الاحتفال بعيد الفطر يكاد تتشابه تقاليده في مختلف المدن المغربية، إلا أن دائما هناك شيء أو أشياء تميز كل مدينة عن أخرى لا يلاحظها إلى أبناء المدينة، خاصة إذا كانت هذه المدينة ذات تاريخ عريق وبحضارة كان له شأن كبير، مثلما هو الحال مع مدينة تطوان ذات الجذور التاريخية الاندلسية. الكاتب والمؤرخ أبو العباس أحمد الرهوني ابن تطوان، استعرض احتفالية ساكنة تطوان بعيد الفطر، أواخر القرن 19م و بدايات القرن 20م، ضمن الفصل الثالث عشر، المسمى "في عادات أهل تطوان" ، خلال الجزء الأول من كتابه "عمدة الراوين في تاريخ تطاوين". ويعد هذا الكتاب، موسوعة شاملة تلامس بأجزائها العشرة، مختلف مظاهر مدينة تطوان التاريخية والحضارية، وتتطرق لمختلف المواضيع وأدقها مثل ديموغرافية المدينة وتنظيمها المعماري، نظامها الإداري، اقتصادها، وطبقاتها الاجتماعية، إضافة إلى لغة سكانها وأخلاقهم وعاداتهم، فضلا عن كونها ترجمة ذاتية للمؤلف ولشيوخه. حيث وصف أحمد الرهوني "العيد الصغير"، كما تسميه ساكنة تطاوين، بكون تحضيراته وطقوسه تبدأ مع انتصاف شهر رمضان المبارك، إذ يشرع كل منزل في جمع ما أمكنه من الدقيق الخالص، إضافة إلى السمن والعسل وماء الورد فضلا عن اللوز والسكر، هذه المستلزمات، تقوم نساء تطوان بصنع عدة أصناف من الحلويات التقليدية منها، كالفقاقيص، تتوش والبروك وغيرها، من ثم يتم إهداء القليل منها للأهل والأحباب، ويحتفظ بالباقي من أجل العيد. "الله أكبر- الله أكبر- لا إله إلا الله- الله أكبر- ولله الحمد على ما هدانا اللهم اجعلنا من الشاكرين"، يتناوب على ترديدها المقبلون على المصلى صباح العيد، بعد تأديتهم "الفطرة"، أي زكاة الفطر، وذلك في انتظارهم لقدوم الإمام والهيئة الحاكمة، التي تخرج بدورها، يؤرخ الكاتب، مرفقة بموسيقاها وأبواقها، بالإضافة إلى القاضي وخلفه العدول، تلك الموسيقى والأبواق لا تثنيهم، حسب الكاتب من ترديد الذكر الذي يصدح به عامة الناس، إلى أن يحين وقت الصلاة و الخطبتان. بعد الفراغ من ذلك، يتصافح الناس فيما بينهم طالبين المغفرة من الله، وتسمى "المغافرة"، ليتوجه كل إلى منزله، ليتم استقبالهم من ذويهم المتزينين بأجمل ما وجد عندهم من ملابس وحلي احتفاء بالعيد، ب"البريد" وهو شراب مركب من خبز يابس يمزج في سوائل حلوة المذاق، إضافة إلى حلويات أخرى. كما أضاف أحمد الرهوني في كتابه واصفا أن الأحبة والأقارب يتزاورون فيما بينهم لما يقارب الثمانية أيام متتالية، لا عمل فيها و لا تجارة، إلى أن يعود الجميع إلى عمله وحياته الإعتيادية. *صحافي متدرب