الحزب الحاكم في البرازيل: المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    جوائز الكاف: المغرب حاضر بقوة في الترشيحات لفئات السيدات        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية    السلطات المحلية تداهم أوكار "الشيشا" في أكادير    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض        حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون        منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجدة.. مشاريع تنموية ضخمة متأخرة واختلالات تطبع العديد من المؤسسات
زبونية في توزيع دكاكين السوق النموذجي وتهاون في الاهتمام بالبنيات التحتية للمدينة
نشر في المساء يوم 12 - 05 - 2011

توقفت لسنوات جميع المشاريع الكبرى التي أشرف على انطلاقتها الوالي السابق لوجدة محمد الإبراهيمي، قبل أن تُستأنَف فيها الأشغال،
بعد أن تحولت المدينة إلى «سوق» فوضوية وعشوائية، بدل ورش ضخم متفاعل. وأثار عدم ظهور الوالي الجديد خلال العديد من التظاهرات وتجنُّبه عقدَ لقاءات تواصلية مع رجال الإعلام وقلة اجتماعاته مع جميع رؤساء المصالح، عكس ما كان يفعل سابقه... (أثار ذلك) تساؤلات المواطنين حول مدى قدرته على تتبع الوتيرة التي كانت تسير بها هذه المشاريع التنموية وعلى الإحاطة بجميع مشاكل العمالة والمدينة الألفية...
ما إن تم تنصيب عبد الفتاح الهمام واليا جديدا على هرم ولاية الجهة الشرقية عاملا على عمالة وجدة -أنجاد، حتى «استقبله» أكثر من 120 شخصا، أغلبهم نساء مرفوقات بأطفالهن ورُضَّعِهن من سكان أحياء «النجد» و«المير علي» و«السمارة»، بوقفة احتجاجية صاخبة أمام مقر ولاية الجهة الشرقية عمالة وجدة أنجاد. وقفة احتجاجية نفذها سكان أحياء «النجد»، 1 و2 و«حي العونية»، قبل أن ينضم إليهم سكان أحياء «المير علي» و«النكادي» و«السمارة»... ليشكل المحتجون 3 فئات، تطالب الأولى بإعادة الإسكان في إطار محاربة دور الصفيح، والثانية بالاستفادة من مساعدة ضحايا الفيضانات والثالثة بربط المنازل بشبكتي الكهرباء والواد الحار.
وقد نظم سكان «حي النجد»، المهدَّدين بالحجز على منازلهم من لدن الأبناك، مسيرات ووقفات غاضبة وعارمة، كان آخرها صباح يوم الاثنين 24 يناير 2011، انطلقت من الحي في اتجاه مقر ولاية الجهة الشرقية، الأمر الذي جعل جميع المصالح الأمنية والسلطات المحلية تستنفر قواتها لمحاصرة المحتجين، على مستوى «الحي الجديد» في شارع محمد السادس، ومنعهم من مواصلة مسيرتهم نحو «هدفهم».
وهؤلاء السكان مهدَّدون بالحجز على منازلهم، بعد عجز جلّهم عن أداء الأقساط الشهرية، بعد استفادتهم من قروض بنكية لبناء البقع الأرضية في تجزئة «حي النجد»، والتي مُنِحت لهم في إطار برنامج محاربة دور الصفيح ومشروع إعادة إسكان قاطني دوار «سيدي يحيى»، وتوصل كثيرون منهم باستدعاءات من طرف المحكمة لإبلاغهم بقرارات الحجز ومباشرة الإجراءات القانونية في حقهم.
وقد اضطر والي الجهة الشرقية لاستقبال ممثلين عن السكان، لأول مرة، نظرا إلى الظرفية الخاصة، وطمأنهم بأنه لن يتم الحجز على منازلهم ولن يخرجوا منها، كما التزم بضمان الحفاظ على منازلهم، مع الموافقة على إعادة الجدولة، بعد انتهاء التقنيين من دراسة الملفات.
ووجه سكان «حي تازاغين»، الممثلون لودادية «تازاغين» في المقاطعة الحضرية ال14 عريضة موقعة، يوم 28 شتنبر 2010، لوالي الجهة في موضوع «نداء وتعرض استعجاليين، مع رفع الضرر» جاء فيها: «نحن، سكان حي «تازاغين»، نتقدم إليكم بهذا النداء الاستعجالي، ملتمسين منكم الأخذ بجديته، مفاده أن حينا تمت هيكلته مؤخرا من طرف وزارة الداخلية والجماعة الحضرية والوكالة الحضرية التي حددت معالم وحدود عرض الزنقة كما هو مبيَّن في التصميم». وأضافت العريضة /الرسالة أن السكان تفاجؤوا بصاحب قطعة أرضية في الحي المذكور يحفر أسس منزله في الحي، ضاربا عرض الحائط التصميم المصادَق عليه من الجهات الرسمية ليضع أساسا في وسط الطريق كحاجز، مانعا بذلك الممر الوحيد الذي يبلغ عرضه 10 أمتار ويقلصه إلى 7 أمتار، دون سابق إنذار ودون موجب قانوني من الجهات المسؤولة...
ورفض والي الجهة استقبال ممثلي تجار سوق «وادي الناشف» (السوق النموذجي) في وجدة، يوم 12 يناير 2011، بعد أن التأم شملهم أمام مقر الولاية، في وقفة احتجاجية غاضبة، قبل أن يتم منعهم من تنفيذها من طرف ورجال الأمن، هم الذين جاؤوا لطلب المساعدة والحماية، بعد أن ألقي بهم في سوق يقال إنه «نموذجي»، بينما الواقع غير ذلك، حيث توقفت الأشغال وتملص المقاول من إتمامها.
