يطمح الزوجين منذ بداية حياتهما العائلية التشارك في جميع جوانب الحياة، غير أن تربية الأولاد تظل الهاجس الأكبر الذي يشغل تفكيرهما فممارسة الأمومة قد تصطدم بتدخل الحماة في التربية وسعيها للإنفراد بقيادة السفينة. يعاني الكثير من الأولياء ممن تدفعهم ظروفهم للعيش وسط العائلة الكبيرة، وهي التي يصطلح عليها علماء الاجتماع "العائلة النووية"، من تدخل أفرادها في تربية الأبناء وبالأخص الجدات فهن يمارسن سلطة الرقابة على الأمهات ولا يتوانين في تقديم التعليمات والنصائح حول طرق العناية بالطفل وتنشئته، وهو ما يفقد الأم الراحة وإحساسها بالأمومة ومكانتها داخل أسرتها، مما يرفع عصبيتها في التعامل مع طفلها والمحيطين بها، وما يزيد الطين بلة هو الحماية المستمرة التي تقدمها الجدة للطفل حتى وإن أخطأ، فتكون بذلك المخلص له من العقاب وهو ما ينعكس سلبا على تربية وشخصية الأطفال في المستقبل، ويظهر جليا في سلوكاتهم. تحكي إحدى السيدات أم لطفلين يتراوح سنهما مابين 8 و5 سنوات في رسالتها، أنها تقيم في المنزل العائلي مع حمويها وأشقاء وشقيقات زوجها، ولأن الولدين هما الحفيدين الأولين في الأسرة، دللهم الجميع فكل ما يطلبونه يلبى فورا، ناهيك عن اللعب بالهواتف النقالة والألواح الالكترونية، وعندما تحاول منعهما أو معاقبتهما تقوم حرب ضدها، فتصبح عدوتهما اللذوذة والكل يخاصمها، ومع أنها تعلم بأن أبنائها لا يتلقيان تربية سليمة ويواجهان مشاكل عديدة في المدرسة والقسم التحضيري لذا ترى أن الحل الوحيد يكمن في الإقامة بعيدا عن أهل زوجها. وحول الموضوع، ترى المختصة في علم النفس وردة بوقاسي، أن التأثير يكون حسب ما تعطيه الجدات من تربية وقيم صحيحة ويكون واضحا على طفل اليوم ورجل الغد، أي بقدر توازن الجدة وبعدها عن الاضطراب النفسي تكون التربية سليمة والعكس صحيح. خصوصا أن هذا الطفل في مرحلة نمو واكتساب، فإذا كان مثلا يعاني من صدمات نفسية أو غياب صورة الوالدين، فإنه يستطيع التعويض حتى سن المراهقة عن طريق إيجاد مثلا أعلى قد يكون الجدة، وواصلت المختصة بأن مجتمعنا العربي معروف بهذه الصورة والقيمة العليا التي تعطى للجدة، فهي بدورها تساعد في تربية أحفادها بكل التجارب والعقود التي تحولها إلى نصائح وربما كان الطفل يستمع لها أكثر. فمعظمهن في وقت مضى لم يرتدن الجامعات لكن تربيتهن كانت سليمة، وذلك ما يفسر أنهن عشن في حقبة زمنية لم تمسها سلبيات التطور التكنولوجي