشية وضحاها بل تصور نفسها أنها الوحيدة القادرة على انقاد هذا الشعب وتحقيق طموحاته
لذلك يتم تغييب منطق إشراك المواطن المغربي في القرارات الحزبية بطريقة ديمقراطية تأخذ بعين الاعتبار طموحاته وأماله وتأخذ بعين الاعتبار أيضا مستوى النضج السياسي الذي وصل إليه .
وفي الأخير وحتى لا نكون متشائمين أكثر نقول هل الشعب المغربي يستحق هذا الوضع فعلا ؟ بطبيعة الحال الإجابة بالرفض فلا زلنا لم نصل إلى المستوى الميئوس لكن نحتاج إلى إصلاحات حقيقية ترتبط بالمؤسسات لا بالأشخاص وتحترم التحولات التي يعرفها العالم وتفتح المجال أمام أغلبية المواطنين للمشاركة في العمل السياسي بممارسات تحترم الديمقراطية العدالة تكافؤ الفرص


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.