كما نفذ معطلو المدينة عشرات الوقفات الاحتجاجية أمام مقر الولاية، بشكل شبه يومي. ورغم تقديمهم طلب استقبال لوالي الجهة الشرقية، عامل عمالة وجدة أنجاد الجديد، الذي يعتبرونه الوحيد القادرَ على حل مشاكلهم والاطلاع على أوضاعهم المزرية، فقد تأكدوا أنه أغلق جميع الأبواب في وجههم، ليتم تفريقهم بالقوة، كلما نفذوا وقفة من وقفاتهم...
أسواق نموذجية غير مكتملة
طالب تجار سوق «وادي الناشف» (السوق النموذجي) بفتح تحقيق في طريقة توزيع تلك الدكاكين، والتي استفاد منها عدد من المستشارين في المجلس الجماعي السابق، ومنهم من هو عضو في المجلس الحالي، إضافة إلى بعض «المقربين» من رئيس الجماعة الحضرية لمدينة وجدة السابق.
وسبق لهؤلاء التجار المتضررين أن نفذوا وقفات احتجاجية ووجهوا رسائل لوالي الجهة الشرقية، لإعادة الروح للسوق النموذجي «واد الناشف»، الذي طاله الركود والإفلاس منذ ما يناهز أربع سنوات، ما نتج عنه إغلاق 98 في المائة من التجار محلاتهم وممارستهم التجارة خارج السوق وانتشار الأسواق الفوضوية، ما أدى إلى شلل شبه كلي للنشاط التجاري فيه وإلى عدم التزام المقاول والمجلس البلدي بمقتضيات بنود الاتفاقية وكناش التحملات، وخاصة الفصل الثالث منه، الذي ينص على أنه «في حالة عدم استغلال أو إخلاء المحل لمدة تفوق 30 يوما، يمكن للطرف الأول (شركة «نيزاس»)، تفويته لشخص آخر بعد إنذار كتابي، وما هذه إلا واحدة من بين 18 مخالفة، كما جاء على لسان الوزير حجيرة، في حوار بثته القناة الثانية مؤخرا».
وقد سبق لسكان تجزئة «الموقف» في شارع «حي الرياض» أن وجهوا العديد من الرسائل، لكل من وزير الداخلية ووالي الجهة الشرقية ولرئيس المجلس البلدي للجماعة الحضرية لمدينة وجدة، يطلبون فيها رفع الضرر عنهم، بسبب قاعة الأعراس «السعادة»، الواقعة وسط حي سكني اجتماعي، رغم أنه سبق لهم أن تقدموا بتعرض ضد بناء القاعة الموجودة فوق حمام، دون جدوى.
والتمست الرسائل من جميع المسؤولين الساهرين على راحة وأمن المواطنين وفرض احترام القانون العمل على وضع حد لمعاناتهم ورفع الضرر عنهم وفتح تحقيق في الطريقة التي حصل بها صاحب القاعة على رخصة الاستغلال، إن كانت هناك رخصة أصلا، ومن المستشار الجماعي الذي أشّر عليها، حيث إن المشروع في بدايته كان يضم فقط حماما ودوشا، طبقا لتصميم مصلحة مسح الخرائط للأرض المسماة «أرض الخير»، رسم 2/92213، مطلب 2/21070.
وفي سياق آخر، ورغم إصدار قرار ولائي وجماعي بالإغلاق في حق بعض المحلات التجارية، التي تتوفر على رخص مزورة أو غير قانونية مسلّمة من طرف بعض مستشاري الجماعة الحضرية لمدينة وجدة خلال ولاية المجلس السابق، ومنهم أعضاء في المجلس الحالي، ما زالت هذه المحلات، التي توجد ملفاتها رهن التحقيق على مكاتب الشرطة القضائية، تشتغل بشكل عادي...
وقد سبق للمواطنين، تهامي زروق والمنور مشارك، القاطنين بحي «الطوبة الخارجي»، أن حررا العديد من الشكايات الموجهة لكل من وزيري الداخلية والإسكان والتعمير ووالي الجهة الشرقية وباشا المدينة ورئيس الجماعة الحضرية ووالي ديوان المظالم. ورغم جميع الوثائق المسلمة من العديد من المصالح المختصة الصحية وتقرير خبرة وتعرضات وقرار ولائي موقع من طرف والي الجهة الشرقية، الذي أمر بإغلاق محل «مروة» للغسل والتشحيم والتنظيف للسيارات، فما زال المحل يشتغل إلى حد الآن ويتسبب في أضرار بليغة للمنازل المجاورة.
كما تقدم عبد الله العزاوي، وهو مالك يقطن بزنقة «الجزولي» وابنه زكريا العزاوي، بالعديد من الشكايات إلى كل من الديوان الملكي ووزير الداخلية ووالي الجهة الشرقية والوكيل العام للملك وكيل الملك لدى ابتدائية وجدة وباشا المدينة ورئيس الجماعة الحضرية في شأن الترامي على ملك الغير، باستعمال وثائق ورسوم وعقود بيع مزورة «مصادَق عليها» من طرف بعض مستشاري الجماعة الحضرية السابقة ل«واد الناشف»، سيدي معافة أو الجماعة الحضرية «سيدي زيان»، بل منهم من استفاد من بقع أرضية وأقام عليها مشروعه.
