طنجة مدينة فريدة عن باقي المدن ليس في جغرافيتها فقط، بل حتى في تاريخها، تاريخها العريق الذي ترك العديد من المعالم، وكل معلمة تتحدث عن حقبة معينة، لدرجة أن تجد نفسك تقف أمام معلمة تعود لفترة البرتغال، وعلى بعد خطوة أثر يعود إلى ما قبل مولد عيسى عليه السلام. ومن بين أزهى الحقب التي تميزت بها طنجة في العصر الحديث وكان لها فيها "همة وشان" لم تسبقها إليهما أي مدينة من قبل، هي الحقبة الدولية ما بين 1923م و 1956م، وهي الحقبة التي تفرض نفسها على المدينة بأكثر من معلمة. ومن بين المعالم البارزة لطنجة الدولية، الملعب البلدي، الذي حمل اسم مرشان لتواجده وسط حي مرشان الراقي الذي يعلو طنجة ويطل على البحر من عال، وكان افتتاحه بشكل رسمي في صيف سنة 1939م، وبالضبط في 24 يونيو من هذه السنة. هذا الملعب كان وراء بنائه مهندس اسباني يدعى "خوسي أوتشوا بينخوميا"، وكان يعمل رئيسا للأشغال العمومية لدى الادارة الدولية، وجاء بنائه حسب جريدة "اسبانيا" التي كانت تصدر في طنجة آنذاك، نتيجة لتزايد ممارسة الرياضة في المدينة، خاصة كرة القدم. بنى خوسي أوتشوا بينخوميا ملعب مرشان بطاقة استيعابية تصل إلى 2950 متفرج فقط في البداية، قبل أن يعرف بعد سنوات العديد من اشغال التوسيع مع تزايد أعدد الجماهير، حتى وصلت قدرته الاستيعابية الان إلى أزيد من 20 ألف متفرج. وكان يوم الافتتاح في 24 يونيو 1939م يوما مشهودا بالمدينة، فقد شارك في الافتتاح الرسمي لملعب مرشان العديد من الفرق الرياضية، أغلبها فرق الجمباز والالعاب البهلوانية، والعديد من الموسيقيين، بمشاركة 350 رياضي من مختلف الجنسيات. ومنذ افتتاحه شهد الملعب العديد من المباريات الهامة بين فرق مختلفة الجنسيات بطنجة، وفرق أخرى من سبتة، إضافة إلى مباريات فريق الاتحاد الرياضي الاسباني لطنجة الذي كان يلعب في القسم الثاني بالدوري الاسباني في الاربعينيات. وكان الملعب مسرحا للعديد من الفعاليات الرسمية والسياسية، خاصة بعد اقتراب الاستقلال وبزوغه سنة 1956م، قبل أن يتحول بشكل رسمي سنة 1983م إلى الملعب الرئيسي لفريق اتحاد طنجة الذي تأسس خلال هذه السنة بعد اندماج عدة فرق طنجاوية في فريق واحد سمي بالاتحاد. وفي ابريل 2011 بعد افتتاح ملعب طنجة الكبير، ملعب "ابن بطوطة"، صار ملعب مرشان ملعبا ثانويا لفريق اتحاد طنجة، يلعب فيه عندما تضطره الظروف إلى ذلك، وكان أخرها خلال الموسم الجاري، عندما اضطر الفريق العودة إلى أرضية ملعب مرشان بعد عقوبة من الاتحاد المغربي على جماهيره. اليوم لم يعد ملعب مرشان مسرحا لأبرز الاحداث الرياضية بمدينة طنجة، وليست له القدرة على ذلك أصلا، لكنه بالمقابل، لا يوجد أفضل منه معلمة في طنجة، تتحدث عن تاريخ الرياضة وعن الحقبة الدولية للمدينة.