الليلة الماضية سمعنا رجالا وأطفال يصلون من أجل نزول المطر، بدا ذلك كالغناء، وجميع الضفادع في الحديقة شاركت فيه، كما لو أنها أيضا توقعت نزول المطر. سألت حينها مغربيا عن معنى ذلك، وكل ماقاله هو "سوي سوي" « Suisu » (1) ما يعني "بعد حين"، واليوم بالفعل نزل المطر !. مجرى الوادي (2) سريع وعميق لدرجة أن الناس لا يستطيعون عبوره حتى على البغال، وعليهم أن ينتظروا لساعات على الضفاف حتى يتراجع منسوب المياه. في أخر مرة كان على هذا النحو، حاول حمار مسكين عبوره فجرفه التيار إلى الشاطئ (3) ثم غرق. المغاربة غير ودودين مع حميرهم، يجعلونهم يحملون أحمالا ثقيلة، ويتركونهم طوال اليوم متسخين بالوحل ومبللين. لا أعرف إن كانوا يعلمون أن الحمير يمكنها أن تحس وبالألم، لقد رأيتهم مرارا يضربون رؤسهم بعصي كبيرة عندما تتعب وبالكاد تستطيع التحرك، وليس من المستغرب هنا أن ترى حمارا قد أزيل عنه حمله وترك ليموت على جنب الطريق. ولا يبدو أن المغاربة يطعمونهم، اذ تضطر الحمير لتأكل من أكوام القمامة المنتشرة في الازقة، وإنه ربما لمن الجيد أن تأكل من القمامة رفقة الكلاب مادام لا توجد هنا عربات لنقل النفايات، رغم أنها تجهد نفسها كثيرا بحثا في تلك الأكوام. أحيانا خرقا بالية تكون على شاكلة أكوام النفايات في الأزقة، يتضح فيما بعد أنها ليست سوى رجالا مكومين ونائمين نومة القيلولة، وستكون أسفا على نفسك لو تعثرت في أحدهم. الازهار تنمو رائعة هنا، رأينا نبات "قدم الارنب" ينمو على شجر الفلين، ونبات "كزبرة البئر" ينمو تحت الاحجار، وأزهار بيضاء كبيرة ورائعة تسمى "جوميستوس" تنمو في مرتفعات الغابة. لا أحب حليب المعز كل يوم، فهذا كل ما نحصل عليه أحيانا. جربت حليب الخرفان في يوم أخر لكنه كان أسوأ. رأيت الخرفان وهي تُحلب ورؤوسهم مربوطة في صفين. الناس هنا يحلبون معزهم خارج بيوتهم، وكم من الرائع بعد ذلك أن ترى تلك المعز وهي تساق إلى الجبل، إلتقيناهم مرارا وهم متجهون إلى المرعى. يتبع... .............................................................................. 1 – نعتقد أن المقصود كلمة "استسقاء" وصاحبة الرسائل التقطتها "Suisui". 2 – "واد ليهود" غرب طنجة. 3 – شاطئ مرقالة.