والتمس العارض المشتكي، في جميع شكاياته، من المسؤولين إعطاء تعليمات للفرقة الجنائية للشرطة القضائية قصد إجراء تحقيق في النازلة، يشمل الإطلاع على سجلات إدارة التسجيل وعلى سجلات المحكمة والمصالح البلدية...
طرقات غير معبدة وأرصفة مشوهة
تتطلب الوضعية السيئة التي آلت إليها أرضية الساحات، إضافة إلى تشويه أرصفة مختلف الشوارع الرئيسية للمدينة، فتح تحقيق مع المقاولين الذين استفادوا من هذه الصفقات ومحاسبتهم وإرغامهم على إصلاح ما أفسدوه. ويذهب البعض إلى حد مقارنة بنايات وساحات ورثتها المدينة مع بداية حقبة الاستعمار الفرنسي لها، وما زالت على طبيعتها وحالتها، كما شُيِّدت آنذاك، ومنها مدرسة «سيدي زيان» (1907) وثانوية «عمر بن عبد العزيز» (1915) وبنك المغرب ومركز البريد وبعض الفنادق... التي ما زالت «صامدة»، تقاوم كلّ العوامل الطبيعية، رغم خلو أعمدتها من القضبان الحديدية والإسمنت المسلح الذي يُستعمَل الآن بالمعايير والمواصفات العلمية، تحت إشراف مهندسين مختصين.
ففي إطار برنامج تهيئة مجموعة من الساحات العمومية، قام الملك محمد السادس، يوم 3 يوليوز 2008، بتدشين «ساحة 16 غشت»، التي تطلبت غلافا ماليا يبلغ 6.56 ملايين درهم، واطلع على برنامج تهيئة ست ساحات أخرى، بغلاف مالي إجمالي يبلغ 33.65 مليون درهم. وشملت أشغال تهيئة الساحة، التي تمتد على مساحة 5000 متر مربع، عمليات الترصيف والإنارة والتشجير والسقي بالتنقيط والتأثيث الحضري وبناء نصب تذكاري، بتمويل من وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية.
وكان سكان وجدة قد استبشروا خيرا مباشرة بعد انطلاق عمليات الترصيف، آملين توحيد التعمير وإضفاء الجمالية على المدينة الألفية، لكن أملهم في ذلك خاب، بعد إنجاز نصف الرصيف و«التخلي» عن النصف الآخر، بل الأخطر من ذلك أن مستوى الرصيف الجديد أعلى من القديم وغير متناسق ومربعاته غير مستوية وساهم في تشويه المدينة، بدل المساهمة في منحها الجمالية المطلوبة.
ونشير هنا إلى أن 15 دقيقة من الأمطار القوية كانت كافية لإغراق أكثر من 50 سيارة لمصلّين في مسجد «لالة خديجة»، كانت متوقفة إلى جانب الطريق، مساء يوم الثلاثاء 17 غشت الماضي.
ملك عمومي محتل وفوضى عارمة
لم تعش مدينة وجدة وضعية من الفوضى والصخب -وصفها مواطنون غاضبون ب«السيبة» أشبهَ بتلك التي تعيش فيها الآن، حيث يبدو أن جميع المصالح المعنية في المدينة، من سلطات محلية وسلطات منتخَبة، استقالت من مهماتها وتخلّت عن واجباتها، إلا من بعض «الهدّات» المناسباتية، بترك المدينة وفضاءاتها بيد المتعاطين لجميع أنواع الأنشطة التجارية العادية أو الموسمية القانونية أو غيرها والباعة المتجولين المعروفين ب«لفْرّاشة» أو أصحاب العربات المجرورة وأصحاب المقاهي، واستفحلت الوضعية بعد مباشرة الأشغال في ساحة «سيدي عبد الوهاب»، في إطار تأهيلها.
اكتظت شوارع المدينة وطرقاتها وأزقتها بالسكان والزوار وزادها فوضى وعشوائية احتلالُ الملك العمومي من طرف التجار والباعة، المتجولين والقارين «لْفْرّاشة» وأصحاب العربات وأصحاب المقاهي، بعد أن سطوا على الأرصفة واحتلوا مواقع وسط الطرقات والساحات و«وزّعوها» في ما بينهم و«حددوا» محيطهم.
وساهم مستشارو المجالس البلدية السابقة، ومنهم من ما يزال في المجلس الحالي، في هذه الفوضى حيث وزع بعض أعضاء المجلس الذين يوجدون ضمن المجلس الحالي تراخيص لهؤلاء الباعة، بل باعوا تراخيص احتلال الملك العمومي... ووجدت السلطات المحلية صعوبات كبيرة لتحرير الملك العمومي، خاصة تلك التي تستهدفها مشاريع التأهيل في المدينة القديمة وساحة «سيدي عبد الوهاب».
أصبح المواطن مرغما على «الانحناء» تحت البضائع المعلقة أو «القفز» فوق السلع المعروضة على الأرض، خلال جميع فترات السنة، دون الحديث عن أيام شهر رمضان، التي تستفحل فيها الأوضاع ويتضاعف عدد الباعة و«تُحتَل» الأرصفة وتُفرَش الساحات وتختنق المدينة... مع العلم أنه مُنِع على تجار المدينة القديمة عرض البضائع والسلع خارج الدكاكين، بعد انطلاق مشروع تأهيل المدينة العتيقة بمئات الملايين من الدراهم وبعد ترميم أزقتها وواجهات محلاتها التجارية وساحاتها الصغيرة...
