تعتبر تشكيلة الحكومة الإسبانية الجديدة، التي أعلن عنها رئيس الحكومة ماريانو راخوي مساء الأربعاء 21 دجنبر الجاري، أصغر حكومة في تاريخ الديمقراطية الإسبانية. ولا تضم الحكومة الجديدة، التي قدمها راخوي للعاهل الإسباني الملك خوان كارلوس قبل الإعلان عنها بقصر لامونكلوا (مقر رئاسة الحكومة الإسبانية)، سوى 13 من الوزراء، من بينهم تسعة وزراء وأربعة وزيرات. وتواجه إسبانيا منذ سنة 2008 أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة تسببت في ارتفاع معدلات البطالة بشكل مهول بعد أن تجاوزت حاليا خمسة ملايين و400 ألف عاطل، وهو ما يشكل أزيد من 21 في المئة من اليد العاملة، فيما ارتفعت هذه النسبة في صفوف الشباب إلى حوالي 45 في المئة. وتضم الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى عدد من البرلمانيين بالحزب الشعبي الذين اشتغلوا مع زعيم الحزب الشعبي اليميني خلال الأربع سنوات الماضية ويحظون بثقته، عددا من الوزراء الذين سبق أن عملوا كوزراء أو كتاب الدولة بجانب رئيس الحكومة السابق خوسي ماريا أثنار، بالإضافة إلى وزراء تقنيين مقربين من الحزب الشعبي. لكن الحكومة الجديدة للحزب الشعبي وضعت حدا للمساواة التي اعتمدها الرئيس الأسبق للحكومة خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو خلال الحكومة السابقة التي كانت تضم 15 من الوزراء من بينهم سبع وزيرات. كما أن ماريانو راخوي قرر دمج عدد من الوزارات من بينها وزارات الثقافة والبحث العلمي والمساواة، فضلا عن حذف وزارة الصيد البحري. من جهة أخرى، تم تقسيم وزارة الاقتصاد والمالية إلى وزارتين، تتكلف الأولى بالاقتصاد والتنافسية سيتولى مهامها لويس دي غيندوس، ووزارة الخزينة والإدارات العمومية التي سيتولى مهامها كريسطوبال مونطورو، وذلك في محاولة للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إسبانيا بسبب ارتفاع المديونية التي بلغت أزيد من 65 في المئة من الناتج الداخلي الخام للبلاد. لكن يلاحظ أن جميع الوزراء الذين تم تعيينهم في الحكومة الجديدة يتوفرون على شهادات جامعية في التخصصات المرتبطة بالاقتصاد والقانون. وكان رئيس الحزب الشعبي الإسباني ماريانو راخوي أدى أمس اليمين الدستورية، أمام العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس، كرئيس جديد للحكومة الإسبانية. وبذلك شرع رئيس الحكومة المنتخب في ممارسة مهامه بشكل رسمي بعد أداء اليمين الدستورية بقصر لاثارثويلا بمدريد أمام ملك إسبانيا وقرينته الملكة صوفيا، بحضور رئيسي مجلسي النواب والشيوخ وخوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو رئيس الحكومة المنتهية ولايتها وعدة شخصيات أخرى. ومن المنتظر أن تعقد الحكومة الإسبانية الجديدة أول مجلس لها يوم غد الجمعة. لكن المحللين السياسيين يعتقدون بأن الاجتماع القادم للحكومة لن يعلن عن الإجراءات التقشفية التي سبق أن لمح إليها رئيس الحكومة الجديد خلال تنصيبه أمام مجلس النواب الإسباني. وكان مجلس النواب الإسباني صادق على تنصيب زعيم الحزب الشعبي اليميني رئيسا للحكومة الإسبانية بأغلبية مطلقة. وأعلن رئيس مجلس النواب الإسباني، خيسوس بوسادا، عن تنصيب زعيم الحزب الشعبي اليميني ماريانو راخوي (56 سنة) رئيسا للحكومة الإسبانية بأغلبية مطلقة بعد أن حظي بموافقة 187 نائبا من مجموع 350 من أعضاء مجلس النواب فيما عارضه 149 نائبا في الوقت الذي امتنع 14 نائبا عن التصويت. يذكر أن ماريانو راخوي كان أعلن خلال جلسات التنصيب بمجلس النواب الإسباني التي تواصلت لمدة يومين أنه سيعمل على تخفيض العجز في الميزانية خلال سنة 2012 بما قيمته 5ر16 مليار أورو والنهوض بالنمو الاقتصادي فضلا عن وضع حد "لنزيف البطالة" التي بلغت 23 في المئة من السكان النشيطين (أزيد من خمسة ملايين عاطل). وكانت الانتخابات التشريعية التي شهدتها إسبانيا يوم 20 نونبر الماضي قد أعادت الحزب الشعبي اليميني إلى سدة الحكم بعد أزيد من سبع سنوات من حكم الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني. وقد مني الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني بزعامة أمينه العام خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو الذي تولى رئاسة الحكومة الإسبانية لولايتين متتاليتين ما بين سنتي 2004 و2011 بهزيمة تاريخية أمام الحزب الشعبي بزعامة ماريانو راخوي الذي سيترأس الحكومة المقبلة. وتمكن الحزب الشعبي الذي فاز خلال هذه الانتخابات بأغلبية مطلقة من الحصول على أحسن نتيجة منذ إجراء الانتخابات التشريعية لسنة 1977. فقد فاز الحزب الشعبي، خلال هذه الانتخابات التشريعية، ب`186 مقعدا بمجلس النواب وذلك بحصوله على أزيد من عشرة ملايين و800 ألف صوت مقابل حصول الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني على 111 مقعدا وأزيد من سبعة ملايين صوت مقابل 11 مليون و289 ألف و335 صوت حصل عليها خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت سنة 2008. وقد شكل هذا الاستحقاق محطة حاسمة في إطار مسلسل التحول السياسي في إسبانيا الذي انطلق في ماي الماضي، خلال إجراء الانتخابات المحلية والجهوية تمكن خلالها الحزب الشعبي (اليميني) من تحقيق انتصار ساحق على حساب الحزب العمالي الاشتراكي الإسباني الحاكم. وكان خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو الأمين العام للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني الحاكم، عزا هذه "النتيجة السلبية" التي حصدها حزبه خلال الانتخابات البلدية والجهوية، وسط أجواء حركة احتجاجية واسعة للمطالبة ب`"ديموقراطية حقيقية"، إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها إسبانيا منذ سنة 2008، مذكرا بالتدابير التقشفية الصعبة التي اتخذتها الحكومة الاشتراكية من أجل التغلب على هذه الأزمة وإنعاش الاقتصاد الوطني. وكانت شعبية الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني شهدت تراجعا كبيرا بسبب الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة الاشتراكية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ سنة 2008، ما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة بشكل مهول بعد أن اقتربت من خمسة ملايين عاطل بنسبة بلغت حوالي 21 في المئة من اليد العاملة فيما ارتفعت هذه النسبة في صفوف الشباب إلى حوالي 45 في المئة.