لاحقا. نحن نقف الان (يا عمي) فوق الجبل الذي يطل على الشاطئ (1)، المنظر جميل من الاعلى. أشجار الأوكاليبتوس وحواجز نبات الصبار وحدها تجعلني أحس بأنني بعيدة جدا عن الوطن، رغم معرفتي بأن ساعتين فقط على متن باخرة عبر المضيق يوجد جبل طارق حيث الجنود الانجليز والشرطة، وبأني بعيدة عن الوطن بأربعة أيام فقط. كنت ستضحك علي لو شاهدتني أعبر الوادي (2) على حمار. سمعت امرأة كانت رفقتنا تصرخ "النجدة" وعندما نظرت حولي رأيت حمارا يتدحرج في الماء، ثم تمكن رجلا مغربيا كان في الجوار من امساكه في الوقت المناسب. الجميع يجب عليه أن يقطع هذا الوادي للصعود إلى البلدة، فالجسرالوحيد قد انكسر، والمغاربة الكسالى لن يبنوا واحدا اخر. يجب أن نرسل أحدا لجلب رسائلنا من مكتب البريد، وهنا أي واحد يمتلك المفتاح يمكنه أن يخرج الرسائل من الصندوق الموجود بالحائط الخارجي. أنزل تقريبا كل يوم إلى الوادي. إنه لمن الممتع أن ترى الرجال يخلعون نعالهم ويشمرون الجزء السفلي من لباسهم الطويل (3) ثم يدسونهما تحت إبطهم، ويطلقون بعض الاصوات عندما ترشهم الحمير بالماء. أحيانا أفواجا كاملة من المعز والبقر تعبر الوادي، ونساء وأطفال يحملون الحطب والفحم، في طريقهم إلى السوق، يمشون بأحمالهم واحدا وراء الأخر. آخر العابرين - لعله الأكبر فيهم- يعبر الوادي حاملا رزمة صغيرة من الحطب طولها بمثل حجمه تقريبا (4). إنها تمطر هنا !. (5) يتبع... ----------------------- 1 – شاطئ مرقالة. 2 – الوادي الذي يعرف باسم "واد ليهود". 3 – الجلابة. 4 – كان أهل القرى والبوادي المجاورة لطنجة يعبرون "واد ليهود" كل اسبوع للتسوق وبيع منتوجاتهم. 5 – وكأن المطر يسقط في انجلترا فقط !