أما أصحاب المقاهي فقد تجاوزت كراسيهم وطاولاتهم المساحات المخصصة لهم و«استحوذوا» على الأرصفة وتركوا الطرق والشوارع للمارة الذين أُرغِموا على السير في الطرقات وسط السيارات والشاحنات وغيرها، الأمر الذي يعرض المواطنين لحوادث سير خطيرة. و«رهن» بعض التجار الرصيف، بوضع صناديق أو إطارات السيارات أو آجورات، لمنع السيارات من الوقوف أمام محلاتهم والاستئثار بنصيب من الطريق العمومية وإضافته إلى «الملكية الخاصة»، فيما وضع بعضهم علامة «ممنوع الوقوف» أمام واجهة محلاتهم و«عوضوا» المصالح البلدية والأمنية الموكولة لها تلك المهمة...
وقد سبق لمجموعة من التجار المتضررين في شارع «عبد الرحمان حجيرة» (طريق مراكش سابقا) أن وجهوا للمسؤولين في ولاية الجهة الشرقية، عمالة وجدة -أنجاد وباشوية وجدة والمجلس البلدي للمدينة شكاية لرفع الضرر الذي لحقهم من طرف الباعة المتجولين (لفْرّاشة) الذين يحتلون الأرصفة لبيع سلعهم وبضائعهم. كما سبق لودادية الفتح في «لازاري» أن وجهت رسالة مفتوحة في الموضوع لوالي الجهة الشرقية، جاء فيها أن «ما يقزز الأنفس السوية هو تلك الممارسات التي تعرقل هذا النمو وتعيد المدينة خطوات إلى الوراء». وأشارت الرسالة إلى أن الأرصفة تحولت إلى مرائب وحدائق، حيث احتلت المقاهي كل الأرصفة بكراسيها، سواء على مستوى شارع محمد الخامس أو غيره من الشوارع الرئيسية. وأضافت أن ما زاد المنظر اشمئزازا هو «تكديس» مئات الدراجات النارية والعادية أمام كل مقهى وفوق الرصيف، مما أصبح يعرقل السير على الرصيف بشكل كلي، كما تحولت الحدائق أمام المنازل إلى «بْحاير»، حسب تعبير الرسالة، تحرم الناس من الرصيف ومن الفضاءات الواسعة.
مآثر متآكلة ومهملة
لقد تحولت منازل المدينة القديمة، التي تحفظ تاريخ المدينة ومآثرها التاريخية، إلى ورشات للخياطة ولبيع «الصابْرة»، كما تحولت ساحة القصبة وشارع المغرب العربي إلى موقف للسيارات يسيء إلى صورة بناية محكمة قضاء الأسرة، التحفة التي تم تدشينها من طرف الملك محمد السادس... ولا بد للمرء أن يتساءل كيف تم الترخيص بتحويل تلك المنازل إلى دكاكين وبناء أسواق وقيساريات، رغم أن وجود بعضها غير قانوني، داخل أزقة الأحياء الضيقة التي لا تسع لمرور عربة صغيرة واحدة، ودون التفكير في سكان هذه الأحياء...
ويتعرض ما تبقى في وجدة من مآثر تاريخية للضياع، عبر عملية «اغتيال» أسوار المدينة القديمة، بسبب تدخلات الباعة المتجولين والمتشردين وتعريض مآثرها الداخلية للإهمال والضياع من طرف المسؤولين على الشأن المحلي ومن طرف المواطنين، ب«مساهماتهم» في تلويث المحيط، برمي الأزبال فيه، وكذلك بعد تفويت مجلس الجماعة الحضرية ساحتيْ وجدة القديمة للخواص كمواقف للسيارات.
لقد ساهمت المجالس البلدية، بدورها، في هذه الفوضى، بتفويت رخص استغلال محلات وكراء الساحات كمواقف للسيارات في الشوارع وفي المدينة القديمة، مما عقد حركة السير وأضرّ بالمآثر التاريخية (ساحات القصبة، أسوار المدينة القديمة وأبواب القصبة التي تتأثر باهتزازات محركات السيارات والشاحنات ودخانها)... والتي لم يبق لوجدة غيرها، بعد أن تم ترميمها، في الوقت الذي كان يجب المحافظة عليها، بمنع السيارات من الاقتراب منها والتفكير في إيجاد حلول لذلك وتوفير مواقف وتسهيل حركة السير والمرور، لاسيما في ساحة «سيدي عبد الوهاب»، التي أصبحت «جحيما» لمن يعبرها، راجلا أو راكبا...
