"علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض"، ظروف وأحوال اجتماعية قضت بها سنة الله تعالى في خلقه. لكن يبدو أن أرباب قاعات الأفراح في حي "فال فلوري" بطنجة و كذلك عملاءهم الذين يستغلونها للاحتفال بأعراسهم، لا يدركون هذه الظروف أو ربما لا يريدون أن يدركوها. فانتشار قاعات الأفراح في هذه المنطقة القريبة من مستشفى محمد الخامس والآهلة بعدد كبير من السكان، يسبب إزعاجا وقلقا كبير خلال موسم الأعراس، وهذا هو جوهر المشكل، يقول أحد سكان المنطقة ،ل أن أرباب هذه القاعات لا يحترمون مقتضيات المحافظة على الهدوء والسكينة الضروريين، فتجد أن الأعراس الموجودة في هذه القاعات تمتد إلى الساعات الأولى من الصباح، يضيف المتحدث
هي إذن حالة فوضى كما يصفها عدد كبير من الأحياء المتضررة والتي تحتضن صالات الأفراح هذه، ولذلك فإن من الضروري تفعيل المقتضيات القانونية في حق المسؤولين عن هذه المشاريع الربحية على حساب راحة الآخرين ما دامت أن القيم الأخلاقية لا مكان لها اليوم، يقول أحدهم.
المرضى..أكثر المتضررين
أفراح قوم عند قوم أقراح، عبارة تلخص الوضع بوضوح كبير في حي "فال فلوري" الذي يحتضن صالات أفراح توجد بالقرب من مستشفى محمد الخامس حيث يرقد فيه مئآت المرضى الذين انضافت معاناة تردي الخدمات الصحية بهذه المؤسسة الاستشفائية، إلى معاناة الضجيج الصادر من قاعات الأفراح التي تحمل صفة المغلقة رغم أن ضجيجها وصخبها يظل شملا للمنطقة بأسرها.
حكايات معاناة كثيرة تتردد في هذا المستشفى مع هذا الضجيج الحاصل الذي يتسلل إلى داخل غرف المرضى ولا يتوقف إلا في ساعات الصباح الأولى، رغم ان هذه الفئة من أكثر الفئات المحتاجة إلى الهدوء والسكينة.
"فاطمة – اسم مستعار"، سيدة تقضي فترة علاج بمستشفى محمد الخامس بعد تعرضها لحادثة سير، تحكي عن معاناتها مع هذا الوضع الذي وصفته بأنه فوضى تستوجب حلا سريعا، حيث تقول: أصوات آلات الموسيقى والزغاريد لا تهدأ إلا في قبيل الفجر أو بعده مما يجعل أمنية الخلود على غفوة قصيرة حلما بعيد المنال. نفس المعاناة يعبر عنها "سي أحمد" وهو مسن تبدو عليه علامات المرض وقد أنهكه " ننتظر أن تهدأ أصوات الموسيقى بفارغ الصبر حتى ننعم بلحظات من الهدوء" أما السيدة "عايشة"، فاختصرت التعبير معاناتها في عبارة "الله ياخذ فيهم الحق يا ولدي".
وللسكان شكايات تنتظر التدخل
لا تتوقف المعاناة مع الضجيج والصخب الصادر من صالات الأفراح عند أسوار مستشفى محمد الخامس، ولكن سكان الحي بدورهم لهم معاناة من نفس النوع، وهي معاناة اختاروا أن يعبروا عنها في شكايات موجهة إلى السلطات المحلية والجهات المنتخبة لعلها تتدخل من وضع حد لهذا الضرر الذي يتجدد مع كل موسم أفراح.
ففي شكاية موجهة إلى ولاية طنجة وإلى الجماعة الحضرية، أبدى مجموعة من سكان أحياء بمدينة طنجة، تذمرهم مما أسموه الضرر الذي يقلق راحتهم من جراء الضجيج المستمر الذي تتسبب فيه قاعات الأفراح المنتشرة هناك، والتي يتم كراؤها لكل من هب ودب،حسب هؤلاء السكان.
وقال السكان المذكورون في شكايتهم، إن هذه القاعات تعتبر مصدر إزعاج كبير للمواطنين القاطنين بهذه الأحياء، بسبب الضجيج الذي تحدثه يوميا والى ساعات متأخرة من الليل، والتي تصل إلى الرابعة صباحا بل وأكثر، وأضاف المشتكون، أن هذه القاعات لا تتوفر على أي ترخيص يخول لها مزاولة هذا النشاط، كما أن لا احد من السكان سبق وان أبدى موافقته أو وقع وثيقة تسمح له بتخصيص هذه القاعات للأفراح.
وناشد المشتكون الجهات المعنية بالتدخل لوقف ما أسموه بالفوضى، خاصة أن هذه القاعات توجد على مقربة من المستشفى الإقليمي محمد الخامس، وأن من بين السكان من يعاني من أمراض مزمنة تتطلب الهدوء الكامل والراحة اللازمة، بالإضافة إلى الأطفال والرضع.
من يحمي المتضررين؟ تشير الوثائق التي تتوفر "طنجة 24" على نسخ منها، أن نشاط صالات الأفراح المنتشرة في حي "فال فلوري"، هو في الأصل مرخص له من طرف الجهات المعنية. إلا أن الجهة المرخصة قد اشترطت ضرورة المحافظة على الهدوء والسكينة واحترام السكان المجاورين إضافة إلى وجوب توقيف النشاط عند الساعة الثانية عشر ليلا.
لكن شكايات السكان تثبت العكس وتؤكد أن إقلاق راحة المواطنين هو الحاصل، فرغم أن القانون واضج في هذا الخصوص ويؤكد على ضرورة احترام راحة الناس، فإن الأمر يبدو فيحي "فال فلوري" وكأن المكان هو مجمع لقاعات الأفراح وبالتالي يفعل أصحابها ما يشاءون. فهل أصحاب هذه القاعات فوق القانون؟ يتساءل بعض سكان الأحياء المتضررين ويضيفون أم أنه لا يوجد قانون يحمي راحة المواطنين؟