على الرغم من أن النمو الاقتصادي القوي للناتج المحلي الإجمالي (3 في المائة) في النصف الاول من السنة الجارية ، وهو رقم أعلى من المتوسط الأوروبي ، فإن اسبانيا تمر منذ أكثر من ثمانية أشهر من أزمة سياسة غير مسبوقة أدت بها ، من بين أمور أخرى، الى أن تبدأ موسما سياسيا بحكومة تصريف الأعمال . هذا المأزق ، الذي دام أكثر من اللازم ، أعطى لهذا الموسم السياسي طابعا خاصا يتمثل في كون الجهاز التنفيذي الذي يكتفي بتصريف الاعمال ، غير قادر على مواصلة الإصلاحات التي بدأها والتي أخرجت إسبانيا سنة 2013 من أزمة اقتصادية حادة . كما أن حكومة المحافظ ماريانو راخوي، التي سوف تبدأ موسم الخريف المقبل بدون أي ملف كبير على الطاولة ، تواجه مشاكل كبيرة وانعكاسات مباشرة بسبب غياب حكومة تحظى بتأييد مجلس النواب. وفي الواقع، لقد اعترف وزير الاقتصاد في الحكومة الإسبانية المنتهية ولايتها لويس دي غيندوس أنه في ظل عدم وجود حكومة، فإنه يكاد يكون من المستحيل أن يتم إعداد قانون المالية لعام 2017 في الوقت المحدد. وفي تصريحات للصحافة خلال مشاركته في قمة مجموعة ال20 التي اختتمت أشغالها أمس بالصين ، قال دي غيندوس إنه أبلغ المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، بيير موسكوفيتشي بهذه الوضعية. وقد أدى الفشل في تشكيل حكومة جديدة بوكالات التصنيف العالمية مثل موديز الى التحذير من أن حالة عدم اليقين السياسي، التي تفاقمت بعد فشل راخوي للمرة الثانية في الحصول على ثقة البرلمان، تزيد من المخاطر الاقتصادية والضريبية بالنسبة لإسبانيا. وقالت الوكالة " إن التكاليف الاقتصادية والمالية للفراغ السياسي في اسبانيا هي في تزايد مستمر، ويتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي و ان تنخفض العائدات الضريبية في عام 2017"، . وبدلا من بدء العام الجديد تحت شعار الاستمرارية، فإن حكومة الحزب الشعبي (يمين) تجد نفسها مقيدة وعاجزة عن ممارسة كامل صلاحياتها. كما ان فشل ماريانو راخوي لمرتين خلال الاسبوع الماضي ، في الحصول على ثقة البرلمان ، يمدد الجمود السياسي الذي يدوم منذ أكثر من ثمانية أشهر في اسبانيا ، مما قد يؤدي الى الاعلان عن تنظيم انتخابات ثالثة في غضون سنة واحدة . ويمنح الدستور الإسباني للأطراف السياسية مدة شهرين في حال فشل تنصيب رئيس جديد للحكومة. وإذا ما انتهت هذه المدة دون ذلك ، فإن ملك إسبانيا سيعلن عن حل مجلسي البرلمان وإجراء انتخابات جديدة. ولم تفرز الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 20 دجنبر الماضي أغلبية برلمانية بإمكانها تشكيل حكومة. وبعد ستة أشهر، أجريت انتخابات جديدة في 26 يونيو ، وكانت النتيجة متطابقة تقريبا.. وقد قرر الملك فيليبي السادس أمس الاثنين "عدم إطلاق مشاورات جديدة في الوقت الحالي ، مع ممثلي المجموعات السياسية في البرلمان، حتى تتمكن الأطراف من اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة وفقا للمادة 99 من الدستور ". وهذا يعني أن العاهل الإسباني يريد إعطاء المزيد من الوقت للأحزاب على أمل أن يتم إبرام اتفاقات تجنب الاسبان الذهاب إلى صناديق الاقتراع للمرة الثالثة خلال عام واحد. *و م ع