عمارات أصبحت مواخير وأوكارا للدعارة والشذوذ الجنسي وقاعات للألعاب المدرسية تحولت إلى مراتع للانحلال الخلقي
نشطت التجارة في بعض الفنادق التي شُيِّدت لاستقبال وافدين من الجزائر إبان فتح الحدود، وبعد إغلاقها حاليا، أثر عليها ذلك سلبا. وفي غياب إجراءات، تحول بعضها إلى «مواخير» استبدلت السياح ب«سائحات» من نوع آخر يلجأن إلى غرفها لدقائق وتحولت إلى أوكار للفساد والدعارة. وقد تم خلال بعض الحملات، ضبط العديد من المومسات، ورغم تقديمهن للعدالة، فإنه يتم تسجيل «حالات» أخرى... كما تحولت بعض المنازل إلى مواخير في ملكية قوادات محنكات «يتاجرن»، بدون رحمة، في فتيات ساقَهُنّ قدَرهن وظروفهن الاجتماعية القاسية إلى أيدي هؤلاء القوادات «يتاجرن» في بيع أجسادهن لكل راغب في إشباع غريزته الحيوانية. ولا بد من الإشارة هنا إلى «غرائب» لم تعهدها الجهة الشرقية ولا مدينة وجدة «المحافِظة» وهي ظهور الشواذ جنسيا ودخولهم «المنافسة» إلى جانب الفتيات، بل إن المرءَ ليحسب هؤلاء الشواذ «فتيات»، إذ تعلَّموا كيف «يقلدونهن» ويمشون مشيتهن ويغمزون غمزاتهن وصاروا «فتيات» يصطدن زبائنهن / زبائنهم!...
كما تناسلت قاعات الألعاب المرخصة وغير المرخصة في الأقبية و«الحفر» والمرائب، في الشوارع ووسط الأحياء الشعبية الآهلة بالسكان، دون مواصفات وقائية صحية أو أمنية، وتحولت إلى جحور يلجأ إليها «رواد» من نوع خاص. ويصاب المرء بالصدمة عند زيارته بعضَها، حيث مرتادوها أطفال وشبان، بل حتى تلميذات قاصرات، «يعيشون» وسط سحب من الأدخنة المتنوعة تضفي على المكان المغلق أجواء ضبابية توحي باليأس والحزن والخوف، رغم علامات «النشاط» التي تبدو على «الغارقين» فيها، والهائمين في عالم تحت أرضي، أشبه بقبر جماعي ضخم...
تحولت هذه القاعات إلى «سجون» يرتادها شبان من مختلف الأعمار، ابتُلوا بالتعاطي لأنواع من الألعاب الإلكترونية و«الويتا» و«الكانزا» في وجدة و«البيلياردو» في غرب المملكة (غولف أزير) وب«البيلاردو»... مقابل رهانات تتراوح مبالغها ما بين 10 دراهم و100 درهم، حسب طاقات المتراهنين، بل هناك رهانات من نوع خاص، فمنهم من يصطحب معه فتيات وبائعات هوى، خاصة في قاعة غير بعيدة عن قصر البلدية، يشاركنهم مراحل «النشاط»، من تدخين «المارلبورو»، «المْدرّح» بمخدر الشيرا، إلى توزيع القبلات والترامي في الأحضان، كلما نجح اللاعب في إصابة الهدف.
وسبق للدكتور عبد المجيد كمي، الاختصاصي في الأمراض النفسية والعصبية، خريج جامعات باريس والمجاز في علاج الإدمان على الخمر والمخدرات، أن أشار، خلال حديث سابق إلى «المساء»، حول التعاطي للمخدرات، إلى أن قاعات الألعاب تعد أوكارا لتعلم جميع السلوكات المنحرفة، حيث يجد الطفل أو الشاب نفسه وسط مروجين محترفين ومتاجرين عرفوا كيف يختارون الأمكنة للإيقاع بضحاياهم وابتزازهم، بعد إسقاطهم في فخ الإدمان: «هناك حالات إدمان لشبان عن طريق فتيات تلميذات في مؤسسات تعليمية... كما أن هناك طفلا في الرابعة عشر من عمره وقع في فخ الإدمان واقتنى أقراصا ولم يجد ما يؤديه للمروج، الذي «اقتصّ» منه باغتصابه مرتين متتاليتين»...
وقد وجه مجموعة من المواطنين وآباء وأولياء تلاميذ ثانويات وإعداديات مدينة وجدة رسالة مفتوحة تحمل أكثر من 250 توقيعا للمسؤولين في موضوع «الدعوة إلى اتخاذ التدابير اللاّزمة للحفاظ على الصحة والأمن»، لوالي ولاية أمن وجدة ولكلّ من والي الجهة الشرقية ورئيس المجلس البلدي للجماعة الحضرية، بتاريخ 24 يونيو 2010، سجلت تحت رقم 12724، جاء فيها أن التلاميذ ومنهم القاصرون وذوو الاحتياجات الخاصة، يتعرضون لتحرشات واعتداءات وتحريض على تناول «القرقوبي» والمخدرات التي يتم ترويجها أمام المؤسسات التعليمية وداخل بعض المقاهي التي تستعمل القبو في الألعاب، والتي لا تتوفر على رخص صريحة وتتجاوز الأوقات القانونية، خلافا لكل المقتضيات القانونية المنظمة لقواعد الصحة والأمن...
الشريط الحدودي سوق للتهريب
يتوفر الشريط الحدودي المغربي الجزائري على العديد من المنافذ لا يمكن مراقبتها. وقد تميز هذا الشريط الحدودي المشترَك خلال قرون بأنشطة طبيعية، لكن هذا الشريط أصبح، خلال الثلاثين سنة الأخيرة، مصدرا للعديد من الأضرار والأخطار، منها التهريب، الذي أضر كثيرا بالاقتصاد الوطني، خاصة في الجهة الشرقية، والهجرة الإفريقية، التي «تُصدّرها» الجزائر إلى المغرب، بهدف خلق متاعب للمملكة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا...
وإذا كانت هذه الظواهر أقل ضررا نسبيا، فإن ترويج وتهريب وتصدير الأقراص المهلوسة تعد الآفة الأخطرَ والظاهرة القاتلة للشباب المغربي الذي أصبح يجد هذه الأقراص أو ما يصطلح عليه ب«القرقوبي» في المتناوَل...
وتعتبر الجزائر «الشقيقة»، دون منازع، المزود الرئيسي لمروجي الأقراص الطبية المهلوسة «القرقوبي» في مدينة وجدة، حيث تعد بعض النقط على الشريط الحدودي المغربي -الجزائري «سوقا» نشيطة لهذه «التجارة» القاتلة. وغالبا ما يأتي مروجون جزائريون محمَّلين ب«البضاعة» التي تتم مقايضتها بسلع أخرى مغربية أو يتم شراؤها. ومن الجزائريين المروجين لهذه المخدرات من يتجرأ و«يقتحم» الحدود ويتجول في المدينة، ومنهم من يقع في قبضة رجال الأمن.
وتقوم عناصر فرقة الأبحاث الثانية، التابعة لمصالح الشرطة القضائية في ولاية أمن مدينة وجدة، في إطار أنشطتها لمحاربة ظاهرة المخدرات، بإيقاف العديد من مروجي المخدرات شهريا، وقد نجحت في الحدّ من الاتجار فيها وترويجها في وجدة وفي مدن الجهة الشرقية خلال السنوات الأخيرة.
وقد أحالت عناصر المجموعة الثانية للأبحاث، التابعة لمصالح الشرطة القضائية في ولاية أمن وجدة، صباح يوم 7 يناير 2011، على المحكمة، ثلاثة أشخاص، من بينهم امرأة، بتُهم الحيازة والاتجار في الأدوية المهربة والمشاركة، علما أن الموقوفين يشتغلون لحساب مزود واحد تم التعرف على هويته، حيث تم تحرير مذكرة بحث قي حقّه، فيما تم تسليم المحجوزات من الأدوية المهربة من الجزائر.
وقد سجلت مصالح الأمن الولائي في وجدة في سنة 2009، في إطار حملاتها المتعلقة بمكافحة التهريب، 382 قضية، تورط فيها 235 شخصا تمت إحالتهم على العدالة، كما تم حجز 78 سيارة و46 دراجة نارية معدة لنقل مختلف البضائع والسلع المهربة..
وقد تمكنت العناصر ذاتها من حجز حوالي 64 طنا من الوقود المهرب من الجزائر، و2121 من قنينات المشروبات الكحولية، إضافة إلى 2600 من الأدوية المهربة من الجزائر و11 ألفا و58 علبة من مختلف أنواع السجائر، و1200 من الولاعات، فضلا على كميات كبيرة من المواد الغذائية وقطع غيار السيارات والدراجات النارية والملابس. كما سجلت المصالح الأمنية الولائية في وجدة، خلال سنة 2009، في مجال مكافحة حيازة والاتجار وترويج المخدرات 475 قضية أحيل إثرها على العدالة 347 متورطا. وتمكنت المصالح ذاتها من حجز 33 كيلوغراما من الشيرا و81 كيلوغراما من القنب الهندي و1150 قرصا مهلوسا و21 غراما من الكوكايين، إضافة إلى 5 سيارات و21 دراجة نارية استُعمِلت في هذا النشاط المحظور.
ومن جهتها، ساهمت مختلف مصالح المنطقة الأمنية في الناظور، منذ أكتوبر 2009، في حجز ما يقارب 99 كيلوغراما من المخدرات و30 كيلوغراما من المخدرات السائلة، موزعة بين مخدر الكيف وطابا، وحجز كمية مهمة من الكوكايين والهيروين وأقراص الهلوسة، إضافة إلى حجز أزيد من 29 سيارة كانت في وضعية غير قانونية.
مختلون عقليا في الشوارع
عبّرت أسر تضم بين أفرادها مصابين بأحد الأمراض العقلية والنفسية عن استيائها وامتعاضها وتخوفاتها بعد إغلاق مستشفى الرازي، بسبب الإصلاحات الجذرية التي تعرفها هذه المؤسسة الصحية في مدينة وجدة، دون البحث عن بديل مؤقت يستقبل هؤلاء المرضى الذين هم في حاجة إلى عناية خاصة ومستعجَلة ومراقبة لصيقة ومتابعة طبية متواصلة، يشكل بعضهم خطرا على نفسه وعلى محيطه من عائلته ومن المواطنين.
وقد تم تسريح أو تحرير هؤلاء النزلاء «الفاقدين للتوازن العقلي والنفسي والمختلين عقليا»، منهم من استقبلته أسرته ومنهم من تاه في الشوارع، ولم يحتفظ المستشفى إلا ببعض النزلاء المحكومين في قضايا جنائية داخل أحد الأجنحة المحروسة، التابعة لمستشفى الفارابي في وجدة، مع العلم أن مستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية يعد المؤسسةَ الوحيدة لعلاج هذه الأمراض في الجهة الشرقية، التي تضم سبعة أقاليم ويتجاوز عدد سكانها المليوني نسمة ويستقبل جميع مرضاهم، الأمر الذي يعني أن هناك العشرات من طلبات الاستشفاء التي ترد على المستشفى من لدن الأطباء الأخصائيين وعائلات المرضى.
ويجد الطبيب الأخصائي في هذه الأمراض، والذي يزوره المرضى، نفسَه، الآن، بعد إغلاق مستشفى الفارابي في وجدة، في حيرة من أمره، إذ يضطر إلى توجيههم إلى مستشفيات أخرى في المملكة، أقربها مستشفى الأمراض العقلية في مدينة تازة، على بعد 220 كيلومترا من مدينة وجدة، أو مستشفى الحسيمة، على بعد 300 كيلومترا من مدينة وجدة، ومن لديهم إمكانيات مادية يتوجهون إلى مستشفى مدينة سلا، على بعد 540 كيلومترا من مدينة وجدة. «لكنْ، غالبا ما لا يجد مكانا وسريرا هناك ولا يتم قبوله، بسبب الضغط الذي توجد عليه تلك المستشفيات، كما أن هناك حالات استعجالية لا تتطلب الانتظار، وبالتالي الحكم على المريض بالبقاء خارج المستشفى، الأمر الذي يسيء إلى حالته الصحية ووضعية العائلة أو الأسرة»، يقول طبيب أخصائي، محذرا من هذا الوضع الشاذ، الذي يتطلب تكاثف جهود الجميع لتجاوزه.


مجلس الجماعة الحضرية لوجدة في مهبّ الريح
أغرب ما يمكن الإشارة إليه في هذا المجلس هو تحول عضوية المستشار إلى «حرفة» يمتهنها أغلب مستشاري هذه البلدية ويعتبرونها وظيفة «مربحة» على جميع المستويات، إلا خدمة المواطن الذي منحهم صوتهم، بطريقة أو بأخرى، إنْ على مستوى الاستفادة من امتيازات أو الحفاظ عليها بعد اكتسابها أو اتباع طرق متنوعة وغير قانونية للاغتناء السريع، ومنهم من «شاخ» في المجلس وما زال «يقاوم» من أجل البقاء إلى أن يرث الله المجلس ومن فيه...
عرف المجلس البلدي للجماعة الحضرية لمدينة وجدة منذ تشكيله، عبر «عملية قيصرية» وتحالف هجين، بعد انتخابات 12 يونيو 2009، والذي أفرز، بعد تحالف بين الاستقلال و«البام» والحركة الشعبية والأحرار ضد العدالة والتنمية، عمر حجيرة، وكيل حزب الاستقلال، رئيسا ولخضر حدوش، وكيل حزب «البام» آنذاك، نائبا له، قبل أن يدخل في مواجهة معه ويفكك التحالف ويعيش المجلس على إيقاعات خطيرة «عصفت» بأغلب الجلسات، بين معارضة تحولت إلى أغلبية وأغلبية تحولت إلى أقلية.. أذاقت فيها العدالة والتنمية الأمرين للرئيس ولحلفائه، إلى درجة أن السلطات المختصة كادت «تتدخل» خلال آخر جلسات دورة يوليوز الماضي.
وقد استعاد تحالف مجلس الجماعة الحضرية لمدينة وجدة أغلبيته واصطفّ الغاضبون على الرئاسة، الغائبون عن الجلسات السابقة إلى جانبها، مرة أخرى، بعد طرد حزب «البام» لخضر حدوش وعودة هذا الأخير إلى الحركة الشعبية وقبوله بتجديد الدعم لرئيسه في المجلس. وتنفس عمر حجيرة، رئيس المجلس، الصعداء، وتمكن خلال الجلسة الأولى لدورة أكتوبر الماضي، والتي دامت قرابة ثمان ساعات، من المصادقة على 12 نقطة من أصل 13، المتضمنة في جدول الأعمال النهائي الخاص بالدورة العادية لشهر أكتوبر 2010، وعلى رأسها النقطة الأولى، المتعلقة بالمصادقة على مشروع الميزانية برسم السنة المالية 2011، والثانية، المتعلقة بالدراسة والمصادقة على إجراء تحويلات في بعض فصول ميزانية التسيير والتجهيز والحسابات الخصوصية.
ومما أثار استغراب أغلبية المستشارين، خاصة المعارضة والمواطنين، عملية تفويت استغلال ملك خاص لفائدة شركة مطاعم «ماكدونالدز» خلال فترة رئيس المجلس السابق والوالي السابق لولاية الجهة الشرقية، والتي وقع لخضر حدوش على اتفاقية تفويت البقعة بثمن رمزي، في صفقة شابتها خروقات، دون اللجوء إلى مناقشتها، حيث عللها بالصبغة الاستعجالية، إذ يتعذر عقد دورة استثنائية للبت في الطلب الذي تزامن مع الحملة الانتخابية الجارية لاقتراع 12 يونيو 2009، كما قام عمر حجيرة، الرئيس الحالي، بالتأشير على رخصة البناء يوم 15 يناير 2010، بعد نهاية أشغال البناء وبعد فتح المطعم يوم 05 يناير 2010، دون اللجوء كذلك إلى مناقشتها في جلسة للجماعة الحضرية، معللا ذلك برغبته في عدم عرقلة الاستثمارات وبعد تكوين ملف قانوني وأداء واجبات الجماعة، كما تمت الإشارة إلى أن إشكالية أخرى جدّت في الملف، بظهور ورثة القطعة الأرضية التي حازتها البلدية وقام الورثة بالتعرض في شأنها...
ومما يثير الاستغراب داخل ردهات هذا المجلس الهجين كذلك وضعية «حي البكاي» بأكمله، والذي أدرجته مؤسسة محمد الخامس للتضامن ضمن 22 حيا مداريا في مدينة وجدة، لتستفيد من التجهيزات وإعادة الهيكلة، في إطار القضاء على البناء العشوائي ومحاربة الهشاشة... هذا الحي الذي يعيش وضعية صادمة وغير مسبوقة، حيث إنه في الوقت الذي يطالب هؤلاء السكان بمنحهم رخص البناء لمباشرة إقامة منازلهم بعد اقتنائهم بقعا أرضية أو إتمامها وشروعهم في الأشغال، تمّ توقيفها، رغم أن العديد منهم سبق لهم أن شيدوا منازلهم أو نصفها.. بعد كل ذلك، ترفض المصالح البلدية منح تراخيص البناء للعديد من سكان هذا الحي، في الوقت الذي ترفع الدولة شعارات «مدن بدون صفيح» أو «القضاء على البناء العشوائي» أو «محاربة دور القصدير»... وبذلك تشجع على البناء العشوائي السري، بطريقة أو بأخرى.
وقد نفذ السكان المتضررون عدة وقفات احتجاجية وتم استقبالهم من طرف المسؤولين في البلدية يوم 27 أبريل 2010، وتم توجيههم إلى وكيل الملك، بحجة أن هناك تعرضا قدّمه أحد مالكي الأراضي من الورثة، رغم أنه قام ببيع العديد من البقع الأرضية. وقد حُكم على أحد السكان، خلال شهر رمضان الماضي، بثلاثة أشهر حبسا نافذة، بتهمة سبّ رجل سلطة، بعد أن ضبطه منهمكا في عملية بناء بدون رخصة، وهي العملية التي باشرها بعد نفاذ صبره واستنفاده كلّ مساعيه والإجراءات التي قد تمنحه عملية بناء قانونية.


مشاريع ضخمة في طور الإنجاز
من المشاريع الضخمة التي تشهدها المدينة الألفية برنامج التأهيل والتجديد الحضري لمدينة وجدة، برسم سنة 2010، بغلاف مالي إجمالي يفوق 514 مليون درهم. وتتوزع هذه المشاريع على خمسة محاور رئيسية، هي تعزيز البنيات التحتية، بكلفة 217 مليون درهم، وتطوير المرافق الثقافية والرياضية، رصد لها مبلغ 36 مليون درهم، وتحسين ظروف السكن، بمبلغ 151 مليون درهم، ورد الاعتبار للمدينة العتيقة، بكلفة 90 مليون درهم، والتجديد الحضري، بمبلغ 20 مليون درهم، وساحة «زيري بن عطية»، التي بلغ الغلاف المالي الذي رصد لتهيئتها 19 مليون درهم.
ويشمل محور البنيات التحتية تهيئة شوارع (الحسن الثاني ومغنية وعلال بن عبد الله ويوسف بن تاشفين) والشوارع المحيطة بالمدينة العتيقة وتهيئة ساحات (3 مارس والقدس، في الحي الحسني، والجوهرة والشريف الإدريسي) وكذا تهيئة خمس مساحات خضراء وإنجاز شطر جديد من أشغال تقوية الشبكة الطرقية، فضلا على توسيع شبكات الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل.
ويهم محور تطوير المرافق الثقافية والرياضية بناء المسرح البلدي وإحداث ثلاثة مراكز رياضية للقرب، فيما يشمل محور تحسين ظروف السكن إنجاز شطر جديد من برامج السكن منخفض التكلفة وإنجاز شطر من البرنامج العام للإدماج الحضري والاقتصادي والاجتماعي ل22 حيا ناقصة التجهيز في المدينة.
أما محور رد الاعتبار للمدينة العتيقة فيتضمن تهيئة ساحة باب سيدي عبد الوهاب وبناء 519 محلا تجاريا وإنجاز المحاور الطرقية المحيطة بالباب وتهيئة ساحته العمومية، على مساحة 2.7 هكتار، وإعادة بناء شطر من السور القديم وإنجاز الشطر الثاني من مشروع سوق الخضر والفواكه، الذي يضم 95 محلا تجاريا.
وتتوزع الاعتمادات المالية ما بين مليار و678 مليون درهم لمحور البنيات التحتية (تهيئة الشوارع ومداخل المدينة والساحات العمومية وتقوية شبكات الماء والكهرباء والتطهير السائل وإحداث محطة تصفية المياه العادمة) و425 مليون درهم لمحور تحسين ظروف السكن (إعادة إسكان قاطني دور الصفيح والدور المهددة بالانهيار وبرامج السكن منخفض التكلفة وإعادة هيكلة الأحياء ناقصة التجهيز) و242 مليون درهم لمحور البيئة (إحداث مركز لتحويل النفايات الصلبة وتأهيل المطرح العمومي السابق وتهيئة واحة سيدي يحيى) و99 مليون درهم لمحور المرافق الثقافية والرياضية (بناء المركب الثقافي البلدي وأروقة الفنون وقاعة مغطاة للرياضات والمسبح البلدي والملعب البلدي، ملعب الريكبي وملعب ألعاب القوى والملعب الشرفي) و65 مليون درهم لمحور رد الاعتبار للمدينة العتيقة (ترميم شبكة التطهير والطرقات وتدعيم البنايات المهددة بالسقوط وإعادة بناء الأسوار التاريخية وتهيئة الممرات الرئيسية وإنجاز الشطر الأول من سوق الخضر والفواكه).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.